زيادي عمر
بعد زمن من المعاناة تحت وطأة ظلم المستعمر ,وجد الشعب العربي نفسه أمام ظلم بني جلدته و جبروتهم و كأن ذلك هو الجزاء الامثل لنضاله و وقوفه ضد المحتل لبلده...إنه أنين مستمر على مدى أجيال و أجيال.
بعد ثورة الياسمين اعتقد الجميع أن زمن اللا ديمقراطية قد انتهى و أن حكامنا تعلموا السياسة بالمعنى المتعارف عليه إنسانيا و دوليا , و هي احترام إرادة الشعوب ,ابعاد العسكر عن السلطة و الاستجابة لنتائج صناديق الاقتراع ...الخ. لكن ما جرى في مصر لا تقبله مبادئ الانسانية و لا الاعراف الدولية.و هو ليس سوى عودة الى الوراء بدل السير بالبلاد نحو الحرية والاستقرار.
ووصولا إلى مصر و ثورتها التي انتهت بعودة العسكر الى الواجهة و اجهاض حلم الفراعنة بغد جديد يختلف عما عهدوه إبان حكم حسني مبارك , لم يكن معقولا أن يوجه العسكر مدافعهم صوب المواطن المصري مهما كان من تعنت و اصرار على البقاء في الميادين لأن الحل السياسي كان هو المخرج وإن كان يحتاج الى نفس طويل و تنازلات ايضا لأجل المصلحة العليا.
و لعل فض الاعتصامات بطريقة دموية كان صورة واضحة لفشل الفترة الانتقالية وكان فرصة لوضع تساؤلات جمة حول مصير الثورات العربية و قدرة المجتمع العربي على التعايش مع الاوضاع الجديدة:
إن المجتمعات العربية تتميز بتنوع أطيافها و اتجاهاتها مما يجعل حصول اغلبية مطلقة امرا مستحيلا كما ان مطالب الشعب مرتفعة و تطلعاته عالية مما يصعب عمل اي حكومة مهما اجتهدت في أداءاتها.
و كون مصر و مثيلاتها من الدول العربية حديثة العهد بالمسار ألديمقراطي فإنه لابد من نضج و تجاذبات سياسية و مصالحة وطنية قبل حصول استقرار سياسي و توافق اجتماعي.