عبدالفتاح المنطري
ويل لمن قادته الأقدار وليس قادرا على الدفع المسبق إلى مشفى خصوصي كالمستشفى الدولى أدولف دو روتشيلد الكائن بأجنحة المستشفى الدولي الجامعي الشيخ زايد الخصوصي أيضا والمتعدد الاختصاصات بالرباط
فإذا قادتك الظروف وأنت تسعى للعلاج أو الاستشفاء هناك فستجد نفسك أمام بنك وليس مستشفى،إذ ترى في أول وهلة شبابيك الأداء وكأنها صناديق بنكية متراصة جنبا إلى جنب ولا يسمح لك قطعا برؤية الطبيب إلا بعد الأداء المسبق وأخذ موعد حتى ولو كنت قد تابعت معه العلاج في أقل من عشرين يوما،دون الحديث أيضا عن المستلزمات الطبية التي تباع هناك بأضعاف أثمانها الحقيقية
وإذا كنت من المؤمنين صحيا واجتماعيا،فأمامك مسلسل مربك حقا للحصول على الموافقة على شهادة التحمل من الجهة المؤمنة حتى تؤدي الفرق في المبلغ الإجمالي للعملية مثلا
أما إذا كنت غير محمي بصندوق اجتماعي خصوصي أو عمومي،فجهز نفسك للجلد حتى العظم وربما تضطر للاستعانة بقرض أو بيع ما تملك من أجل متابعة العلاج أو الاستشفاء
وهذا المشفى الدولي ليس استثناء ببلادنا،فجل المشافي الخاصة عندنا تعتبر ملاذات آمنة لمراكمة الأرباح على حساب صحة المرضى رغم دورها الحيوي في تخفيف الضغط عن المشافي العمومية
قصة مشفى شهير بفرنسا
ومستشفى أدولف دو روتشيلد أحدث سنة 1905 في الدائرة 19 في باريس، وهو مؤسسة خاصة للرعاية الصحية ذات اهتمام جماعي متخصص في جميع أمراض الرأس والعنق
للبالغين والأطفال. ويقدم هذا المستشفى الجامعي رعاية متميزة بأسعار تقع ضمن قطاع الضمان الصحي الأول ويعالج نحو 300 ألف مريض سنويا
يضمن مستشفى مؤسسة روتشيلد استمرارية الرعاية والبحث والتدريب، إذ يدير كل عام 125 دراسة بحث سريرية وينشر قرابة 300 مقال علمي ويدرب حوالي 700 طالب
وتظهر الخدمات التي يؤمنها مستشفى مؤسسة روتشيلد بانتظام في صدارة تصنيفات أفضل المشافي الفرنسية
وقد حصل مستشفى مؤسسة روتشيلد على أعلى مستويات
الاعتماد من الهيئة العليا للصحة في فرنسا
ومعلوم أن روتشيلد أسرة مصرفية يهودية يقال أنها داعمة للكيان طولا وعرضا،أصلها من مدينة فرانكفورت الألمانية، مؤسسها الأول إسحاق الخنان من أهل القرن السادس عشر، وروتشيلد في الألمانية نسبة إلى ترس أحمر كان الجد المؤسس لها يضعه على واجهة منزله
وقد حققت هذه الأسرة مركزًا مرموقًا في عالم المال والصيرفة في معظم دول أوروبا، بدءًا من مطلع القرن الثامن عشر، ويعد الأب روتشيلد مع أبنائه الخمسة نقطة البداية في تحول الأسرة لتصبح من أشهر أسر المال والاقتصاد في العالم
على كل حال،فإن المقارنة بين وضع بلادنا الصحي والوضع الصحي بفرنسا،فكمن يقارن بين الثرى والثريا، بين الأسد والقط،وإذا كان المستشفى الروتشيلدي بفرنسا يشتغل بأعلى درجات المهنية وليس بمعاملات بنكية صرفة شبه خالية من المنحى الإنساني الاجتماعي كالذي عندنا بالرباط،فإنه بفرنسا وبسائر بلدان أوروبا والخليج وحتى بدول تجاورنا،لا يعاني المواطن عندهم من تدهور في التغطية الصحية وليس في حاجة إلى صرف نصف مدخوله الشهري أو السنوي على صحته وصحة أسرته وأطفاله وهو يزور مستشفى خصوصيا أو عموميا هناك من أجل العلاج أو الاستشفاء
إثراء متعدد الأوجه وتفقير متعدد الأبعاد
إنه وحش التحكم السياسي والاقتصادي ووحش الغلاء و التفقير ووحش التجهيل والاستخفاف بإنسانية المواطن وتحقيره ووحش الخوصصة الصحية والتعليمية ووحش المافيا العقارية ووحش القروض الأجنبية وإملاءات الصناديق والأبناك الدولية ووحش بعض لوبيات الأبناك والتأمينات وخدمات الداخل ووحش بعض المقاولات غير المواطنة وذات النفوذ ووحش شراء الذمم وجلب الأصوات باستعمال أخس طرق المكر والخديعة أو عبر وسائل الضغط والابتزاز بمغربنا العميق ووحش الاقتصاد الريعي ووحش الطمع في أصوات غير مستحقة ووحش الطمع في الاستفراد بالخيرات من قبل أقلية على مرأى ومسمع من أغلبية صامتة، عازفة ومغردة أو مدونة، سابحة في ظلمة بحر لجي من فوقه ومن تحته موج ،كل ذلك من دواعي فقدان الثقة في منظومتنا الانتخابية والسياسية من قبل عدد كبير من المواطنين خاصة ممن ينتمون للطبقة الوسطى من المجتمع التي عانت وتعاني من أساليب طحنها و تفقيرها
