أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية:عن البنك الدولي بتصرف
انعقدت اجتماعات الربيع لمجموعة "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي"، هذه في وقت تتداخل فيه الأزمات العالمية، فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم المخاوف بشأن التضخم، وجائحة كورونا، وتغير المناخ، والديون، حيث يواجه العديد من البلدان الأخرى أيضاً أوضاعاً هشة وصراعات.
هذا، وأشار بيان رئيس لجنة التنمية الذي أصدرته اللجنة مؤخرا، وهي منتدى على المستوى الوزاري يمثل 189 بلداً عضواً في المؤسستين، إلى أن آثار تلك الأزمات ستكون أكثر وطأة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، لاسيما بين الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، بمن فيهم النساء والأطفال. وأضاف البيان أن التعافي الاقتصادي معرض للخطر في خضم التوترات الجيوسياسية، مع تأثر الاستثمار والتجارة والنمو، حتى في الوقت الذي تواجه فيه البلدان مزيداً من المخاطر من جراء جائحة كورونا وتفاوت توزيع اللقاحات.
ووصف رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس في كلمته أمام اللجنة كيف تؤثر هذه الأزمات على الاقتصاد العالمي. وشدد على أن الفظائع التي اُرتكبت بحق المدنيين والخسائر في الأرواح وسبل كسب العيش بسبب الحرب في أوكرانيا مدمرة. وتطال تداعيات هذه الحرب الجميع في العالم، حيث يؤثر ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية بسرعة على الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، لاسيما في أفريقيا والشرق الأوسط. وأضاف أن "الحرب يجب أن تتوقف على الفور".
إن هذا الوضع يقتضي سرعة التحرك لدعم الشعب الأوكراني وفي الوقت نفسه ضمان الدعم المستمر والقوي للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في أثناء تعاملها مع هذه الأزمات المتعددة. وكما أوضح مالباس في اجتماع مائدة مستديرة وزاري خلال الاجتماعات، أن مجموعة البنك الدولي سارعت بتعبئة أكثر من 3 مليارات دولار لصالح أوكرانيا - شاملة المنح والضمانات والتمويل الموازي من البلدان المانحة - كي تتمكن الحكومة الأوكرانية من مواصلة تقديم الخدمات الأساسية. وألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى كلمة أمام الحاضرين في الجلسة. وخلال الاجتماعات، قدمت مجموعة البنك الدولي ورقة نهج توضح بالتفصيل أفضل السبل لدعم أوكرانيا وشعبها، حيث تبلغ التكلفة التقديرية للأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية في أوكرانيا ما قيمته 60 مليار دولار حتى الآن.
وفي اجتماع مائدة مستديرة مع وسائل الإعلام في بداية الاجتماعات، ذكر مالباس أن مجموعة البنك تعمل على إعداد استجابة لمواجهة الأزمة بقيمة تبلغ نحو 170 مليار دولار من القدرات التمويلية لتلبية الاحتياجات واسعة النطاق للبلدان المتعاملة معها خلال الفترة بين أبريل/نيسان 2022 ويونيو/حزيران 2023. وستكون هذه الاستجابة على غرار الزيادة السريعة في الموارد التمويلية التي قدمتها مجموعة البنك في الاستجابة لجائحة كورونا التي بلغت 157 مليار دولار على مدى 15 شهراً لمساعدة البلدان على معالجة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
وعلى الرغم من أن هذه الحرب وتداعياتها تصدرت جدول أعمالنا وتفكيرنا، فقد عقدت اجتماعات الربيع أيضاً سلسلة من الفعاليات العامة لتعزيز الحوار بشأن التحديات الإنمائية الرئيسية المستمرة، حيث ناقش واضعو السياسات والخبراء والشخصيات المؤثرة وغيرهم من الأطراف المعنية الرئيسية مسائل التنمية الرقمية، والعمل المناخي، والتجارة والدعم، والهشاشة، والديون، ورأس المال البشري. ومن بين التوصيات الرئيسية التي خلصت إليها الاجتماعات ما يلي:
• تحدث التكنولوجيات الرقمية تحوّلات في طبيعة العديد من الوظائف والخدمات؛ ويمكنها المساعدة في تحقيق النمو والرخاء على المدى الطويل، فضلاً عن بناء القدرة على الصمود في وجه الأزمات. لكن الكثير من الناس في البلدان النامية لا يزالون غير متصلين بشبكة الإنترنت أو أنهم لم يستفيدوا منها بعد. وهناك حاجة إلى التزام جماعي من القطاعين العام والخاص لسد تلك الفجوات وبناء اقتصاد رقمي منصف للجميع.
• لمعالجة تغير المناخ والتنمية على حد سواء، يجب علينا الانتقال من التعهدات رفيعة المستوى إلى العمل الحقيقي الملموس، بما في ذلك الاستثمارات الكبيرة التي تدعم التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون وبناء القدرة على الصمود.
• تحتاج الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالصراعات إلى الاستثمار وقطاع خاص مفعم بالحيوية لإيجاد فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي، وإقامة البنية التحتية. ويمثل النزوح القسري أزمة عالمية، لكن السياسات والاستثمارات الشاملة للجميع يمكن أن تُمكّن اللاجئين من المساعدة في تحقيق الرخاء الاجتماعي والاقتصادي.
• وحتى تصب الديون في صالح التنمية، يجب أن نسمح بسرعة إعادة هيكلة الديون؛ وأن نساند تخفيضات متوسطة الأجل في أعباء الديون التي لا يمكن الاستمرار في تحملها؛ وإيجاد ممارسات أفضل حتى يكون الاقتراض في المستقبل قابلاً للاستمرار، مع تعزيز الشفافية والمساءلة عن عقود الديون.
• كانت البلدان مبتكرة في بناء رأس المال البشري وحمايته – أي ما يحتاجه الناس من معارف ومهارات وصحة لتحقيق كامل إمكاناتهم - حتى مع تقويض الكثير من مكاسبهم بسبب جائحة كورونا. ومن الضروري مواصلة الالتزام السياسي والتمويل من أجل تعزيز رأس المال البشري ومساندة تحقيق نمو أقوى وأكثر شمولاً.
وفي خطابه في وارسو، حث مالباس البلدان على اتخاذ إجراءات لتفادي حدوث أزمة غذائية عالمية، وإبقاء الأسواق مفتوحة، وتشجيع تدفقات الاستثمار، وشدد على ضرورة قيام البلدان بتوسيع قاعدة الاستثمار وتجنب تركيز الثروة والدخل في شرائح ضيقة من السكان. كما أشار إلى أن ضمان الأمن والاستقرار والسلام يستلزم بذل جهود مستمرة لتدعيم المؤسسات والحد من عدم المساواة ورفع مستويات المعيشة. وفي الختام، أكد على أن مجموعة البنك الدولي شريك ملتزم في هذه الجهود، حيث قال: "يمكنكم التعويل علينا ونحن نعوِّل عليكم لمساندة النُهُج المبتكرة في الخطوط الأمامية للتنمية. وهنا يمكننا الفوز في المعركة ضد الأزمات المتعددة التي نواجهها."