عبد الحميد الإدريسي
يستفتونكم في العدالة قبل التنمية، وعن البلاء المبين وتسعة رهط وياجوج وماجوج وهامان، لايهم إذا كان المنتظر أن يساهم المجلس البلدي لتنغير بما تيسر له من دراهم في مشاريع تقوية البنيات التحتية للمدينة، لعلها تدر الرماد في العيون أو تسعفه ان تكون بمثابة الشعرة في العجينة، لكن شاءت الاقدار ان سيطرت وساوس نظرية المؤامرة في مخيلة ألة صنع القرار في سراديب حزب العدالة والتنمية، وزاغت عن الصواب حين اختارت مد يديها ومأجوريها ضحايا لعبتهم المقيتة في حملة دعائية مزيفة، وجر الحبل وتصفية الحسابات السياسية الضيقة التي اصبحت تنغير مسرحا للفرجة والفضيحة والضحك على الذقون، وهذا ماحصل بالفعل حين اعطيت انطلاقة أشغال تهم مجموعة من المرافق العمومية الاساسية داخل المجال الحضري؛ ماكان من السيد النائب البرلماني عن حزب المصباح إلا مساهمة المرور بسيارته مستفيضا من غضبه وهو يلاحظ على لافتة معلومات المشروع المعلقة في أقصى شارع بئر انزران في اتجاه الحي الذي يقيم فيه السيد رئيس المجلس البلدي ــ وهو يلاحظ إسم المجلس الاقليمي كمؤسسة مدعمة وممولة للمشروع عوض المجلس البلدي. وبقدرة قادر اصدر اوامره بإزالة اللافتة لغض الانظار عن الفشل الواقعي لبرنامج سياسي محلي؛ أقل ما يقال عنه انه مصاب بالهزل الاقتياتي ولإشعال الفتنة وتأجيج النعرات وتضليل الرأي العام، وإنه قول فصل وماهو بالهزل.
قد لايستسيغ صاحب الفطرة السليمة أي تحاور مع الاشباح او اشباه الرجال كما تفضل النائب البرلماني بتسميتهم في لقاءاته التواصلية الرديئة، لقد ذهبت بعيدا أيها الرجل الفاضل، تعز علي اعترافاتك الجريئة انك لست رجل سياسة، وانك مكره اخوك لا بطل، لكن لاتنسى ان السياسة تجرك بين احضانها وتذكر دائما انك لست عليهم بمسيطر، وحين زعمت في الشبكة العنكبوتية انه في لقاءاتك المراطونية، تشبه الاسطورة سيزيف في معاناتك، ونيلسون مانديلا في نضالاتك، رغم بعض ما اوردته عن اتصالك برئيس المجلس البلدي واخبارك بمساهمتهم المالية في المشروع أجد فيها مستملحة مناسب تعوض كذب ابريل لهذه السنة، ورغم انني لاافقه كثيرا في لغة الارقام، إلا ان مبلغ 07 ملايير سنتيم كمساهمة مالية من المجلس الاقليمي كافية لتحبط كل خطبك الدونكشوتية، ولقاءاتك السرمدية، ليكشف التاريخ الستار عن ذنوب مرحلتك، وأوهام برامج اهل الكهف الذين مافتئوا يتراقصون أمامك بضلالهم، بينما تشفع لمؤامراتهم ضد تنغير، ولاتدع الاجيال المحبطة والمنهكة بالوعود تطاردك يوما وتردد كنا طفيليين في مغرب الاجانب، وها نحن نعيش أجانب في تنغير الاشباح العائدة، وتذكر ماأمطرت ماكينة حزبكم من احلام افلاطونية وديماغوجية في حملاتكم المقدسة عفوا الانتخابية، وكيف اجهزت على العقول؛ واستباحت العواطف المحلية والدينية، تذكر ايها الرجل الفاضل حلقة من امس حياتك، " وهل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا، وانك كنت تجالس اخوة فقراء متحابون بينهم في سبيل الله، ولا تلهيهم سياسة ولامناصب، شغلهم الشاغل محبة الله ويدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه".
قد أتأسف عن الكبرياء الذي ينتابك حين نتقوى بأبناء زمرتنا العاجزين حتى عن فك مشاكلهم الشخصية، فأين مجال المسؤولية الوطنية الجسيمة في تذبير الشأن المحلي وفق مايقتضيه الظرف والتاريخ بطريقة تشاركية وعادلة، تجعل من التنمية فلسفة وفريضة هدفها الاسمى خير الوطن، لذلك سادتي مناضلي حزب المصباح؛ وعفوا معشر النساء لامجال لمقاربة النوع داخل ترسانة الحزب.
