بوعزة ناصر
أثار انتباهي وأنا أحرس الامتحانات الجهوية والوطنية ظاهرة خطيرة للغاية؛ تتمثل في العزوف عن قراءة نص الانطلاق في مادة اللغة العربية والوثائق والوضعيات المختلفة في مواد أخرى. كأن المتعلم يرفع الشعار الذي دأب عليه هو: "لن أقرأ النص"؛ حيث مجرد توزيع أوراق الامتحان تراهم يقلبون في رؤوسهم شمالا وجنوبا، شرقا وغربا بحثا عن غنيمة أو فريسة موجودة لدى هذا أو ذاك. لا يبذل أي جهد في قراءة النص والاطلاع على المطلوب ومعرفة ما طُلب منه على الإطلاق، وهناك من تطلب منه الانحناء وكتابة اسمه كأضعف الإيمان، وحتى يلمس ورقته لعله يفعلا شيئا. إنه جيل جديد يريد كل شيء وبلا أي شيء.
إننا بالفعل أمام متعلم متقاعس ومهموم همه اللعب والشغب واللامبالاة والهاتف والغياب و"العام طويل" وطلب المساعدة والتعاون معه "تعاونو معنا الله ارحم الوالدين" كأننا في خيرية أو أمام مخيمات اللاجئين نوزع الغنائم والمواد الغذائية. وإذا سألته في المجال الرياضي أو فتحت معه هذا الجانب ستسمع العجب وسيعطيك عناصر كل فريق شئت بهجومه ووسطه ودفاعه، وقس على ذلك مختلف المجالات الأخرى إلا الدراسة والمطالعة والأخلاق.
إنه جيل يكره القراءة في مجتمعاتنا العربية على الخصوص، وبذلك ينحرف ويتأثر، والأسباب متعددة ومتداخلة، أهمها: غياب الوعي في كون القراءة تبني الإنسان، وتحارب الجهل والأمية، علاوة على سيطرة الانترنيت والهاتف على عقول الشباب وانهيار ثقافة الكتاب وتهميش الفئة المثقفة في الواقع.
إن القراءة من أساسيات بناء المجتمع بصفة عامة وذات المتعلم بالخصوص؛ حيث تنير عقله وتربيه على الأخلاق الكريمة واحترام الاخرين، وتوسّع مداركه وتمنحه حب النصوص والتقرب منها والقدرة على فهمها وتحليلها وتنمي رصيده المعرفي واكتساب مهارة التعبير.