لا وجه للمقارنة مع وجود الفارق
أطل علينا مؤخرا يونس سكوري وزير الإدماج الاقتصادي و المقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بقوله العجيب الغريب بكون بلادنا أضحت مع الدعم الاجتماعي المباشر وبرنامج الحماية الصحية مثل أوروبا رغم علمه بالبون الشاسع بيننا وبينهم في جودة الخدمات الصحية والاجتماعية وفي الأجور والمعاشات والحد الأدنى للأجور والعدالة الضريبية
دولة اجتماعية ينشدها دافعو الضرائب
الدولة الاجتماعية التي نحلم بها عموما هي التي تقوم بتأمين وتقديم الخدمات الاجتماعية في شكل مساعدات عينية ومادية وتمد يد العون للفئات الضعيفة والمتوسطة داخل المجتمع وتكون مسؤولة عن حماية مواطنيها من الوقوع في براثن اقتصاد السوق وعواقب الرأسمالية المتغولة وعولمة الاقتصاد
وتعمل أيضا على ضمان التوزيع العادل للموارد والثروات بين مواطنيها وذلك من خلال تطبيق تشريعات لتأطير هذه التدخلات وإنزال خدمات ذات طابع اجتماعي تهدف أساسا إلى حماية الفئات الهشة والمتوسطة في المجتمع، خاصة التي لا تتوفر على منظومة حمائية اجتماعية من مثل الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية والتأمين ضد الحوادث
والتعويض عن البطالة والتكفل بغير القادرين على العمل خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية الفئات المسنة والمتقاعدين واليتامى والأرامل والمطلقات والأطفال ذوي الإعاقات الذهنية والعضوية
إن مفهوم العدالة الاجتماعية المؤسسة عليه نظرية الدولة الاجتماعية هو الأنموذج الأمثل لبلوغ دولة الرفاه التي ينتظرها المغاربة، فتقديم الخدمات ذات الطابع الاجتماعي بشكل أوسع وأشمل ومنها إرساء الخدمات الصحية المقربة للمواطن والفعالة على الدوام وضمان تعليم جيد لأبناء الوطن وفق نظم موحدة، وتوفير السكن اللائق للجميع، ورعاية الأطفال في وضعية احتياج ودعم الشباب وإعداد فضاءات تؤطره، ودعم المتقاعدين والمسنين وذوي الحاجات الخاصة وغيرها من شأنها أن توصلنا إلى الغاية المنشودة
ليس كل ما في مشهدنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي قبيح على كل حال وليس كل ما فيه جميل، وتبقى نعمة استقرار البلاد وأمنها خير وأبقى، رغم كل ما قد يحاك من مؤامرات ضد وطننا الغالي من داخله أو من خارجه ،فاللهم احفظه بعينك التي لا تسهو ولا تنام وأدم عليه هذه النعمة التي لا تقدر بثمن ,فالفتنة أشد من القتل
لكن، كيف يمكن إذن مكافحة الفساد من دون تطبيق قانون الذمة المالية تطبيقاً فعالاً وهو بداية المحاسبة التي تشمل الوظائف الكبيرة قبل الصغيرة وفقاً لمبدأ من أين لك هذا؟
حقوق دافعي الضرائب الأوروبيين
نعود ونكرر لذوي الألباب أيضا من خلال إطلالة بسيطة على حقوق دافع الضرائب الأوروبي،تجعلنا إذن ندرك مدى البون الشاسع الحاصل بينه وبين دافع الضرائب عندنا