سيدي النائب المحترم، انني اشعر بالخجل امام عمل المؤسسات التي تشرفون على رقابتها، وان دل على شيء فإنه يدل عن عجز مرحلي في فهم الوضعية وتبعثر الاوراق السياسية وتقصير رقابي في عمل المؤسسات، والتمادي في مطاردة الاشباح والعفاريت لن يزيد الطين إلا بلة، إذ ستفكر ألة المجلس البلدي مستقبلا في توفير " لحروز" للوقاية من شرها كشكل من أشكال صكوك الغفران المؤدى عنها مسبقا، ثم ستستفيض ميزانية المجلس البلدي وسيقرر اعضاء الاغلبية النزول إلى الشارع؛ أو غرس اول شجرة إن استطاعوا الى ذلك سبيلا، ولأنكم تحبون المال حبا جما، اخترتم طريق الجمع واللم حتى تمتلئ أقبية بيت المال، للقيام برحلة لتحرير القدس أو دعم مقاتلي حزب الله، ولأني تعجبت حتى توقفت موضع علامة التعجب، وفي هويتي الشخصية سطرت عنوانا لمدينة العجائب والغرائب، بيد أن قول الفصل ولسان الحال يتمثل في من يفوز بالقواعد داخل لعبة التاريخ الكبرى، ويتحكم فيها ثم يطوعها لتشتد وتقسو ثم تلين ويستأتر بها، ويتفرد بنفسه كالمتصوف في خلوته، ويستعمل القواعد في معنى مغاير، ويعكسها لترتد إلى نحور الذين فرضوها ولو كانوا من سلالة عفاريت سليمان هنالك ستكون مضطرا لتشخيص الاعطاب قبل فوات الاوان، وكفى من مضيعة الوقت بالترهات والضغط على الجرح فالمدينة تكلى متخنة بالندوب، فلا تدع الغربان تنهش لحمها الفتي وتستبيح عرضها وعورتها، وأشهر قوسك وحارب الاعداء من ابناء جلدتك، وما أريد إلا الصلاح مااستطعت.
أقف هنا بحكم إرادتي، كما وقفت انت ايضا بحكم ارادتك قبل اصوات مريديك، إذ لا أحد منا يجري وراء نفس المصير، ولكن هذه المرة يجب ان يكون خطابنا في سقفه عاليا، متراصا في بنيانه يشد بعضه بعضا، لذلك دعنا من الاوراق المبعثرة في الرفوف، والمراسلات الروتينية، ومغامراتك "حين تجدب" ( من الجدبة الصوفية) عليهم برفق في مداخلاتك النيابية في البرلمان، كمحاولة ربما يائسة لطمس ملامح الواقع المرير لخيانة الذاكرة الشعبية القائمة غلى المخيلة القبلية أو الدينية لتسويق سياسة ذات ملامح شاحبة وأدوات معاقة تعلن عن إنهيار القيم السياسية للمدينة.
المسؤولية امامكم، والحناجر وراءكم، وليس بينكم والسياسة إلا العدل والاحسان، فلاتتظاهروا باستراحة المحارب قبل بداية الحرب، لقد دقت ساعة الحساب، وحان الوقت للتكفير عن ذنوب بداية نهاية مرحلتكم، فلتسقط الاقنعة، ولتشمروا على سواعدكم للإجابة عن أسئلة المرحلة، إن ثمار جدالكم مع الجرار قد اصابت عيونكم بالرمد، فمن حذق في عين الجن فقد البصر، فما أفاد نور المصباح ان ينير طريق جوقة العميان، وقد تمخضت نتيجة هذا " الزكير" والعناد ألاف من المعطلين يجوبون الشوارع والمقاهي، ومئات من العائلات اثخنها العوز والبؤس، فلا تدفعوا الطبقة العاملة إلى اليأس وتهديد السلم الإجتماعي، إن تعاميكم عن أكبر مصب للمياه العادمة الذي استوطن أكثر من سنة بين احضان المزارع والاحياء ليس إلا بجريمة بيئية يعاقب عليها القانون، إن التواطؤ المكشوف في دعم الجمعيات التي تقتات من نجاستكم وتركع ليافطاتكم إلا واقعة فقهية توجب الحد في ماحكم به الله.
