دويتشه فيله
تقترب الحرب الروسية على أوكرانيا من إكمال شهرها الأول، إلا أن القصف الذي قامت به القوات الروسية يوم الجمعة الماضي على هدف أوكراني ليس كسابقيه، إذ استهدفت مستودع أسلحة في قرية صغيرة على بعد 100 كلم من الحدود الأوكرانية الرومانية.
الهجوم كان نوعيا ليس فقط لتمكنه من تدمير المستودع، بل كذلك لنوعية الصاروخ الذي استخدمه الجيش الروسي للمرة الأولى في الحرب على أوكرانيا، وهو صاروخ أسرع من الصوت وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه لا يُقهر، عندما تم الكشف عنه لأول مرة عام 2018.
قد يكون هذا الوصف دعائيا لمحاولة إرعاب الخصوم، غير أن ما قاله بوتين يملك بعض الصحة. هذا النوع من الصواريخ مختلف عن الصواريخ الباليستية المشابهة، ويملك قدرة كبيرة، بفضل ارتفاعه وطيرانه على مستوى منخفض، على تفادي إسقاطه من طرف أنظمة الدفاع الجوي الأرضية.
كم تبلغ سرعة هذه الصواريخ؟
تطير أسرع من خمس إلى عشر مرات من سرعة الصوت، أي من 5 إلى 10 على مقياس ماخ. لكن يبقى صعبا تحديد الفارق بينهما بسبب عدم وجود رقم ثابت لسرعة الصوت، لأنها تعتمد على متغيرات، وهي: الوسيط ودرجة حرارة الوسط الذي يتحرك من خلاله الجسم أو الموجة الصوتية.
ولكن للمقارنة، فطائرات الكونكورد التجارية، تطير بما يصل إلى ضعف سرعة الصوت، وتصل سرعتها القصوى إلى 2.180 كلم في الساعة، أي 2.04 على مقياس ماخ، وهو رقم يمكن من خلاله قياس سرعة هذا النوع من الصواريخ الروسية بضعف سرعة الكونكورد على الأقل ثلاثة مرات.
تتنوع هذه الصواريخ الروسية الجديدة بين عدة أصناف. الصنف الذي استهدف المستودع الأوكراني اسمه "كينجال" بالروسية، ويعني الخنجر، يبلغ طوله ثمانية أمتار، ويقول بعض الخبراء إنه يطير بسرعة 6 آلاف كلم في الساعة، أي 5 ماخ، فيما يرفع آخرون الرقم إلى 9 أو حتى 10 ماخ، وبسبب هذه السرعة، لا تستطيع أنظمة الردار رصده بشكل واضح.
كم يبلغ ارتفاعه؟
عامل آخر يقف إلى جانب هذه الصواريخ، هو طيرانها على ارتفاع منخفض عكس بقية الصواريخ الباليستية. تتبع الصواريخ الجديدة مسارا منخفضا في الغلاف الجوي، ما يعني أنه عندما تتمكن الأنظمة التقليدية للدفاع الصاروخي من رصد هذه الصواريخ، تكون قد اقتربت بشكل كبير للغاية من أهدافها.
بل في كثير من الحالات يكون الأوان قد فات لاعتراضها وتكون قد دمرت مسبقا أهدافها. علاوة على ذلك، يمكن للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تغيير اتجاه طيرانها أيضا.
ويتم إطلاق هذه الصواريخ من الجو، غالبا من مقاتلات ميغ-31، ويمكن إطلاقها كذلك من السفن والغواصات، وهي قادرة على حمل رؤوس نووية أيضا.
يتم إطلاق صاروخ "كينجال" غالبا من مقاتلات ميغ-31
إلى أي يمكنه الوصول؟
صاروخ مشابه لـ"كينجال" يمكنه أن يضرب أهدافا بعيدة عن نقطة انطلاقه بألفي كلم حسب التأكيدات الروسية، ولكن عموما صواريخ من النوعية نفسها يمكنها أن تصل إلى مدى ألف كلم. وفي كلتا الحالتين، تمثل هذه الصواريخ خطرا كبيرا على الدول القريبة من روسيا.
بسبب هذه القدرة الكبيرة على بلوغ الأهداف، توجد حاليا عواصم بلدان أوروبية متعددة ضمن مدى الصواريخ الروسية الجديدة. ويشير خبراء إلى أن موسكو تضعها في منطقة كالينينغراد الروسية المحاذية لبولندا وليتوانيا وبحر البلطيق، ما يجعل العاصمة الألمانية برلين، التي تبعد عن كالينينغراد بـ600 كلم في مرمى هذه الصواريخ.
لكن موسكو قد لا ترغب باستخدام هذه الصواريخ بشكل عشوائي وفق خبراء، كما أنه ليست موسكو لوحدها من تطور صواريخ مماثلة، فتقرير أمريكي من الكونغرس يشير إلى أن الولايات المتحدة بدورها في مراحل جد متقدمة من تصنيع هذه الصواريخ إلى جانب الصين وألمانيا واليابان والهند وأستراليا.