عبد الحليم ادريسي
إن المتتبع للحقل التربوي، و خصوصا على مدى العشرية الأخيرة، ليلاحظ بجلاء المستوى النمطي و الروتيني الذي آلت إليه مواضيع امتحانات الباكالوريا، إذ تكاد تكون موضوعة وفق قالب جاهز يحمل تغييرا وحيدا و أوحدا هو الحامل الديداكتيكي أي نص الانطلاق أو القولة أو المعطيات في المواد العلمية، لكن المطلوب أو الأسئلة تبقى بنفس الصياغة و التسلسل كما كانت في الامتحانات السابقة.
في ظل هذه الوضعية تفنن الأساتذة و مراكز الدعم في اغتيال ملكة الإبداع لدى أجيال من المتعلمين المغلوبين على أمرهم و ذلك بشحنهم و برمجتهم للإجابة على الامتحان كما يبرمج الآليون للقيام بأدوار معينة ، و كل ذلك تنفيذا لمقرر دراسي قتل روح الخلق في أدمغة فلذات أكبادنا.
على سبيل المثال كل المواد الأدبية تعتمد على السؤال المقالي ذي المنهجية و الضوابط المتعارف عليها سلفا، قد حفظها التلميذ في الفصل أو مركز الدعم (مقدمة، طرح الإشكالية، كيفية كتابة العرض، الخاتمة) فلا تكاد تظهر لمسته إلا في سؤال أو سؤالين. و الأمر نفسه في المواد العلمية حيث أصبحت التمارين رتيبة لا تحمل من المفاجأة إلا بقدر ما تحمله أطباق وجبات الغذاء بغالبية البيوت المغربية.
لعل هذه النمطية هي ما جعل من الباكالوريا فرسا سهل المطية، فلا يتطلب النجاح سوى الاستعداد أيام معدودات ، عكس ما كان نهاية القرن العشرين، حيث كان النجاح تتويجا لمغامرة و كفاح يدوم طيلة سنوات الثانوي .
في الختام، فالبكاء و النقد و سب الدهر لا يزيد الطين إلا بلة ، لذلك فمن البدائل التي أظنها قد تساعد على تجاوز هذه النمطية و الرتابة:
ü تغيير المقررات و المناهج باعتماد أخرى تتيح فرصا أكبر للإبداع و الخلق و تطوير المهارات بدل الشحن بالمعارف و المعلومات.
ü تعويد المتعلم على التعامل مع الوثائق بالملاحظة و التحليل و إبداء الرأي.
ü القطع مع السؤال المقالي ما سيحد من الغش بنسب كبيرة
ü اعتماد فكرة "مشروع المتعلم" أو "بحث الباكالوريا" على ان يكون له نسبة في معدل الباكالوريا إسوة بالمراقبة المستمرة و الامتحان الجهوي و الامتحان الوطني.