بماذا سنفسر ماتعرفه المنطقة من عسكرة بوليسية مثيرة للإنتباه، ومستفزة لراحة معشر الذين"حكروا" في المقاهي والمخابئ الشعبية دون أدنى احترام للمقاربة التشاركية ولمقتضيات القانون؟
متى تحرك رئيس المجلس البلدي بصفته ضابطا للشرطة الادارية بقوة القانون لردع البناء العشوائي في المستعمرات السلالية ( تنغير، تجامصت)، واتفق مع من يدعي ايضا ان المغرب يعرف مدن الصفيح، وتونس ايضا اكواخا من طوب، لا شك ان الفرق في المادة الاولية يدل على تفاوت في درجة التصنيع، ولكن هل تختلف عتبة التخلف الاجتماعي؟لااكاد اجزم ذلك.
ان الصورة المثالية الكاملة والهداوية لمنتسبي طريقة العدالة والتنمية لتمثل في مدينة تنغير قمة وذروة جذبتها وارقى مراحل حالة السفاهة والنقاهة السياسية، في محاولة للركوب على سفينة البطولية، انه مكر التاريخ؛ هل كان بطلا ام وليا منعزلا؟ إذا كانت الطبيعة لاتقبل الفراغ، فإن السياسة لاتقبل النسيان، فلا تعاقبوا ابناء جلدتكم بعقوبة النسيان، وهل يوجد ذنب اعظم من النسيان؟ ان الانفلات من الذاكرة، الانحلال في الكلمة، الاضمحلال في الطبيعة، في الزمن، انه مكر التاريخ مرة أخرى؛ لكن لاتنسوا ان بيننا يعيش عباقرة يستطيعون ان يحققوا المعجزات لو كانوا احرار في تصرفاتهم.
ستبقى هناك ورقة وحيدة ان شاء الله لكم مرحلة اخرى هي الانتقال من اوهام الكهف إلى أوهام العشيرة، وهنا أستحضر ماقام به سيس "Sieyes" أحد زعماء الثورة الفرنسية المعتدلين الذين مهدوا السبيل لديكتاتورية " نابليون بونابرت" بتحريف مبادئ الثورة، ليس الخطأ إن لم نبدع برنامجا سياسيا ناضجا قادرا على مقاربة أسئلة المرحلة، صالحا للإنسانية جمعاء، لا أحد يستطيع ذلك الخطأ حين نتبنى الدوغمائية عوض الديمقراطية التشاركية، ونتصرف ولانزال وكلنا ثقة أن برنامجنا يمثل المطلق الكامل، حاولوا رؤية الواقع بكل اطيافه وألوانه؛ ففي علم السياسة المتعامي يدفع الثمن غاليا.
الإنسان المأساوي يستطيع أن يروض العواطف ويتلاعب بالألم ويقارب اليأس وليس بحاجة إلى تعاليم بن كيران، ولا إلى تلاوة البيان والتبيين في حكم الاشباح والعفاريت، بل إلى أزقة وشوارع مسلطة ونقية، وتجهيزات أساسية تستجيب للمتطلبات، وخدمات ادارية مفعمة بالوطنية وكمتسبات إجتماعية تصون الكرامة الانسانية، هذه الاخيرة التي وجب أن نقرأ عليها اللطيف، إنها حمى وانتفاضة الصراخ، لايعرفها الغرباء، ملجأ كالاسرة، لون الذات القوية الطموحة، فلا تحكموا عليها بالموت الرحم، في يوم ما سيقف التاريخ على فلول اعمالكم ويحكم عليها بالأفول والزوال ويسجل بحسرة شديدة انهيار دواليب المدينة، وبؤس السياسة. فلا تسألوني عن تاريخي وعما ليس لكم به علم، فربما سيأتي زمن سأتلوا عليكم منه ذكرا.
قد تقف عند اخر سطور مقالي مسفها عقلي، ومتهما قلمي بالعمالة والإجارة، لكن الاساس" وماصاحبكم بمجنون" أخاطبك في شخص سياستك وثقل مهمتك وأنت حِلٌ بهذا البلد، إذ اعتقد ان من الكذب ما قتل، فحذار من الافراط في احتساء مشروب الثقة، اذ عليك ان تعيش وتحلم وفق قدرة الارض على التحمل، إذ بذلك نفهم موارد الارض لنصل الى اعادة ادماج القيم الانسانية المرهونة بتغيير اساليب تعاملنا مع البيئة، إنه التكليف ياسعادة أستاذ البيولوجيا، وياحامل هم البيئة.
mohamed
sans commentaire
je crois que l'auteur est sérieux de s'adresser librement avec sa facon; qlq'on sois; c'est une critique et diagnostique de l'état de 'synthese'