أخبارنا المغربية
خلال الأشهر الأخيرة، انتشر فيروس (سارس-كوفي-2) المسبب لمرض كورونا الجديد (كوفيد-19) حول العالم بشكل سريع، ليقترب عدد الحالات من مليوني حالة خلال فترة قصيرة. بوجه عام، لا يمثل المرض خطورة كبيرة على الشباب أو الأطفال. لكنه، على الجانب الآخر، يظهر في صورة عنيفة وحادة قد تصل إلى الوفاة في كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة كأمراض السكري والقلب والسرطان.
لكن هناك بعض الفئات التي تثير التساؤل عن خطورة المرض وتأثيره عليها، وعلى رأس هذه الفئات تأتي الحوامل والأجنة، إذ لا نعرف على وجه التحديد هل يصيب المرض الحوامل بشكل أكبر؟ وهل يظهر في صورة أشد حدة؟ وهل يمكن أن ينتقل إلى الجنين؟ أو يتسبب في حدوث أي مشاكل كالإجهاض أو الولادة المبكرة أو تشوهات الأجنة؟ الإجابات عن هذه الأسئلة تؤثر بشكل كبير على الرعاية الصحية التي قد تتلقاها الحوامل. في هذا المقال نناقش الأدلة المتعلقة بهذا الموضوع طبقا للأبحاث المنشورة في هذا المجال.
* عوامل الخطورة في الحمل
كما يعلم الجميع، يرتبط حدوث الحمل بتغيرات طبيعية في الجسم بشكل عام، وفي جهاز المناعة بشكل خاص. هذه التغيرات تشمل زيادة عدد ضربات القلب، حجم الدم الذي يتم ضخه في الجسم، استهلاك الأكسجين، تقليل حجم الرئة، وكذلك تغيرات مناعية ليتكيف جسم الأم مع وجود جسم الطفل الغريب داخل جسدها أثناء الحمل. كل هذه العوامل تتسبب في زيادة احتمالات حدوث حالات شديدة من الأمراض التنفسية.
* الخطورة على الحامل وجنينها في الأوبئة السابقة
ليس كوفيد-19 هو الجائحة الأولى التي تنتشر في العالم، فقد سبقه العديد من الفيروسات التي تسببت في أمراض مشابهة.
- فيروسات خطرة على الأم فقط
على رأس هذه الأمراض يأتي فيروس سارس (الذي يتسبب في المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة)، فيروس ميرس (المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، وفيروس الإنفلونزا المعروف باسم H1N1.
في هذه الأمراض كانت السيدات الحوامل أكثر عرضة للإصابة بحالات مرضية أشد حدة، أدت إلى حدوث الوفيات بمعدلات أعلى من باقي السكان. لكن، لحسن الحظ، لم يثبت أن فيروسي سارس أو ميرس ينتقلان من الأم إلى الجنين.
- فيروسات تضر الجنين
في المقابل، ارتبط حدوث بعض الوبائيات الفيروسية السابقة مثل فيروس زيكا وإيبولا بنتائج سيئة بخصوص الحمل، حيث تم تأكيد انتقال هذه الفيروسات من الأم إلي الجنين، مما أدى إلى إصابته بالعدوى، ووفاته في بعض الأحيان. هناك أيضا مجموعة أخرى من الميكروبات التي قد تنتقل من الأم للجنين، وهي تشمل التوكسوبلازما، الحصبة الألمانية، الفيروس المضخم للخلايا، والهربس. في أغلب الأحوال ينتقل الفيروس من الأم إلى الجنين عن طريق دم الأم الذي يصل إلى مشيمة الجنين.
* ما هو وضع الحامل وجنينها بالنسبة لكورونا الجديد؟
لكن لا يمكن أن نقوم بتعميم هذه المعلومات على مرض كوفيد-19. لذا فنحن بحاجة إلى دراسات ومعلومات تنفي أو تثبت تشابه المرض مع سابقيه.
