المغرب يسجل حضورا قياسيا وغير مسبوق في معرض الشارقة الدولي للكتاب وينال إشادة عالية من الزوار

ممرضو الغد... ينظمون وقفة احتجاجية بالدار البيضاء ويطالبون بالتعويض عن التداريب وعدم خوصصة القطاع

حملة مراقبة صحية صارمة صارمة للمحلات التجارية والمطاعم بطنجة

مفتقر: اختيار المغرب ضيف شرف للمعرض الدولي للكتاب بالشارقة فخر كبير لنا

انتفخ جسده قبل وفاته.. مطالب بفتح تحقيق في وفاة طفل بالمستشفى الجامعي محمد السادس

انعقاد الاجتماع الدوري للخلية المحلية للنساء والأطفال ضحايا العنف بوجدة

حرب الغذاء القادمة

حرب الغذاء القادمة

خالد ليلي

عاش العالم في السنوات القليلة الماضية العديد من الأزمات التي و لا شك أنها قد أُثرت بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي ، فالاحتباس الحراري كان له الأثر البليغ على الكرة الأرضية من خلال استفحال ظاهرة التصحر وانخفاض الإنتاج الفلاحي بصفة عامة ، كما أن جائحة كوفيد -19 قد أدت بدورها إلى شلل عالمي في الانتاج الصناعي والتجاري لمدة تقارب إلى عامين ، ليستفيق العالم بعدها مباشرة على الأزمة الروسية الأوكرانية بتداعياتها الخطيرة على بنية الاقتصاد الدولي خصوصا و أنها مست بكيفية مباشرة الاحتياط العالمي للطاقة و الحبوب مما سيكون لها و لا شك أثارا جمة قد تصل إلى حد المجاعة و انعدام الأمن الغذائي .

      لقد كان لاندلاع الحرب الأخيرة الأثر الكارثي على إمداد سلة العالم بالمخزون الضروري من الحبوب، فروسيا و أوكرانيا تحتلان مجتمعتين الرتبة الثالثة في سلم الدول المصدرة لهذه المواد بعد الصين و الهند لتأتي بعدهما الولايات المتحدة و كندا و الأرجنتين استراليا . فإنتاجهما وفق برنامج الأغذية العالمي يغطي 30 % من المحصول العالمي للحبوب و %23 من مادة الشعير و 16 %من إنتاج الذرة بمعنى أنهما توفران مجتمعتين 29 % من احتياجات السكان العالمية من الغذاء. غير أن وقائع الحرب الدائرة بالمنطقة أثرت سلبا على البنية التحتية للإنتاج والتخزين جراء عمليات القصف و التدمير، ناهيك عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا والتي حدت من قدرتها على توريد و تصدير إنتاجها الفلاحي من دون تجاهل الأثر الكبير لارتفاع تكاليف الشحن و النقل و التأمين نتيجة أزمة الطاقة العالمية و ارتفاعها المتواصل الذي وصل إلى مستويات قياسية ، كل ذلك أدى حتما إلى تقلص و ندرة هذه المواد بالسوق العالمية مما ساهم في ارتفاع الأسعار بنسبة زادت 22 % مؤخرا ليصل سعر الطن من الحبوب إلى 326 يورو. كما أن لجوء بعض الدول كالهند إلى تعليق صادرتها من الحبوب بسبب مخاوفها المتعلقة بالأمن الغذائي جعلت الأزمة مرشحة للتفاقم و الاستفحال . هذا كله سيرخي بثقله على إمدادات القمح إلى دول العالم الثالث خصوصا الشرق الأوسطية و الإفريقية التي تعتبر سوقا استهلاكية بامتياز للحبوب القادمة من روسيا و أوكرانيا بنسبة كبيرة تصل إلى 60%، فمصر مثلا تعتبر أول بلد مستهلك للقمح حيث يصل مجموع وارداتها من الحبوب الأوكرانية الروسية إلى 80% ، كما تعتبر أندونيسيا ثاني مستورد للقمح ب12 مليون طن ، وتحتل الجزائر المرتبة الخامسة في ترتيب الدول المستوردة فضلا عن المغرب الذي يعتمد بنسبة 30 %من احتياجاته على الحبوب الروسية الأوكرانية و الحال نفسه مع تونس و السودان و اليمن و لبنان و سوريا ، الأمر الذي سيجعل ميزانيات هذه الدول تقع تحت ضغط مستمر نتيجة ارتفاع النفقات و عجز الميزان التجاري مما سيزيد من معدلات التضخم ويضاعف بالتالي من منسوب التوترات الاجتماعية بخلق المزيد من الضغط على الفئات ذات الدخل المنخفض .

   لقد اصبحت الاتهامات و الاتهامات المضادة بين المعسكرين المتواجهين على الساحة الأوكرانية بخصوص دفع العالم إلى المجاعة هي اللغة السائدة اليوم، فروسيا تحمل العقوبات الاقتصادية و المالية المفروضة عليها من طرف الغرب مسؤولية الأزمة القادمة خصوصا و انها تتهم السلطات الأوكرانية بتلغيم الموانئ البحرية مما يشكل خطرا على سفن شحن المواد الفلاحية الموجهة للتصدير ويحول دون مبارحتها المرافئ، كما تتهم في الان نفسه الولايات المتحدة بتهريب جزء من احتياط الحبوب الأوكراني إلى أراضيها عبر الطرق البرية للغرب الأوكراني ، بالمقابل تتهم السلطات الأوكرانية روسيا بفرض الحصار البحري على موانئها الواقعة بالبحر الأسود ك(ماريوبول – اوديسا ) مما يحول دون تصريف منتوجاتها ويعرقل حركة النقل البري و السككي بها لتبقي المحاصيل الزراعية عالقة في الموانئ الأوكرانية ، كما أن تدمير بعض صوامع التخزين جراء القذائف الموجهة إليها يجعل قدرتها على استقبال محصول السنة الجارية صعبا جدا.

      غير أن الحقيقة المرة التي تنجلى يوما عن يوم تقول بأن العالم مقبل على خصاص فظيع في المنتوج الغذائي الأساسي للشعوب خصوصا الفقيرة منه حيث لا يتعدى مخزون أغلبية الدول المستوردة لهذه المادة الحيوية الأربعة أشهر ، فلا غرو أن نجد صراعا عالميا علنيا و سريا يدور بين مجموعة دول العالم في سبيل تأمين الحصول على لقمة الغذاء في ظل ضبابية المشهد وانعدام وجود مؤشرات إيجابية لحل هذا الصراع ، إضافة لوجود سوابق في هذا الشأن على المستوى الدولي تقول بان لغة المصالح الخاصة و النرجسية تطغى على أي اعتبار أخلاقي أو إنساني، فحرب توريد الكمامات و التلاقيح و أجهزة الإنعاش التي اندلعت على المستوى الدولي عقب تفشي وباء كورونا ليست عنا ببعيد، و العالم اليوم لم يعد بمستطاعه تحمل صراع أخر من صنع الإنسان قد يؤدي به إلى الجوع والمزيد من الانعدام الغذائي .

 

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات