أخبارنا المغربية
محمد بوزفور
يبدو أن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل قد دخلت منعطفا هاما بالمرور الى السرعة القصوى في تنزيل سلس و عقلاني للتعاون بين الطرفين بعد أن تم استئنافها في 22 دجنبر 2021 ، وذلك من خلال تدشين وزير خارجيةً إسرائيل مائير لابيد لأول زيارة رسمية منذ 18 سنة للمملكة المغربية تمتد من 11 الى 12 غشت 2021 .
و للتذكير فإن المغرب يضم أكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا ، تقيم به في أمن و أمان بمدارسها ومعابدها و تنظيمها القضائي الخاص ، في حين يعيش نحو 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل، وهو المعطى الذي يفسر عمق العلاقة التي تربط اليهود بهويتهم المغربية ، سيما أن مقدمة الدستور المغربي 2011 تؤكد على اعتبار اليهود رافدا من روافد الهوية المغربية .
و قد نشر الحساب الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية المغربية على موقع تويتر يوم الاربعاء 11/8 خبر توقيع الطرفين لمذكرة تفاهم لوضع آليات للتشاور السياسي و ثلاث اتفاقيات تتعلق بالتعاون في المجال السياسي الثنائي و الخدمات الجوية والثقافة والرياضة والشباب ، مما يدفع الى التساؤل حول إمكانية التفكير في تبادل الخبرات مستقبلا بين الجانبين بخصوص المادة الأمنية المرتبطة بإشكالية شغب الملاعب و الأمن الرياضي ، بصورة تمكن من الاستفادة من مقاربات التواصل الأمني في هذا الميدان أولا ثم ترصيد أنجع التجارب الأمنية و الاسترشاد بأنجع ترتيبات و تقنيات حفظ النظام لدى هذا الطرف أو ذاك و التعرف على أكثر معدات التدخل ملاءمة في هذا المجال ..
و الأكيد أن الرصيد المعرفي و العملياتي الذي تتمتع به المصالح الأمنية المغربية قد اختمر بكيفية احترافية في مواجهة العنف " الرياضي " ، من خلال التكوين الذي تلقته محليا الأطر العاملة في مجال أمن الملاعب والاحتكاك المتواصل بالتجارب الدولية الميدانية والاحداث الرياضية الكبرى ، الأمر الذي يضع المغرب في موقع متميز لنقل هذا الكم من الخبرات إلى واجهة التعاون الدولي مع اسرائيل ، بالنظر الى أن الهاجس المشترك لدى المصالح المختصة بالبلدين ، في مرحلة ما قبل كورونا ، كان يتصل بمكافحة ظاهرة الشغب بالملاعب التي تمس في بعض الأحيان بالأمن والسكينة العامين .
ومن الواضح أن ارتفاع ظاهرة العنف بالمضامير الرياضية الاسرائيلية ما قبل زمن كوفيد 19 بكثير ، قد دفع السلطات الرياضية ذات الاختصاص - كما حدث في مجموعة من ملاعب المغرب - إلى تأهيل البنى التحتية الرياضية و تجهيزها بالبوابات الالكترونية و تأمين مجالها الخارجي والداخلي بواسطة كاميرات المراقبة العالية الجودة.
ومن ثمة يبدو أن أسلوب انتشار Déploiement القوات العمومية بإسرائيل داخل الملعب و بمحيطه الخارجي لا يختلف كثيرا عن الهندسة المعتمدة أمنيا بالمغرب ، مع وجود فوارق أساسية و وازنة نختزلها في النقط التالية :
* اعتماد التذاكر الذكية الذي ساهم في تخفيف العبء الأمني .
• استعمال التكنولوجيا الحديثة بتوظيف الطائرات المسيرة/ الأمنية Drones لمسح خارج المنشأة الرياضية وداخلها عند الضرورة أثناء المقابلات التي نحيطها مخاطر أمنية مرتفعة و تعرف تدفقا جماهيريا مكثفا، شكل تحولا ردعيا و نوعيا وازنا .
• تراكم رصيد المهنية والنجاعة منذ سنوات لدى شركات الحراسة الخاصة الاسرائيلية كان له أثره المباشر في تسنيد أدوار الأمن العمومي على مستوى تأطير الجماهير و تحييد الأخطار المحتملة .
و في إطار التأكيد على وجود شبه تلاقي في سيكولوجيا الشغب لدى الجمهورين المغربي والإسرائيلي ، باستثناء المنحى العنصري الذي يميز سلوك بعض الأطياف من مشجعي بعض الأندية الاسرائيلية ، ينبغي أن نعلم أن أنصار بعض الفرق أمثال مكابي تل أبيب و مكابي حيفا و بيتار القدس و ماكابي نتانيا و هيوبيل تل أبيب .. ، ينفردون بصفة عامة بسلوكات عنصرية و يميلون الى استعمال الشهب النارية والدخانية و الصدح بشعارات تبتعد عن القيم والضوابط الرياضية و إلى اكتساح رقعة الملعب و رمي المقذوفات في اتجاه اللاعبين والمشجعين الخصوم خصوصا في اللقاءات الكروية الساخنة .
وفي سياق التعريف بمستوى تنظيم المنافسات الرياضية الكبرى ، ينبغي التوقف عند عملية "التنقيل" Délocalisation “ لمقابلة في كرة القدم برسم كآس الأبطال بين فريقي ليل و باري سان جيرمان إلى تل أبيب يوم فاتح غشت المنصرم بملعب Bloomfield بحضور نسبة متوسطة من الجماهير، باعتبارها إنجازا متميزا بعكس بالأساس ثقة العصبة الاحترافية الفرنسية “ LFP “ في الحس المهني المتقدم للجهات المنظمة و مصالح الأمن الإسرائيلية !!
لا جدال بأن الملاحظين يترقبون عودة الجماهير الرياضية بكثافة الى المدرجات — بعد تحسن الحالة الوبائية في البلدين — مشحونة بكمية كبيرة من الحماس لاسترجاع أدوارها التشجيعية ، مع ما يمكن أن يرافق ذلك بين الفينة والأخرى من انفلاتات محتملة قد تمس الأمن العام سواء بالملعب أو بالشارع العام ، و هي عودة ستطرح سؤال الأمن بقوة و الجاهزية المستمرة للمصالح الأمنية المختصة في ظل التحديات المستقبلية !!
طاجين و طنجية
نعم للتعاون
يجب الاستفادة من جميع التجارب الدولية ، خصوصا في مجال التكنولوجيا الحديثة.