أخبارنا المغربية
من إعداد: هشام عميري
لازالت الانتخابات بالمغرب سواء التشريعية منها، أو الترابية، تدفع المواطنين والمتتبعين السياسين إلى طرح سؤال جد مهم، حول نسبة الأمية داخل المجالس المنتخبة، خاصة في ظل الصمت الرهيب الذي يمارسه زعماء الأحزاب السياسية حول هذه المسألة، وكيف يشرع بعض أعضاء مجالس المؤسسة التشريعية وكيف يقرر أعضاء المجالس المنتخبة في مصير التنمية بجماعاتهم.
الأمية بالمجالس المنتخبة...أرقام صادمة... وأفواه صامتة...
تشير آخر المعطيات حول الأمية بالمجالس المنتخبة، إلا أنه يوجد 100 نائب برلماني بمجلس النواب لا يتوفرون على شهادة البكالوريا من أصل 395 عضواً بالمجلس، مقابل 5 أعضاء بالغرفة الأولى لم يسبق لهم الولوج الى المدرسة، وذلك خلال الولاية التشريعية (2016- 2021).
أما على مستوى الجماعات، فإنه يوجد 4739 عضو لا يتوفر على أي مستوى دراسي، وذلك من أصل 30663 عضوا بالجماعات الترابية، من بينهم 8792 عضوا مستواهم الدراسي الابتدائي. أما على مستوى مجالس العمالات والاقاليم، فالأرقام، تشير إلى أنه من أصل 1363 عضوا من بينهم 53 بدون أي مستوى دراسي.
وبالرجوع إلى القوانين التنظيمية المنظمة للعملية الانتخابية بالمغرب، نجدها تعرف فراغاً من حيث الشروط العلمية، لكل من يرغب في خوض غمار الانتخابات، وذلك راجع بالأساس إلى وجود نسبة كبيرة من المستفيدين من هذا الفراغ داخل البرلمان، هذه النسبة هي التي تعرقل مثل هذه الشروط، لأنها هي التي تشرع القوانين، وذلك خوفاً من أن تعصف بها رياح الشواهد العلمية خارج سباق الولوج إلى مقاعد البرلمان أو الجماعات الترابية بمختلف أصنافها.
العلم والمعرفة ذخيرة بشرية مهمة داخل البرلمان
بتاريخ 10 دجنبر 1984 ، وجه الراحل الملك الحسن الثاني، خطاباً إلى أعضاء البرلمان، وذلك بمناسبة افتتاح السنة التشريعية (1984 – 1985)، والذي وجه فيه مجموعة من الرسائل إلى ممثلي الأمة، خاصة من حيث التكوين الدراسي، حيث أكد الملك في خطابه أن التجربة وحدها لا تكفي، والشهادات وحدها لا تكفي، ولكن رصيد العلم والمعرفة يكون منكم في هذا البرلمان ذخيرة بشرية مهمة جدا...مطالباً في خطابه بضرورة تجديد النخبة، وإعطاء الفرصة للشباب، إذ أكد على أنه سينبثق خلال هذه الولاية مجموعة من الشباب الذين كانوا قد أظهروا حنكتهم خارج البرلمان وبرهنوا عن مقدرتهم داخله وبذلك أصبحوا مؤهلين لأن يستخلفوا من سبقهم في ميدان خدمة البلاد وتحمل المسؤولية والسهر على مصالح الخصوص والعموم صباح مساء...، ونفس الأمر الذي أكده الملك محمد السادس في مجموعة من خطاباته، حول ضرورة تجديد النخبة وفتح الباب أمام النخبة الشابة.
فكيف يشرعون... وكيف يقررون؟
تعتبر صياغة النصوص التشريعية، من أصعب العراقيل التي تواجه أعضاء مجلسي البرلمان بغرفتيه، خاصة أنها تخضع لمسطرة تشريعية معقدة، وهو الأمر الذي يساءل أعضاء هذه الغرفة حول طريقة صياغتهم للنصوص التشريعية وسط برلمان لازالت فيها الأمية تتجول وبنسبة جد عالية، كما أن حتى الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، خاصة الأسئلة، فهي تخضع لمجموعة من الشروط، وهو ما جعل نسبة كبيرة من أعضاء البرلمان لا يطرحون الأسئلة على أعضاء الحكومة.
كما أن هناك بعض المنتخبين، لازلت تختلط عليهم مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الدستورية والقانونية، وهو ما جعل مبدأ الديمقراطية التشاركية الذي جاء به دستور 2011، بعيد كل البعد على مجموعة من المجالس الجماعية، مما جعل هذه الأخيرة، تعيش التهميش والتأخير في التنمية، في ظل وجود أعضاء يقررون ويغردون خارج النصوص القانونية، متحصنين بتزكية الأحزاب السياسية للوجوه القديمة، وتشبثها بأصحاب المال وأصحاب الولاء للقبيلة، وكذلك تشبث النخب القديم بحقها التاريخي داخل المؤسسات.