احتجاحات بالحراريين بطنجة بسبب مسجد

شوارع باريس تكتسي اللون الأبيض استعدادا لاستقبال الشهر الأخير من السنة الميلادية

ضربة سـكين تنهي حـياة تلميذ بطنجة ومطالب بضرورة التدخل ومراقبة أبواب المدراس

استيراد اللحوم المجمدة يخلق جدلا واسعا.. مواطنون ومهنيون يرفضونها ويتسائلون: هل هي حلال؟

وهبي: في اجتماع اليوم برئاسة رئيس الحكومة اتفقنا على تفعيل قانون العقوبات البديلة

تفاصيل مثيرة حول اعتقال "ولد الشينوية" على لسان مشتكين

الذكرى ال 45 لاسترجاع وادي الذهب.. تجسيد الوحدة الوطنية واستكمال لمسيرة الاستقلال

الذكرى ال 45 لاسترجاع وادي الذهب.. تجسيد الوحدة الوطنية واستكمال لمسيرة الاستقلال

أخبارنا المغربية

بقلم: محمد أعزوز

في 14 غشت 1979، شهد المغرب حدثًا تاريخيًا بارزًا تمثل في استرجاع إقليم وادي الذهب من السيطرة الإسبانية. كان هذا الحدث خطوة حاسمة نحو تحقيق الوحدة الترابية والسيادة الوطنية الكاملة. يعكس هذا اليوم التلاحم الوطني والتضامن بين مختلف مناطق المغرب، ويجسد التزام المملكة بتحقيق التنمية المستدامة في جميع أقاليمها. وتعد ذكرى استرجاع وادي الذهب محطة تاريخية ورمزًا للوحدة الوطنية والتلاحم بين العرش والشعب، وتجسيدًا للجهود المستمرة لتحقيق التنمية والازدهار في كافة ربوع المملكة.

السياق التاريخي

منذ أواخر القرن التاسع عشر، خضع إقليم وادي الذهب للسيطرة الإسبانية، واستمر الاحتلال لعقود طويلة حتى استرجاعه في عام 1979. ولم يهنأ المستعمر الإسباني، حيث كانت هذه الفترة مليئة بالتحديات والمقاومة المستمرة من قبل القبائل الصحراوية التي لعبت دورًا محوريًا في مواجهة الاحتلال. وفقًا للدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين في كتابه “قبائل الصحراء المغربية: أصولها، جهادها، ثقافتها”، تميزت هذه القبائل بالشجاعة والولاء العميق للوطن، حيث قدمت تضحيات جسيمة للحفاظ على هويتها ومقاومة الاستعمار.

منذ عهد السلطان مولاي إسماعيل، كان العرش المغربي دائمًا في طليعة الدفاع عن الصحراء المغربية ضد أي غزو أجنبي، ساعيًا لتحقيق الأمن والرفاهية لسكان المغرب. تجسدت صلابة المقاومين المغاربة في الصحراء من خلال الجهاد والبطولات التي انبثقت من صميم الفكر المغربي، تحت توجيه وتخطيط وأوامر الملوك العلويين الذين بويعوا طواعية من قبل جميع المغاربة. كانت عزيمة أبناء المغرب بمثابة الطود الشامخ والسد المنيع الذي صد كل طامع أجنبي حاول النيل من مقدسات البلاد.

تفاصيل الحدث

بعد نجاح المسيرة الخضراء، استمر المغرب في جهوده الدبلوماسية والسياسية لاستكمال استرجاع باقي الأقاليم الصحراوية، بما في ذلك وادي الذهب. في 14 غشت 1979، قدم وفد من علماء وشيوخ القبائل وأعيان وادي الذهب البيعة للملك الحسن الثاني في حفل رسمي بالعاصمة الرباط، مؤكدين ارتباطهم الوثيق بالمغرب وتجديد ولائهم للعرش العلوي. وخاطب مبدع المسيرة الخضراء طيب الله ثراه أبناء القبائل الصحراوية المجاهدة قائلاً: “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة. فمنذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم، من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”.

في كتابه “التحدي”، تناول الملك الحسن الثاني استرجاع وادي الذهب كجزء من مسيرة التحرير والوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أهمية هذه الخطوة في تعزيز السيادة الوطنية وتكريس الوحدة الترابية للمغرب. كما تحدث الملك الحسن الثاني عن الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف وعن التضحيات التي قدمها الشعب المغربي في سبيل استرجاع أراضيه. وأكد على دور القبائل الصحراوية في الحفاظ على الهوية المغربية، مشيدًا بشجاعتهم وولائهم العميق للوطن.

وأضفى على هذا اللقاء التاريخي مزيدا من الجمال والروعة قيام الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بتوزيع السلاح على وفود القبائل في إشارة رمزية إلى استمرار الكفاح من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية وعن استتباب الأمن والأمان والاستقرار بالأقاليم الجنوبية المسترجعة إلى الوطن.

