أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية ــــ ياسين أوشن
يرى محمد جدري، خبير ومحلل اقتصادي، أن "الإعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2023 يأتي في سياق دولي مختلف"، مشيرا إلى أن "اللايقين يبقى السمة اللازمة خلال السنة المقبلة".
وتابع جدري، وفق تصريح له خص به موقع "أخبارنا"، أن "ارتباك سلاسل الإنتاج والتوريد وأزمة أوكرانيا والتضخم العالمي...، كلها عوامل أثرت بشكل كبير على القدرات الشرائية للمواطنين والمواطنات".
في المقابل، يردف الخبير نفسه، فـ"إن المغرب مقبل على تحديات كبرى؛ من تنزيل لورش الحماية الاجتماعية وتحويل للاقتصاد الوطني ومواجهة مخلفات التقلبات المناخية"، لافتا في السياق نفسه إلى أن "مشروع قانون المالية لسنة 2023 سيعتمد على أربع أولويات أساسية".
يكمن الأول، وفق المحلل الاقتصادي، في "مواصلة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، من خلال تعميم التأمين الإجباري على المرض لفائدة 22 مليون مغربي، فضلا عن استفادة حوالي 7 ملايين طفل و3 ملايين أسرة لها أطفال في سن ما قبل التمدرس من تعويضات عائلية تقدر بـ300 درهم عن كل طفل".
كذلك، يضيف جدري، "سيحظى التعليم والصحة بأهمية بالغ؛ إذ إنه تصل ميزانية هذين القطاعين إلى أكثر من 97 مليار درهم. كما أنه لأول مرة، في تاريخ المغرب، سيتم سن دعم مباشر من أجل اقتناء سكن رئيسي، خصوصا ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة".
الخبير الاقتصادي استحضر، كذلك، "مواصلة السنة الثانية من برنامج أوراش وفرصة بغلاف مالي يقدر بـ3.5 مليار درهم، بالإضافة إلى الرفع من مخصصات صندوق المقاصة لتصل إلى 26 مليار درهم".
واستطرد المصدر نفسه أن "إنعاش الاقتصاد عبر دعم الاستثمار، من خلال تنزيل فعلي لميثاق الاستثمار، والعمل على تفعيل مجموعة من الإجراءات كالاستراتيجية الرقمية الوطنية، وتوطيد إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، تحسين مناخ الأعمال، من ضمن أولويات الحكومة".
كما أضاف جدري ضرورة "تفعيل حقيقي لصندوق محمد السادس للاستثمار؛ إذ سيصل هذه السنة الاستثمار العمومي إلى مستوى غير مسبوق، حيث سيصل المجهود الاستثماري للقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية إلى 300 مليار درهم".
ولم يفوت المحلل الاقتصادي الفرصة دون أن يذكر أيضا "تقليص التفاوتات المجالية، من خلال دعم الجهوية المتقدمة بغلاف مالي يقدر بـ10 ملايير درهم، وتنزيل سريع لورش اللاتمركز الإداري، ثم مواصلة تنزيل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية".
ومن ضمن الأولويات، أيضا، "استعادة الهوامش المالية، من أجل ضمان استدامة الإصلاحات الكبرى، من خلال الرفع من التحصيل الضريبي وترشيد النفقات المرتبطة بالتسيير العادي للإدارة".
من جهة أخرى، يوضح جدري، فإن "الفرضيات التي بني عليها مشروع قانون المالية تبقى محط نقاش، حيث إنه سيصعب تحقيق نسبة نمو 4% في ظل الظرفية الاقتصادية الحالية، وكذلك توقعات المؤسسات المختصة الوطنية والدولية".
"إن تحقيق نسبة تضخم في حدود 2% يبقى بعيد المنال، خصوصا وأن العالم مازال متأثرا بالتضخم وارتباك سلاسل الإنتاج والتوريد"، يقول المصدر عينه قبل أن يضيف أن "نسبة عجز الميزانية يمكن تحقيقها نظرا للمجهود الكبير الذي بذلته الحكومة في التحكم فيه خلال السنة الحالية".
عموما، يشرح الخبير عينه، فإن "تحقيق الأهداف المرسومة في مشروع قانون المالية يبقى رهينا بعاملين اثنين، للأسف، لا تتحكم فيهما الحكومة؛ الأول مرتبط بالتساقطات المطرية من أجل تحقيق موسم فلاحي متوسط؛ والثاني ألا يتجاوز سعر نفط البرميل 98 دولارا في السوق العالمية".
بالمقابل، يواصل جدري تصريحه، فإن "الحكومة مطالبة بالتوفر على إرادة حقيقية وجرأة غير معهودة من أجل تنزيل الإصلاحات المطلوبة، قصد تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد منتج للثروة ولفرص العمل، من خلال فتح نقاش حقيقي ومجتمعي لتنزيل إصلاح صندوق المقاصة، علاوة على إصلاح شامل للمنظومة الضريبية".
كما أن الحكومة مطالبة، في ختام تصريح جدري، بـ"إصلاح أنظمة التقاعد، وكذا محاربة الريع والفساد، ومحاربة كل ممارسات بعض الوسطاء والمضاربين والمحتكرين، بالإضافة إلى تعديل مدونة الشغل وسن قانون الإضراب، دون نسيان العمل على تهييء سوق تنافسية حقيقية، بعيدة عن كل شبهات الاحتكار والتركيز والاتفاق".