عبد الله الحمزاوي
الإسلاميون ليسو ديموقرطيين حقا هذا ما قاله المفكر "جون واتربوري" ومعناه أن تبني الديمقراطية وقواعدها مرحلة تدريجية في التعامل مع المجتمع من أجل الوصول إلى تطبيق أحكام الشريعة في نظام الحكم، لكن إذا كانت ماهية الحركات الإسلامية تتلخص في الوصول إلى الحكم بما أنزل الله، فإنها اليوم في ورطة العمل بالأحكام الوضعية بما يعني أن النتيجة هي الخروج عن الهدف المثالي، ومن ثمة سقوط العباءة الأخلاقية والعقائدية التي يمكن أن توجه العمل السياسي وتؤطر آليات نظام الحكم.
لقد أخطأت الحركات الإسلامية عندما سعت إلى السلطة وهي لا تملك أجندة لا إصلاحية ولا تغييرية سوى الخطاب الأخلاقي المتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يصل ذلك إلى انتاج نظرية اقتصادية اسلامية. وعندما تتحدث إليهم تتم الإحالة إلى كتابات إسلامية اقتصادية مع أن هذه الكتابات أصدرت في دول أخرى ويغلب عليها الطابع العام، بالإضافة إلى كون هذه الكتابات أحيانا نجدها صادرة من توجهات إسلامية مختلفة. فكيف نقبل بها في الاقتصاد ونختلف معها في الماهية مثل اعتماد السنة على الكتابات الإسلامية الشيعية أو العكس، وهو ما يعني أن الوصول إلى الحكم وممارسته لم يكن خاضعا لمنهجية دقيقة ومحدد بضبط زمني معين، وإنما كانت عبارة عن فعل تربصي هدفه الوصول إلى السلطة أكثر من مراعاة الهدف الأسمى الذي وجدت لأجله الحركات الإسلامية، لتتحول بعض هذه الأخيرة إلى متاجر سياسي بالدين وخطاب الأخلاق كما يقول الداعية اللبناني الراحل فتحي يكن في "أبجديات العمل الإسلامي".
إذا لقد تحول الإسلام من خطاب الدين والعقيدة وتطبيق أحكام الشريعة إلى خطاب استقطاب الجماهير والمتاجرة السياسية وتحصيل المناصب والمقاعد في مجلس الشورى أو البرلمان والحكومة وغيرهما، وبالتالي لم تفرض الحركة الإسلامية أي تميز في المجال السياسي بل ضلت متوقفة على الصرامة في تطبيق الأحكام الوضعية ولم تنتج أي جديد في المجال السياسي وهو أمر يتنافى مع حجم الرسالة التي تدعو إليها أو توهم البشر أنها بصدد السير نحوها. حقا قد لا يكون الهدف الحقيقي للإسلام هو تقديم أشياء مادية للناس لكن الغايات المثلى هي العدل والحرية والكرامة فما هي إذن القواعد المتينة عند الحركات الإسلامية لتكريس مثل هذه المفاهيم الربانية الكبرى. أم أن الإسلاميون يريدون نفس مصير أسلافهم في الميكيافلية والهوبزية وبالتاي لا داعي إلى الأخلاق البروتستانتية؟