الدلالات والمعاني

لم يكن هذا الحدث مجرد تجديد للبيعة، بل كان تجسيدًا للتلاحم العميق بين العرش والشعب والتضامن بين مختلف مكونات المجتمع المغربي. هذا التلاحم هو ما يجعل المغرب قويًا ومتماسكًا في مواجهة التحديات المتنوعة. ويعتبر تجديد البيعة رمزًا للولاء المتبادل والثقة الراسخة بين العرش والشعب. يعزز الشعور بالانتماء والوحدة، مما يساهم في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد. كما يعكس هذا التجديد التزام المغاربة بالحفاظ على هويتهم الوطنية وتاريخهم المشترك، ويؤكد على أهمية التضامن والتعاون لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار في كافة ربوع المملكة.

التنمية في وادي الذهب

منذ استرجاعه، شهد إقليم وادي الذهب تطورًا ملموسًا في مختلف المجالات، حيث تم تنفيذ مشاريع تنموية كبيرة في مجالات الإسكان والبنية التحتية والزراعة. شملت هذه المشاريع بناء الطرق والجسور، وتطوير المرافق العامة، وتحسين الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء. ومن بين أهم المشاريع نذكر على سبيل المثال، مشروع الطريق السريع “تزنيت الداخلة” الذي يعتبر شريانًا للتنمية بامتياز، ومشروع بناء ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيحول الصحراء المغربية إلى مركز ثقل مينائي بحري مغربي إفريقي. تشمل هذه الجهود أيضًا تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، ودعم الاقتصاد المحلي من خلال الاستثمارات والمشاريع التنموية. تسهم هذه المبادرات في رفع مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.

تعكس هذه الجهود التنموية التزام المغرب بتحقيق التنمية المستدامة في جميع أقاليمه، وتعكس أيضًا رؤية المغرب المستقبلية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تراعي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.

المستجدات في ملف الصحراء المغربية دوليًا

على الصعيد الدولي، تواصل المملكة المغربية جهودها لتعزيز موقفها في ملف الصحراء المغربية. في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بجدية المغرب في تعاطيه مع المبادرات الرامية إلى حل النزاع المفتعل، وأكد على التزام المغرب بوقف إطلاق النار والتعاون مع بعثة المينورسو. كما أشار التقرير إلى عرقلة جبهة البوليساريو لعمل البعثة الأممية وتصاعد التوترات العسكرية في المنطقة بدفع من الجزائر.

الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء

في السنوات الأخيرة، شهد المغرب سلسلة من الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، مما يعكس جو الثقة الذي بناه المغرب بفضل دبلوماسيته الحكيمة ومصداقيته على الساحة الدولية.

الاعتراف الأمريكي: في 10 دجنبر 2020، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مؤكدًا دعم واشنطن لمقترح الحكم الذاتي المغربي كأساس وحيد لحل النزاع. هذا الاعتراف كان بمثابة نقطة تحول كبيرة في مسار القضية، حيث عزز موقف المغرب على المستوى الدولي.

الاعتراف الإسباني: في 18 مارس 2022، أعلن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبرًا إياها الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع. هذا التحول في موقف إسبانيا جاء نتيجة للجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها المغرب لتعزيز علاقاته مع الدول الأوروبية.

الاعتراف الفرنسي: في 30 يوليوز 2024، أعلنت فرنسا اعترافها بمخطط المغرب للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل النزاع في الصحراء الغربية، معتبرة أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية. هذا الاعتراف يعكس الثقة المتزايدة في الحلول التي يقترحها المغرب.

الاعتراف الفنلندي: في 6 غشت 2024، أعلنت فنلندا دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي، معتبرة إياه أساسًا جيدًا لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. هذا الدعم يعزز من موقف المغرب ويؤكد على مصداقيته في تقديم حلول واقعية ومستدامة.

هذه الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء ليست سوى بداية، حيث من المتوقع أن تتبعها اعترافات أخرى، خاصة من داخل الاتحاد الأوروبي. إن هذا الدعم الدولي المتزايد يعكس الثقة في رؤية المغرب المستقبلية لحل النزاع وتحقيق التنمية والازدهار في المنطقة.

فتح القنصليات

شهدت الأقاليم الجنوبية للمغرب، وخاصة مدينتي العيون والداخلة، افتتاح العديد من القنصليات من دول مختلفة، تأكيدًا لدعمها لموقف المغرب في النزاع حول الصحراء المغربية. منذ ديسمبر 2019، افتتحت أكثر من 24 دولة قنصلياتها في هذه المدن، مما يعكس الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء. على سبيل المثال، افتتح اتحاد جزر القمر قنصليته العامة في العيون في ديسمبر 2019، تلتها دول مثل الغابون، إفريقيا الوسطى، ساوتومي وبرينسيبي، كوت ديفوار، ومالاوي. كما افتتحت دول عربية شقيقة مثل الإمارات العربية المتحدة، البحرين، والأردن قنصلياتها في العيون.

