كنزة الغالي
هنيئا للحكومة السابقة بالإشادة التي خصها بها صاحب الجلالة في خطابه الليلة بمناسبة ثورة الملك والشعب. لقد حضيت بتقدير الملك لما قدمته في مجال التربية والتعليم، والأشياء بضدها تعرف وتميز. إذا نالت الحكومة السابقة نصيبها الأوفر من الإطراء فقد تشربت الحالية جرعتها من وافر التقريع خصوصا في مجال التعليم والتربية والتكوين، الذي سجل الانتكاسة تلو الأخرى والتراجع عن الأوراش المفتوحة " كلشي كيفهم فكلشي".
قد يستغرب البعض هذه الجملة ويعلق بأن من يتحمل هذه الحقيبة هو وزير استقلالي. أشير بالإيجاب ولكن للأسف تم الانحراف عن مشروع حزب الاستقلال في هذا الجانب، بل تم ركن مذكرته جانبا وتم تغييب اقتراحات خبرائه في المجال، وتسارع اللهاث وراء الولاءات والمزايدات والسباب والمصطلحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، مما جعل أبناء الشعب في هذا القطاع وأخرى يحصدون قسمة ضيزى. بأدب جم، وكيف لا وهو يجسد لقب " صاحب الجلالة" أعلن محمد السادس عن فشل ورش يلفظ أنفاسه الأخيرة وقرر تشميره بنفسه للتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثلما فعل في محطات عديدة ومتكررة ليجنب البلاد ويلات المحن والفتن.
تأتي المبادرة الملكية لتفعيل المجلس الأعلى للتعليم في ظل عجز الحكومة عن تنزيل بنود الدستور الجديد للبلاد وتدبير مرحلة حساسة من تاريخ المغرب، حكومة فشلت عن تدبير الحوار والتفاعل مع المؤسسات المختلفة والمتعددة في هذا الوطن، حكومة أدارت ظهرها للمستثمرين المغاربة وتنصلت من مسؤوليتها اتجاه المعطلين، وأغلقت باب الحوار في وجه النقابات والفرقاء الاجتماعيين وتضاربت مرتبكة في تعاملها مع المؤسسة التشريعية، وتفننت في الزيادة في الأسعار واقتطاع أجور المضربين ذوي الحقوق في ظل غياب قانون يؤطر هذا الإضراب وفي جو غياب شبه تام لتفعيل الدستور وتنزيل قوانينه ونصوصه التنظيمية.
أشاد ملك البلاد بإنجاز الحكومة السابقة فيما يتعلق بمواصلة الإصلاحات التي عرفها قطاع التربية والتعليم، حكومة كانت تتعامل مع جميع المؤسسات على أنها وحدات متكاملة لا متناحرة ومتنافرة، حكومة كانت تعتبر نفسها حلقة ضمن سلسلة طويلة من الالتزامات أسهم فيها كل من تعاقب على تسيير شؤون هذا الوطن وليس نشازا تقول بأنها الوحيدة التي " جاءت لتحارب الفساد".
أهمس في أذن من يسيل قلمه ويقطر لسانه بلاذع الانتقاد لسابقيه في ظل عجزه عن تدبير أمور راهنية البلاد وتخييب آمال علقها الشعب على حكومة ظن أنها " المنقذة" فلم تكن في الحقيقة إلا تراكما من الفشل والإحباط ، بيت الشاعر العربي أبي فراس الحمداني الذي اقتبس عجزه دون صدره من عنترة العبسي: " وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر".