وقفة احتجاجية ضد مدون دعا إلى بيع وجدة للجزائر

قبور تحت الماء.. الأمطار تغرق مقبرة الطويجين بسطات وتسبب في انهيار قبورها

احتجاحات بالحراريين بطنجة بسبب مسجد

شوارع باريس تكتسي اللون الأبيض استعدادا لاستقبال الشهر الأخير من السنة الميلادية

ضربة سـكين تنهي حـياة تلميذ بطنجة ومطالب بضرورة التدخل ومراقبة أبواب المدراس

استيراد اللحوم المجمدة يخلق جدلا واسعا.. مواطنون ومهنيون يرفضونها ويتسائلون: هل هي حلال؟

مدن المهن والكفاءات.. أي إضافة لمنظومة التكوين المهني؟

مدن المهن والكفاءات.. أي إضافة لمنظومة التكوين المهني؟

اسماعيل احديدو

تعتبر مدن المهن و الكفاءات (CMC) مفهوما جديدا في العرض التكويني لبلادنا. فهي ثاني المشاريع التي جاءت بها خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني المصادق عليها أمام عاهل البلاد يوم 04 أبريل2019 . كما أنها الجيل الرابع لمؤسسات التكوين المهني التي تنضاف إلى مراكز التكوين المهني (CFP)و مراكز التأهيل المهني (CQP) التي تم خلقها عام 1974 , معاهد التكنولوجيا التطبيقية (ITA) عام 1981 و المعاهد المتخصصة في التكنولوجيا التطبيقية (ISTA) عام 1993.

هذا المشورع الجديد يتجسد في إنجاز فضاءات ممتدة على العديد من الهكتارات, على مستوى كل جهة من الجهات الإثني عشر للمملكة, من أجل احتواء, ليس فقط قاعات و ورشات للتكوين, بل أيضا أماكن و مرافق و تجهيزات للتدريب و المحاكاة و البحث و الابتكار و تعلم اللغات و المهارات الحياتية و كذا الإيواء و الترفيه. هذه المؤسسات النتعددة الأقطاب و التخصصات تستهدف بالتالي توفير الشروط المادية للمسجلين لاكتساب المهارات والكفايات اللازمة للممارسة الفعلية للمهن.

علاوة على هذه الظروف المادية و العروض التكوينية الجديدة التي سيتم تقديمها, كالذكاء الرقمي والاصطناعي, الصحة و الخدمات الشخصية والمجتمعية, يتجلى الطابع المتجدد أيضا لهذه المؤسسات في نمط حكامتها الفريد. إذ ستخضع, على خلاف المؤسسات التقليدية للتكوين المهني, لشركات مجهولة الإسم (SA) يتشكل مجلس إدارتها من ممثلي الدولة و المهنيين و الجهات. هذا التقارب و إشراك الفاعلين المعنيين بالعملية التكوينية من شأنه, لا محالة, إعطاء هذه المؤسسات المرونة والسرعة الإدارية اللازمتين للتكيف , بمرور الوقت, مع احتياجات السوق المتغيرة باستمرار.

حتى على المستوى البيداغوجي, سيتم الاعتماد في هذه المؤسسات على مناهج و طرق تكوينية جديدة تركز على التعلم بالممارسة و اتباع تمارين تحاكي الواقع المهني. كما ستشكل الرقميات دعامة أساسية للتعلمات من أجل تنمية الاسقلالية و القدرة على التكوين الذاتي المستمر لذا المتدربيين. دون إغفال العمل على النهوض بالمهارات الحياتية و الناعمة لهؤلاء, إذ تشكل المجزوءات المتعلقة بهذا الجانب% 30 من البرامج التكوينية المبرمجة. و من أجل تنزيل كل هذا, تم توظيف مكونيين و أطر ذوي كفاءات و خبرات ميدانية و تم إخضاعهم لتداريب و تكوينات سواء في المجال التقني أو البيداغوجي.

إن كل المعطيات الحالية و التصاميم و و الخطط التي تم إعدادها لتنزيل هذا الورش الهام, و بالرغم من بعض التعثرات, تجعلنا نتفائل خيرا حول جودة التكوينات التي سيقدمها هذا الجيل الجديد من المؤسسات التكوينية ببلادنا. لكن هذا لا يمنع من إبداء الملاحظات التالية :

أولا, نجاح مدن المهن و الكفاءات لا يعني بالضرورة نجاح منظومة التكوين المهني برمتها. فالطاقة الاستيعابية لهذه المؤسسات لا تصل حتى إلى 10% من مجموع المسجلين في مجموع المؤسسات التكوينية) حوالي 34000 مقعد.( و عدم تأهيل المؤسسات التقليدية, لتكون في مستوى جودة مدن المهن و الكفاءات, من شأنه أن يؤدي بنا الى منظومة تكوينية برأسين تسير بسرعتين, مما سيضرب في العمق مبدأ تكافئ الفرص بين الخريجين حينما يلجون سوق الشغل الذي تطبعه أصلا المحدودية و الإنتقائية.

ثانيا, إطلاق هذا الورش الكبير التي يبتغي تجويد منظومة التكوين المهني ببلادنا لم تواكبه سياسة تواصلية مكثفة و فعالة للتعريف بهذه المؤسسات الجديدة, و توضيح موقعها في منظومة التكوين المهني. إذ يعول عليها ليست فقط لتكون قاطرة في هذا المسار, بل أيضا دعامة للاشعاع الخارجي للمغرب, خاصة على المستوى الإفريقي. مما يقتضي إنخراط باقي الفاعلين, خصوصا الإعلام العمومي و المؤسسات التعليمية, في إبراز الطابع المتجدد و المبتكر لهذه المؤسسات.

ثالثا, تمركز مدن المهن و الكفاءات في هامش المدن الكبرى على مستوى الجهات, و بالتالي بعدها من المستهدفين, يقلص من جاذبيتها , خصوصا أن معظم المهن التي تقدمها تتواجد أيضا بالمؤسسات التقليدية التي تتميز بقربها. كما أن إمكانيات الإيواء التي توفرها تبقى غير كافية (700 سرير من أصل 3560 متدرب مثلا في مدينة المهن و الكفاءات لجهة الرباط , سلا و القنيطرة), زيادة على غياب أو صعوبة التنقل العمومي إلى هذه المؤسسات. مما يستدعي الزيادة في طاقتها الإيوائية و العمل على ربطها, في أقرب الآجال, بالمراكز الحضرية بتوفير الحافلات مثلا, حتى تكون فعلا مراكز مندمجة في محيطها الجهوي.

ختاما. يمكن القول أن منظومة التكوين المهني ببلادنا تجتاز اليوم مرحلة حاسمة. و من شأن مجيء مدن المهن و الكفاءات و التنزيل الفعلي لباقي مضامين خارطة الطريق الجديدة أن يسهم عموما في حل بعض أعطاب التكوين المهني و تجويد مخرجاته, ليبقى الرهان أيضا هو مدى نجاحنا في خلق إقتصاد قوي و شروط ملائمة للاستثمار كفيلة باستيعاب كل الخريجين, مما يستلزم إتباع مقاربة شاملة و مندمجة في حل إشكالية الإندماج المهني للشباب.

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات