حنان أتركين
دولة تلقي بأبنائها نحو المجهول، تدفعهم للهجرة السرية، القسرية، بسبب انغلاق الأفق، ومقدرات البلاد بإمكانها أن تمنح لهم بحبوحة عيش، وأملا كبيرا في المستقبل...البعض يعتبر ذلك ابتزازا جديدا لإسبانيا، بعدما استنفذت كل وسائل الضغط الأخرى، ولم تؤثر على استقلالية القرار الإسباني وموقفه...فإسبانيا تريد علاقات جيدة مع الجزائر، لكن ليس على حساب شراكة موثوقة واستراتيجية مع المغرب...وهذا هو المقلق...
دولة تدعي أنها قوة إقليمية...ليس في الأمر غرابة، لكن ما هي عناصر قوتها الإقليمية؟ عسكر يحرك دمى المشهد المدني والسياسي، هوس للتسليح وشراء المكدس في المخازن، حقائب سوداء تغرف من صناديق سوداء لشراء المواقف والذمم، وعقل نشط عدواني لا يهدأ من حيك المؤامرات وافتعال الأزمات...إنها القوة الإقليمية التي يصعب تصنيف عناصر قوتها هل هي صلبة أو ناعمة...فلنقل بأنها "قوة تآمرية"...
دولة تعتبر نفسها قوية، لكنها تستقوي على جيرانها وعلى محيطها العربي والإفريقي...تقطع العلاقات مع هذا، تغذي الضغائن في تلك الربوع، وتحالف أعداء الآخرين وتنتصر لمواقفهم...هذه هي الدولة القوية، التي تعتزم احتضان القمة العربية، وهي جاهدة على تشتيت ما بقي من المشتت، تضغط على جوارها...وآخر الضحايا خضراء تونس...
دولة تقدم نفسها على أنها نصيرة القضايا العادلة، والشعوب المستضعفة، لكن هذا الخطاب موجه فقط إلى مكون من مكونات بلادنا...فسرعان ما تنزع هذه النظارة لتدافع عن وحدة أراضي ليبيا، وروسيا والصين...بل، وتعارض أي انعتاق لمكوناتها الهوية وأي تعبير عنها...وهذا ما فضحته مؤخرا ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس حقوق الإنسان...
دولة تعيش على الريع النفطي، الذي عطل قواها التفكيرية والإنتاجية معا...وعوض أن توجه هذه العوائد التي ارتفعت بسبب الأزمة الطاقية، تراها تحيي السياسات التي عطلتها أزمة التمويل، فتشن حروبا ديبلوماسية، وتقدم رشاوي للأنظمة الهشة، وتدفع فواتير وكلفة التغني بخطاب الانفصال، وتشتري تذكرة صورة بالجمعية الوطنية الفرنسية، في عطلة الجمعية، وفي غفلة من قواها الحية...
دولة تؤجج الضغائن وسط شعبها، تبرمج كل أجهزتها، لمعاداة شعب شقيق...لا ذنب له، إلا لرغبة طبيعية تحذوه لاستكمال وحدته الترابية، هذه الحقيقة الساطعة أنطقت شيخا وقورا، فتعجب من قوم يسحلون لا عبي المنتخب الوطني، ويرفعون علم فلسطين معلنين التضامن معه...يا للعجب...
دولة ترفع شعار "الرفاه الاجتماعي" لإغلاق الأفواه الغاضبة، ولإدامة كسل القوى الشبابية التي خرجت ذات يوم، فاغتصب العسكر ربيعها...كل شيء ظاهريا مدعم، والدولة تستورد كل شيء...لكن هذا الاستيراد لا يكفي، وتنوع الطوابير يزداد؛ طابور للحليب، وللسميد وللزيت، والقائمة مفتوحة على كل الإضافات...الجيش يدعي خدمة كرامة وأنفة الجزائريين...لكن الطوابير تمرغ هذه الكرامة وتهينها، وتجعلها تئن تحت ثقل أحذية العسكر...
دولة المفارقات...أليس كذلك؟؟؟