- دراسة على حوامل من الصين
في شهر فبراير/شباط الماضي قامت لجنة من منظمة الصحة العالمية بزيارة الصين، حيث تم فحص 147 حاملاً أصبن أو تم الاشتباه في إصابتهن بالمرض. تبين من الفحص أن 8% أصبن بأعراض شديدة، وأن 1% فقط تطور المرض لديهن إلى حالة حرجة. خلصت اللجنة إلى أن الحمل لا يرتبط باحتمالات أكبر لحدوث صورة شديدة من المرض.
- دراسة على حوامل من أميركا
إحدى الدراسات التي قامت أيضا بدراسة هذه النقطة أجراها باحثون أميركيون على الحوامل اللاتي أصبن بكوفيد-19 في إحدى المستشفيات. الدراسة شملت 43 سيدة مصابة بالفيروس أظهرت أن حوالى ثلث الحالات لم يكن يعانين من أي أعراض في البداية، وإن كانت الأعراض قد بدأت في الظهور في أغلب الحالات بعد ذلك.
إجمالا ظهرت أعراض بسيطة على 86% من المرضى، وفي المقابل أصيب 9% بأعراض شديدة، وعانت الباقيات من وضع طبي حرج. هذه النتائج تبدو شبيهة إلى حد كبير بالنتائج المنشورة عن الحالات المرضية في غير الحوامل (حيث تنقسم الحالات إلى 80 في المائة حالات بسيطة، 15 في المائة حالات حادة، والباقي يعانين من وضع طبي حرج).
- توصيات الدراسة
1. إجراء التحليل الخاص بالفيروس لكل السيدات الحوامل عند دخول المستشفى للوضع أو لأي شكوى أخرى خاصة في المناطق الموبوءة (التي ينتشر فيها الفيروس على نطاق واسع). سيساعد عمل التحليل على التعرف على المصابات اللاتي لا يعانين من أعراض، وهو ما سيسهل جهود مكافحة العدوى كالعزل. بالإضافة إلى ذلك، سيوفر التحليل إذا كان إيجابيا فرصة للاحتياط من أجل توفير رعاية أكبر للطفل الوليد.
2. نصح الباحثون كذلك بتقليل الزيارات للسيدات الحوامل، ووجوب التزامهن بشكل خاص بإجراءات الوقاية.
- دراسة صينية أخرى
بحث آخر قام بتحليل بيانات 38 سيدة أصبن بكوفيد-19 في الصين خلال الحمل، حيث أشار البحث إلى أنه على الرغم من إصابة بعض هؤلاء السيدات ببعض الأمراض المرتبطة بالحمل كارتفاع ضغط الدم، سكري الحمل، وتسمم الحمل، فإن الإصابة بمرض كوفيد-19 لم تؤد إلى حدوث أي وفيات بينهن. كما لم يثبت أن الفيروس قد انتقل من الأم إلي الجنين عبر الرحم.
خلصت الدراسة إلى أنه لا يوجد دليل حتى الآن على انتقال الفيروس عبر الرحم أو المشيمة، وهو الاستنتاج الذي يحتاج إلي مزيد من الدراسات لتأكيده.
- درسة صينية أخرى
لكن دراسة ثالثة قامت بفحص 17 سيدة في الصين أيضا أشارت إلى حدوث مضاعفات كالولادة المبكرة والالتهاب الرئوي في حديثي الولادة الذين ولدوا لسيدات أصبن بكوفيد-19.
لكن الباحثين لم يستطيعوا تأكيد أو نفي ارتباط هذه المضاعفات بعدوى المرض أو بأسباب أخرى.
وجدت الدراسة أيضا أن اثنين من حديثي الولادة أصيبوا بالفيروس، لكنهم أيضا لم يستطيعوا أن يجزموا بأن هذا قد حدث نتيجة انتقال الفيروس من الأم (حيث لم يتم فحص المشيمة في هاتين الحالتين).
* ماذا نفعل إذا؟
مرة أخرى، علينا أن لا نفزع، والأجراءات التالية البسيطة يمكنها أن تحميكِ وجنينك:
- إذا كنت حاملا اتبعي إجراءات الوقاية الطبيعية من الفيروس لحماية نفسك وحماية الجنين.
- استشيري طبيبك إذا كنت تعانين من أي مشاكل صحية.
- توجهي للمستشفى أو اطلبي المساعدة إذا حدث أي طارئ.