في الداخلة، افتتحت دول مثل غامبيا، غينيا، جيبوتي، ليبيريا، غينيا الاستوائية، غينيا بيساو، بوركينا فاسو، هايتي، غواتيمالا، جمهورية الرأس الأخضر، طوغو، سورينام، ومنظمة دول شرق البحر الكاريبي قنصلياتها العامة. هذه الخطوات تعكس الدعم الدولي المتزايد لموقف المغرب بشأن قضية الصحراء المغربية، وتعزز طرحه للحكم الذاتي كحل سياسي واقعي ودائم. كما تساهم في دفع عجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية، وتشجع على مزيد من الاستثمارات والمشاريع التنموية التي تعزز استقرار المنطقة وازدهارها.

تراجع الاعتراف بالجمهورية الوهمية

شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في عدد الدول التي تعترف بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”. على سبيل المثال، أعلنت كينيا في شتنبر 2022 سحب اعترافها بالجمهورية الوهمية، مما يعكس تزايد الدعم الدولي لموقف المغرب. هذا التراجع ليس حالة فردية، بل هو جزء من اتجاه أوسع يشمل العديد من الدول التي قامت بتجميد أو سحب اعترافها بالجمهورية الصحراوية. حتى الآن، قامت أكثر من 44 دولة بتجميد أو سحب اعترافها بالجمهورية الصحراوية، مما يعكس تحولًا في المواقف الدولية تجاه النزاع في الصحراء المغربية.

تأتي هذه التحولات نتيجة للجهود الدبلوماسية المكثفة التي يبذلها المغرب لتعزيز موقفه على الساحة الدولية، بالإضافة إلى تقديمه لمبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي ودائم للنزاع. هذه المبادرة حظيت بدعم واسع من المجتمع الدولي، مما ساهم في تعزيز موقف المغرب وتقليص عدد الدول التي تعترف بالجمهورية الوهمية. يعكس هذا التراجع في الاعترافات الدولية تحولًا نحو دعم الحلول السلمية والتنموية التي يقترحها المغرب.

فشل مشروع الانفصال الجزائري

مع تزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، أصبح واضحًا أن مشروع الانفصال الذي مولته الجزائر قد فشل. هذا الفشل يأتي نتيجة للجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها المغرب لتعزيز موقفه على الساحة الدولية، بالإضافة إلى تقديمه لمبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي ودائم للنزاع في الصحراء المغربية. على سبيل المثال، أظهرت تصريحات المعارض الجزائري أنور مالك أن الجزائر أصبحت ألعوبة في يد الحركات الانفصالية، مما يعكس تخبط النظام الجزائري في إدارة أزماته الداخلية والخارجية.

هذا الفشل يأتي على حساب رفاهية الشعب الجزائري، الذي يعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلاده. بينما تستمر الجزائر في تمويل ودعم جبهة البوليساريو، يعاني الشعب الجزائري من نقص في الخدمات الأساسية وتدهور في مستوى المعيشة. هذا الوضع يعكس التناقض بين الموارد الكبيرة التي تمتلكها الجزائر وبين الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي يعيشها المواطنون. في المقابل، يواصل المغرب تحقيق إنجازات دبلوماسية وتنموية في أقاليمه الجنوبية، مما يعزز موقفه ويزيد من عزلة الأطروحة الانفصالية.

يخلد الشعب المغربي ذكرى استرجاع وادي الذهب سنويًا في 14 غشت، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الحدث في الذاكرة الوطنية. يُعد هذا الاحتفال فرصة لتجديد العهد والولاء للوطن وللتأكيد على الوحدة الوطنية والتضامن بين جميع المغاربة. تبقى ذكرى استرجاع وادي الذهب رمزًا للوحدة الوطنية والتنمية المستدامة التي يسعى المغرب لتحقيقها في جميع أقاليمه.

هذا الحدث التاريخي يعكس قوة الإرادة الوطنية والتلاحم بين العرش والشعب، ويجسد الرؤية المستقبلية للمملكة نحو تحقيق التنمية والازدهار. إن الاحتفال بذكرى استرجاع وادي الذهب هو تأكيد على أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وشعبه المتلاحم، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات. إنه تذكير دائم بأن الوحدة الوطنية هي الأساس الذي يبنى عليه مستقبل مشرق ومستدام، حيث تتجسد فيه قيم التضامن والتعاون لتحقيق رفاهية وازدهار جميع أبناء الوطن.

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات