عبد الرحيم هريوى
عبر التاريخ السياسي للأحزاب التي تتبنى غطاءها الديني المحض ، فعادة ما تحمل كلمة الإصلاح "جماعة التجديد والإصلاح نموذجا " وليس الإصلاح بمعنى ما هو ضد الفساد كما يقول الفيلسوف الفرنسي "ميشال فوكو" لكن في غياب مشروع سياسي حقيقي لمثل هذه الأحزاب، وغياب أيضا عدة أسس وركائز متينة، وكما قال الإعلامي والسياسي المغربي المعرف "سعيد الخمسي " في إحدى مداخلاته المباشرة عبر TV plus فيما معناه عن الأفكار التي يحملها الأستاذ عبد الإله بن كيران عن المستقبل والآفاق السياسية لحزبه على أنها تبقى مثالية في غياب مشروع سياسي ومجتمعي جاهز، وفي غياب الكوادر والأطر الحزبية التي تكون مهيأة لتنزيله...لكل ذلك ؛فحينما تتسلم مثل هذه الأحزاب تدبير وتسيير الشأن العام وما يتطلبه من مجهودات وكفاءات وأطر مدربة وخبراء وهلم جرا، فها هنا يمكن أن يقع ما لا يحمد عقباه بل تقع الكارثة. ويقع ما نراه جميعا نحن المغاربة منذ سنة 2012من خلال ولايتين تشريعيتين .. فهي فوضى في التعاطي مع مشاكل مجتمعية عويصة تراكمت وأزمات كثيرة عانت منها الدولة في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة وغيرها دون أن تجد لها مخرجا مقبولا ..وما زالت تدفع ضريبتها حتى الساعة، و هذا دون أن ننسى الموت النهائي للطبقة المتوسطة التي تساهم بشكل كبير في التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية للدولة المعاصرة، وفي غيابها يقع الفراغ الغير محمود . وتكون مضراته كثيرة على التنمية المجتمعية ككل..إضافة إلى باقية الضربات الموجعة لأي إصلاح في عهد العدالة والتنمية كان من جيوب الطبقات الاجتماعية الهشة والفقيرة والضعيفة وشعارهم المدوي" عفى الله عما سلف للكبار" والاقتطاع والصبر على البلاء للسواد الأعظم من المجتمع المغربي، والارتفاع الصاروخي للمديونية العامة والتوظيف بالعقدة وتشجيع التعليم والصحة في الاستثمار بالقطاع الخاص وما نجم عن ذلك من صراعات متشابكة ومتنوعة وخلل كبير خلال زمن الجائحة لولا تدخل الدولة بكل ثقلها وعلى رأسها أمير المؤمنين نصره الله ، وهلم جرا...!!؟؟
لكن ما نراه ونلمسه هو أنه من طبيعة كثير من الأحزاب السياسية وخاصة بالوطن العربي، بأنها لا تعترف كفضيلة بعدم قدرتها او بأخطائها الجسيمة أو بسوء تدبيرها وبسوء تقدير أمنائها ،و غياب تواجد مكاتبها وأماناتها السياسية بكل ثقلها لتنوير الطريق وإعادة تصحيح أخطاء من هم في الجبهة يقودون سفينة الحكومة في كذا
قطاعات حيوية ، بل الكل يحمل شعار " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " وذلك في عين الأعداء .وأولئك ما هم سوى جبهة المعارضة تختلف معهم في الأيديولوجية والأفكار لما هو لصالح المنظومة السياسية ككل. وكل ذلك يؤدي للتهلكة و للاندحار السياسي للأحزاب بطبيعة الحال ..!!
وإلى هنا وحتى لا نقول ما قيل عن سيبويه الذي مات وما زال في لسانه شيء من حتى، لكثرة ما وظفها في سياقات لغوية متنوعة...!!!؟؟
حين نقارن بين تجربة العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كحزبين للأغلبية، وكل واحد حسب تواجده في السلطة التنفيذية .. فما وقع للاتحاد الاشتراكي من نكوص وتراجعات كبيرة واختفاء من الساحة وتواجد بين الجماهير الشعبية ...هو نفسه ما سيقع لحزب العدالة والتنمية في بعض الاختلافات الكبرى الأخرى طبعا، وخاصة فيما يخص توفر الاتحاد الاشتراكي على برنامج سياسي ومجتمعي واقعي كان يشتغل عليه، وأطره الكثيرة والمؤهلة والإجماع الشعبي الكبير، وكاريزمات ورموز وطنية معروفة وكذا الظروف والمناخ السياسي حين وصول الاتحاد الاشتراكي للحكم من خلال زمن الصراع السياسي الداخلي الصلب بين اتجاهين معارضين ليبرالي # وآخر اشتراكي بما فيها الظروف الصعبة اقتصاديا واجتماعيا والاختناق وخطر السكتة القلبية التي كانت تهدد الدولة برمتها ...وجاء حضوره للدَّفع بعجلة التنمية الشاملة للوطن نحو الأمام ، وإعطاء المجتمع المغربي نفسا جديدا ،ولمؤسسات الدولة أوكسجينها النقي ودفعة سيكولوجية كبرى كان الكل ينتظرها في يوم من الأيام...!! عكس حزب العدالة والتنمية الذي جاء مع الربيع العربي بل ما أمسى يسميه الكثيرون بالجحيم العربي ومعه موجة الإسلام السياسي.. وقد فرض بنظرة سياسية فرضها المحيط الدولي- العالمي مع انتشار الإرهاب والجماعات المتشددة وتهديدها للأمن والسلم الدوليين، وعلى أساس باعتباره التوجه السياسي المعتدل الذي يشتغل في إطار الدولة المدنية ونظامها الديمقراطي التشاركي وغيره...!!؟؟
وكما يعلم الجميع من أولئك الذين عايشوا التجربة بكل تفاصيلها السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية.. فنهاية حزب الاتحاد الاشتراكي ستكون ناجمة عن عدة متغيرات منها ماهو ذاتي وآخر موضوعي بعد سنة2002 لكن لا ننسى هاهنا بأن نذكر بأن الأحزاب السياسية المغربية ليس لها الخلف في دكة البدلاء كي ينوب وتستمر حياة الحزب بنفس الوثيرة و التواجد والقوة وهو في عصره الذهبي بل قد يتعب وهو ما زال في الطريق وتستهلك طاقة من أسسوه ، كما يمكن أن تلعب المصالح الشخصية والذاتية لعبتها في النفوس، ويحتدم الصراع حول المواقع والصراعات الداخلية فَيَنْهَدُّ البيت من الداخل على من فيه، وتتعب أطره أشد التعب حينذاك، وينزاح بفعل قوة قاهرة
من الساحة بسبب التعرية السياسية، ليتحول بعدها لحزب جد عادي كباقي الأحزاب الأخرى المتوسطة إن لم نقل الضعيفة ويتم التشطيب عليه من ضمن لائحة الأحزاب الكبرى و الذي كان وكان وكان....ليبقى مناضلوه ومناضلاته ينفخون في بالونه المثقوب بعد سقوطه المدوي طبعا!!؟؟