بوعزة ناصر
يظهر أن بعد طوفان 07 نونبر 2023 بالرباط لم يعد أمام وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلا التراجع عن النظام الأساسي المشؤوم أو تعديله، ولا جدوى من نظام يكرس الظلم والحكرة ودفن الأستاذ في مقبرة العقوبات. نظام لم يأت بشيء إلا أنه وحد كل فئات التعليم على كلمة واحدة " لا الحكرة نعم للكرامة"، فشكرا لبنموسى وكل من سهر على إعداد هذا النظام الهادف في حقيقته إلى محو صورة الأستاذ وتحويل عمله كموظف في مهنة شريفة إلى "عطاش" يشتغل صباحا ومساء. نظام كُتب بلغة فضفاضة تخفي الحقائق المولمة التي تنتظر رجل التعليم، وتفتح في الكثير من مواده التأويلات وتحمل قرارات ستقسم ظهر المدرس وتترك مصيره في أيادي متعددة ستفعل به ما تشاء دون حماية. نظام جاء ليثقل كاهل الأستاذ بمجموعة من المهام في غياب التعويضات. فهل هناك مهام وإصلاح في العالم وفي أي قطاع دون الزيادة في الأجر؟ نظام من فوائده الأخرى أنه أيقظ فئة كانت نائمة وتائهة ومشغولة بشراء مستلزمات العمل وصباغة جدران المدارس من مالها الخاص بنية التعاون على إصلاح المدرسة العمومية وف "سبيل بلادي ووليداتي"، لكن للوزارة نية أخرى "هادشي لدارنا كانوا أساتذة كيديروه غير بغينا ندققو العمل"، والمقصود بالتدقيق في هذا السياق هو "تزير الأستاذ وتشنق عليه وتخنقو ويلا غوت ولا عيا خرج لو عينو".
كل خرجات بنموسى يحاول إقناع الشغيلة بمزايا النظام الأساسي يزيد الطين بلة، وهو بنفسه من خلال كلامه ولغة ملامحه غير مقتنع بمواده المجحفة، والتي تحمل خبايا سيئة لا يعلمها إلا من صاغه بنية سيئة في غرفة مغلقة مظلمة.
لذلك جاءت مسيرة الرباط استثنائية في تاريخ القطاع ونححت بنسبة حضور غير متوقع، ومرت في أجواء حضارية سادها الانضباط والاحترام وهندسة الشعارات والذكاء والرقي الذي عبر عنه الأساتذة والأستاذات، وهم يطالبون بكرامتهم وحقوقهم المهضومة ورد الاعتبار للمدرسة العمومية التي أصبحت في خبر كان.
مسيرة الغضب هي أولا انتفاضة ضد نظام المآسي الذي يتشبث به السيد بنموسى بحجة إصلاح قطاع التعليم، وثانيا هي رسالة واضحة لأصحاب العقول والقرار في قطاع التعليم أن الكل يرفض نظامكم المجحف وعليكم بالرجوع إلى رشدكم، وتعديل ما يمكن تعديله بما يضمن حقوق وكرامة رجال ونساء التعليم حتى تعود الحياة إلى طبيعتها قبل فوات الآوان. أما الاستمرار في الدفاع عن هذا النظام اللا أساسي فهو الهروب إلى الأمام والدفع بهذا القطاع إلى نفق مسدود. وأي تأخر في الحل يعني ترك الجرح ينزف والمسافة تطول، وربما التفكير في الرجوع قد يكلف الكثير، وربما مطالب اليوم لن تقنع غدا، وربما الصامت اليوم سينفجر غدا، والمغرب في غنى عن المشاكل والاحتقان في هذه الظرفية الحساسة. فعلى الحكومة الاجتماعية مراجعة أوراقها وتدبر الملفات الاجتماعية بحكمة وتبصر، لأن منها تأتي المشاكل الكبرى.