هند الصنعاني
التناقض حالة نفسية كامنة داخل كل البشر، إلا أنها تظهر عند كل شخص بطرق مختلفة و بدرجات متباينة، فالإنسان قد يُظهر تناقضاته عندما يعجز عن التصرف بعفوية و تلقائية، أو عندما يكون مضطرا للتستر وراء قناعات و شعارات لا يؤمن بها.
الشخصية المتناقضة هو انسان يجمع بين شخصيتين أو أكثر في آن واحد، فهو يتمرجح بين قناعات حسب الظروف و المواقف، غالبا ما يكون تائها بين شعارات كثيرة، دائم البحث عن المرسى، غير ملتزم بأقواله ووعوده لعدم اقتناعه بشكل عام بمبادئه التي تتغير بتغير الناس و المكان و الزمان.
و لعل أكثر الشخصيات المعروفة بالتناقض في مجتمعاتنا هي " الرجل العربي" تصرفاته غالبا متضاربة و غير ثابتة لكنه في صراع دائم لإظهار العكس أمام المحيطين به لكنه مكشوف أمام زوجته بحكم الاحتكاك بها و هو في كل حالاته.
الرجل العربي، تكوينه الاسري المختلف الذي يصطدم احيانا بمكتسباته على مدار حياته، هذه المكتسبات التي اكتسبها من علاقاته ، اصدقائه و عمله ، قد تخلق لديه نوعا من الاضطرابات في التفكير، تدخله في صراع بين معتقداته و قناعاته وبين الصورة التي يحاول تقليدها والظهور بها امام الناس ليكون شبيه اصدقائه و معارفه، لكن الصدام الأكبر يظهر عند ارتباطه بامرأة و الدخول معها في حياة يومية بكل تفاصيلها فيكون مضطرا للتنازل عن القناع الذي يتخفى وراءه.
يُرصد العديد من التناقضات عند الرجل العربي، فهو ذلك الرجل الذي طالما تغنى بشعار الديموقراطية والحوار خصوصا أمام العنصر النسوي، لكنه يفقد هذا الفن أمام زوجته فيحاول دائما فرض رأيه حتى لو كان باطلا، او يستعين بالصراخ او الصوت العالي لعله المنقذ الوحيد للهروب من المأزق.
الرجل العربي أيضا، هو ذلك الرجل الذي يضع شروطا لا نهاية لها للارتباط، فهو يريدها تلك المراة الجميلة التي تعتني بنفسها طوال اليوم، صاحبة القوام الممشوق، ويسخر منها لو زاد وزنها متناسيا وزنه الذي يزيد مع السنين و متباهيا أيضا ببطن يفوق بطن الحامل.
الرجل العربي، هو أيضا ذلك الرجل الذي يريد امرأة مشهود لها بحسن الأخلاق و التربية و الإخلاص و "الغير الشكاكة" لكن هذا لا يمنع أن يكون خائنا ضاربا بعرض الحائط كل القيم أمام نزواته، كما يفضلها أيضا متعلمة و عالية الثقافة مبهرة في كلامها لكنه هو نفسه ذلك الرجل الذي يرفض عملها و نجاحها فيه.
أيضا الرجل العربي هو ذلك الرجل الذي يتمنى امرأة قوية قادرة على تحمل مصاعب الحياة و الظروف المادية الصعبة، لكنه هو نفسه الذي يرفض قوة شخصياتها و يمنعها من فرض رأيها في المناقشات و يرفض أيضا استقلالها محاولا كسرها بطريقة أو بأخرى لتظل دائما تحت جناحيه.
اضطرابات الشخصية عند الرجل العربي سواء بفعل التربية او بفعل عوامل اكتسبها في مراحل حياته، جعلت منه انسانا يعيش في متاهات و صدامات رسخت لديه مفاهيم مشوهة قد لا تساعده في بناء حياة سوية، جعلت منه ايضا شخصية تعاني نوعا ما من بعض الاضطرابات السلوكية التي لا تريد الخروج من صندوقه الخاص به الذي يرى من خلاله أن المرأة هي التي يجب عليها التأقلم مع كل الاوضاع حتى لو غلط، و عليها ايضا التغيير من معتقاداتها ومبادئها بل و السيطرة على انفعالاتها و مطالبها طالما هن ناقصات عقل ودين.