عبدالزهر بامحمي
لم يكن أحدا يتوقع ما ستصير إليه الأحداث في مصر، خاصة بعد الخطاب الذي جاء به الرئيس المصري " المعزول" محمد مرسي لكن و بعد ردود الفعل التي توالت سواء من المعارضين أو المؤيدين" للشرعية " فتح الباب أما تناقضات عدة خلقت شرخا بين مكونات المجتمع المصري، مما أصبح معها آليات الحوار أبعد ما يكون إلى الحل. أمام هذا المأزق السياسي و أمام هذه التناقضات في الرؤى كان للجيش المصري موقفه الخاص، و هو عزل الرئيس مرسي، هذا القرار لا يعلم عواقبه و تداعياته على المشهد السياسي المصري إلا الله، الأيام المقبلة ستجيب على ذلك . لا نهدف من خلال هذه الورقة تحليلا سياسيا لما يجري في مصر، بل مسعانا، تسليط الضوء على بعض الآليات التي تبنى عليها الهيمنة على الهيمنة على حد تعبير السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو.
في البداية لابد من التسليم بمسألة أساسية و هي تعدد المكونات السياسية و الاجتماعية و الثقافية في مصر، هذه المكونات التي تنتظم في في حقول حسب التحليل البورديوزي، الحقل الديني ، الحقل السياسي، الحقل الإعلامي، حقل السلطة، ... لكن ما يلاحظ في المشهد السياسي حسب ما تتبعناه عبر الإعلام المصري ، هو مدى الفوران الذي تعرفه هذه الحقول كل على حدة، فإذا أخدنا على سبيل المثال الحقل الديني سنجد مدى التناقضات الموجودة بين مكونات هذا الحقل بين الإخوان المسلمين و بين حزب النور و باقي التيارات الإسلامية الأخرى حيث لا يستقيم موقفها على نفس المبتغى و هذا ناتج لاختلاف الرؤى و المصالح من داخل الحقل نفسه، و إلا ما سر قبول حزب النور دعوة الجيش و تأييده لهذا الأخير في قرار عزله لمرسي ، ثم ما سر تأييد شيخ الأزهر لقرار الجيش و اعتباره أن من اتخذوا هذا القرار من ' الشرفاء '. هذا إن ذل على شيء فإنما يدل على انقسام الحقل الديني في مصر بين، مع و ضد القرار الذي أصدره الجيش. قس على ذلك باقي الحقول الأخرى داخل المجتمع المصري. و إذن أمام هذه التناقضات من داخل الحقل الديني نفسه و تناقضه مع باقي الحقول الأخرى، تناقضا غير متوازن، كان لحقل السلطة الذي يخترق كل الحقول و يساهم في بنائها مجالا للتدخل من أجل إعادة بناء المشهد السياسي المصري أي الهيمنة على الهيمنة.