فهو يتمتع بحد أدنى للأجور لا يقل في الغالب عن 1400 يورو بالشهر حسب المستوى الاقتصادي لدولة ما بالاتحاد الأوروبي ويستفيد غالبا من المجانية في الدواء وفي العلاجات وفي الاستشفاء داخل أو خارج المشافي العمومية كالعمليات الجراحية وعمليات التوليد والمتابعة وغيره ومن تعليم لأبنائه بجودة عالية مع توفير المستلزمات الدراسية والنقل المجاني ومن تعويضات شهرية وسنوية للأسر ذات قيمة معتبرة ومن الدعم المدرسي المالي لأبنائها ورعاية خاصة للمواليد و للأطفال عموما من الصندوق المخصص لذلك ومن التعويض الشهري عن توقف أو فقدان الشغل لكل مواطن أو مواطنة كيفما كان حاله وتمتيعه بالمجانية في كثير من ضرورات العيش اليومي وكذا توفير الإيواء المجاني له من قبل الدولة أو دفع مقابل مادي للاستفادة منه حسب الاستطاعة دون الحديث عن الامتيازات المتعددة التي يحظى بها من قبل الدولة ذوو الاحتياجات الخاصة من معاقين ذهنيا أو بدنيا أو من الفاقدين للحركة و للقدرة عن العمل أو لمن لهم صعوبة في القراءة والتذكر ومرضى التوحد وأصحاب الأمراض المزمنة من الصغار والكبار..إلخ…مع اعتماد سياسة كسر الأسعار في عدة مناسبات ليتمتع من هم في أمس الحاجة أيضا بتناول أو ارتداء ما غلا سعره، كما تعطى لكافة المواطنين والمواطنات عدة خيارات تحت ضمان الدولة وفق منظومة السلامة الاجتماعية وأمن الشغل أو عدمه،في كل ما تعلق بمعيشهم اليومي وحاضرهم ومستقبلهم من تيسير في السكن وفي شروط الحصول عليه حسب مدخول كل فرد وفي توفير آفاق واعدة للتكوين الذاتي واستكمال الدراسة وفي طرح ومراقبة السوق التنافسية الحرة للاستفادة من خدمات الهاتف مع طرح صيغ مجانية للاتصال بداخل وخارج اوروبا و عروض الأنترنيت بصبيب عال يكاد لا ينقطع ونحو ذلك وفي تنظيم الأسفار الداخلية والخارجية والسياحة الفندقية والتخييم وفي كل ما يرتبط بالصحة العامة للمواطن ووقايته من مختلف الأمراض بل حتى الحيوان الأليف له ما يلزمه من حقوق العناية به في إطار القوانين الجاري بها العمل هناك وما خروج أصحاب السترات الصفراء أساسا إلى شوارع فرنسا إلا من أجل المطالبة بالتخفيض من الضرائب وتجويد الخدمات المقدمة إلى المواطن أسوة ببعض الدول الأوروبية التي تحظى فيها الرعاية الاجتماعية بمستويات أفضل وأرقى من فرنسا .وبالطبع فالاتحاد الأوروبي ليس جنة من لا جنة له ولكنه من منظور شعوب كثير من الدول السائرة في طريق النمو المسماة سابقا بالدول المتخلفة أو النامية،فمواطنوه يعيش معظمهم عيشة راضية على الأقل مع ضرورات الحياة وكمالياتها
حقوق دافعي الضرائب من المغاربة
أما دافع الضرائب عندنا،فهو رغم التزامه بأداء مختلف الواجبات الضريبية وهي كثيرة ومتنوعة المصادر سواء ما تعلق بدخله أو بالضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على الاستهلاك أو الرسوم الجبائية الجماعية و كذا الرسوم المختلفة الواجبة على المواطن من قبل الدولة،فإنه،مع كل ذلك، يبقى عرضة لكثير من معوقات الحياة كمواطن يسعى إلى العيش الكريم داخل وطنه الذي يحبه ولا يرضى بغيره وطنا بل يغار عليه ويذود عنه من كل نيل من سمعته كلما سمع أو رأى ما يغضبه من مس بتاريخ أو حاضر وطنه،رغم كل ذلك وبحد أدنى للأجور لا يتعدى في الوظيفة العمومية مثلا 3000 درهم بالشهر ،فإنه يكاد لا ينتفع من أي شيء يعد مجانيا إلا فيما ندر في معظم شؤون الحياة المعيشية منذ ولادته إلى حين وفاته، بل إن رب الأسرة أو معيلها هو من يتكفل برزق العاطلين عن العمل و إيوائهم أو بمن توقفوا من أسرته عن الشغل لأسباب مختلفة إلا إذا كانوا قد تحصلوا هم على تأمين خاص بحالتهم
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى
الصحة لا تُشترى بالمال.
مالك الصحة أغنى من الثري.
لذة الحياة في الصحة والشباب.
الصحة للمريض بمثابة الحرية للسجين.
الصحة هي صحة العقل والجسم.
تكمن السعادة الحقيقية في صحة جيدة للبدن وذاكرة سيئة.
الصحة هي أعظم النعم التي ينعم بها الله على الإنسان.
الثروة الحقيقية هي الصحة وليس المال.
الصحة هي ثروة الإنسان الحكيم.
حافظ على صحتك فإنها الوسادة النعامة التي ستنام عليها في شيخوختك.