محمد بونوار
في احدى المقالات التي نشرت سنوات مضت اقترحت على المسؤولين في وزارة الداخلية بخصوص موضوع تحقيق النهوض بالعالم القروي وتحقيق التنمية التي يتنظرها سكان العالم القروي ، وتحقيق برامج التنمية بكل اصنافها ، اقترحت على أن يتم تعيين رؤساء الجماعات عوض اٍجراء الانتخابات مع الابقاء على انتخاب أعضاء المجالس القروية .
والاسباب التي تدفع الى تبني هذا الاختيار ينقسم الى دفوعات كثيرة ، لكن سوف أحاول أن الخصها في نقط مهمة ، أولهما أن الانتخابات القروية تفرز رؤساء غالبيتهم لا ترقى الى مستوى تطلعات الجماعات القروية من حيث الممارسة والتدبير والتسير ، علاوة على ضعف الجدية في العمل وتراجع الضمير المهني ، والانسياق وراء الجري على تحقيق أرباح شخصية عن طريق مشاريع وهمية وتفويت صفقات الى مقربين وأفراد العائلة .
ثانيا ، الانتخابات في حد ذاتها تعطي فرصة لبعض الرؤساء لتشكيل فريق يعارض جميع المقترحات المقترحة من طرف أعضاء المجالس القروية ، وهو الامر الذي يجعل معضم مشاريع الجماعات اٍما متوقفة ، أو مؤجلة ، أو ملغية بشكل نهائي .
ثالثا ، هناك ثلة من نواب الرؤساء المنتخبين من يريد الوصول الى مقعد الرئاسة بأي ثمن ، مستعملا جميع الطرق بما فيها الغير القانونية والغير الدستورية والغير السياسية من خلال تشكيل فريق معارض من نفس أعضاء المجلس لتحقيق انقلاب بدون وجه حق ، مستعملا جميع أساليب العرقلة والطعن والتعرض لارغام الرئيس المنتخب على الانسحاب ، أو العرقلة ، أو الفشل ، والغريب في الامر أن بعض المواقع الاخبارية تنقل هذه الاخبار بشكل تنبعث منه روائح التواطئ مع جهة دون أخرى ، وبعيدة عن الشفافية والمصداقية التي هي ركن أساسي في الاعلام .
رابعا ، مجلس الحسابات قام بعمله أحسن قيام ، وهيئ ملفات تخص ثلة من رؤساء جماعات قروية مليئة بالمخالفات والتي هي على شكل صفقات مشبوهة وفي كثيرمن الاحيان موجودة فوق الاوراق ولا محل لها فوق أرض الواقع ، وغير ذالك من التجاوزات الغير القانونية ، ورغم كل هذا فوزارة الداخلية بحكمها الوصي الاول على الجماعات القروية ، وفي غياب جمعيات حماية العام بالعالم القروي ، وفي غياب الوعي الجماعي لساكنة البوادي والقرى ، هذه الامور مجتمعة تجعل ربط المسؤولية بالمحاسبة بعيدة المنال ، وتجعل مكر رؤساء الجماعات يزداد قوة ، و الرأي العام يزداد امتعاضا من هذه التصرفات التي لا تمث بالسياسة في شيئ .
طبعا اللائحة طويلة في هذا المجال في ربوع المملكة ، وهناك من هذه الامثلة من وصل الى علم المحاكم الادارية والتي يصعب عليها معرفة الفرق بين النوايا الحسنة والنوايا المبيتة . وفي هذه الحالة تبقى الساكنة القروية هي الخاسر الاول من هذه المؤامرات والدسائس الغير السياسية .
في ظل هذه الاجواء يبقى احتقان الشارع وغضب الساكنة هو الموضوع الشائع بين سكان هذه الجماعات التي تعرف هذه النوع من التماطل في انطلاق اشغال المرافق الضرورية والتي تنتظرها الساكنة بفارغ الصبر .
من خلال تجربة ميدانية بربوع المملكة هناك جماعات قمة في النظافة والتسيير وتهيئ المرافق الضرورية ، خاصة في شمال المغرب ، وهناك جماعات يجب محاسبة رؤسائها على اٍهمال الجانب الجمالي بعدد من القرى والتجمعات السكنية ، واٍهمال المواطن القروي بشكل مبيت ، وبالتالي تقليص نسبة الامل التي تفضي الى الاحساس بالسعادة والطمأنينة .
الشق الثاني في هذا الموضوع والذي يقع تحت مظلة وزارة الداخلية ، أتساءل مثلا لماذا يتم تعيين .والعمال ولا يتم تعيين رؤساء الجماعات .الولاة
فاٍذا كان الوالي والعامل لهما قوة سيادية وقوة ادارية تفوق عمل الهيئات المنتخبة ، فاٍنهما في الاخير يتولون شؤون المواطنين والمواطنة كل من موقعه ، الفرق الوحيد والذي يجب أن تتم مراجعته هو أن العامل يسهر على شؤون المدينة ورئيس الجماعة يسهر على شؤون القرية ، لا مجال هنا للحديث عن دور القائد ، لاننا نتحدث عن تنزيل التنمية بمفهومها العريض .
الشق الثالث وباختصار شديد ، مصلحة البلاد فوق الجميع ، ومصلحة المواطن هي الهدف الاسمى في هذا الموضوع ، ولهذا يجب التأقلم والتكيف مع كل ماهو مجدي ومفيذ ، فالعالم القروي يحتاج الى منظومة جديدة ، لأن النظام القديم لم يصل الى الاهداف المنشودة ، وذالك انطلاقا من معطيات قدمناها باختصار كبير، لكي تتم مراجعة هذه المنظومة التي لا تفرز رجالات يمكنها أن تخلق التنمية المرغوبة ، خاصة في العالم القروي والذي يحتاج الى رعاية كبيرة .