لاعبو الوداد والرجاء يعلقون على نتيجة التعادل في ديربي الويكلو

الله ياخذ الحق..أول خروج إعلامي لعائلة التلميذ ضحية جريمة قتل بطنجة

سابيتنو ينتقد الحكم صبري بسبب عدم طرد لاعب الوداد ويؤكد: الخصم لم يكن يستحق التعادل

تكريم عدد من القضاة والموظفين السابقين بالمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة

هذا ما قاله مدرب الوداد موكوينا عن التعادل في الديربي

فرحة آيت منا بعد هدف التعادل في مرمى الرجاء

رجال التعليم : القدوة المثلى

رجال التعليم : القدوة المثلى

محمد ناجي

هذه مقالة من وحي مقالة للأستاذ عمر لوريكي نشرها في جريدة "أخبارنا" الرقمية بعنوان: (لهذه الأسباب يكره رجال ونساء التعليم "الوفا" )، علق عليها القارئ طنجاوي بلياوي بتعليق أثارني وتركني موزعا بين الغيرة على رجال التعليم وحبي لهم، وبين الحقيقة المرة الصادمة.. 

        ذلك أنني واحد من رجال التعليم ، مر بكل أسلاكه وأطواره من معلم في الابتدائي إلى أستاذ للتعليم العالي؛ حيث قضيت فيه عشرين سنة بالتمام والكمال قبل التقاعد؛ ومن ثم فغيرة عبد ربه هذا على التعليم ورجاله نابعة من غيرته على نفسه؛ لأنه إذا شرف التعليم ورجاله، شرف هو باعتباره واحدا منهم، وإذا غيظ أحدهم اغتاظ له؛ فكلنا من جهينة ..

        لقد وجدت فرقا شاسعا في التصور ما بين مقال الأستاذ وتعليق القارئ.. فبقدر ما يعتز الأستاذ بمهنته، ويعتبر نفسه "القدوة المثلى للمتعلمين" ؛ وقد كان رجل التعليم فعلا القدوة المثلى لكل طبقات المجتمع ؛ بقدر ما وجدت صاحب التعليق ناقما على رجال التعليم، محتجا لرأيه بانشغالهم بالجانب المادي؛ وآخذا عليهم تدني مستواهم ..

        والحقيقة، بدون أي مكابرة أو تزيد؛ هو أن تجد معلما أو أستاذا موكولا إليه أن يكون قدوة لتلامذته ـ كما قال صاحب المقال المحترم ، ثم لا تكون هذه القدوة بالصفة التي وصفها في قوله: "قدوة مثلى"؛ بل تكون قدوة يُــنــصَــح بعدم الاقتداء بها فيما يتوجب فيه الاقتداء بها.. فهذا مما  يحز في النفس ويدعو إلى الانكسار وفقدان الثقة .. فالمعلم والأستاذ كانا القدوة في التمكن من ناصية اللغة وضبط قواعدها؛ فإذا وجدت معلما أو أستاذا لا يضبط أبسط قواعد اللغة التي يدرسها لتلامذته، أو يدرس بها ما يدرِّسه لتلامذته أو طلبته؛ فكيف ستطلب من الناس أو يغدقوا عليه من الاحترام والتقدير ما كانوا يغدقونه على أساتذة ومعلمي الأجيال السابقة.. وكيف تدافع عن أستاذ أو معلم وتنتصر له في مطالبته بحقوقه المادية ، بينما هو عاجز عن إعطاء تلامذته ما هو مطلوب منه من علم صحيح وفكر سليم.. دون أن يهتم لإصلاح حاله، ومراجعة نفسه.. فيلقنهم الخطأ الذي يترسخ في ذاكرتهم على أنه هو الصواب، مما يتحول معه التعليم إلى تضليل بدل إرشاد وهداية..   

        فصاحب هذا المقال الذي يطرح قضايا تدخل في إطار المشاكل الإدارية ؛ وهي مشاكل لم يمض جيل من أجيال رجال التعليم المتعاقبة منذ الإستقلال إلى اليوم، دون ان يتعرض لبعضها، وينال نصيبه منها ... وسأعطي مثالا واحدا من المشاكل التي تعرض لها جيلنا من خريجي المدرسة العليا للأساتدة لسنة 1973 ، حين ضيعتنا الوزارة في أقدمية إحدى عشرة سنة؛ ألغتها تماما، وضربتها في صفر عند انتقالنا من إطار أساتذة للسلك الثاني إلى أساتذة مساعدين متخرجين من سلك تكوين المكونين؛ حاصلين على الشهادة الجامعية العليا، التي زعموا لنا في بداية الأمر، وعند التعاقد، أنها ستكون معادلة لدبلوم الدراسات العليا، ثم لم تلبث الوزارة أن تنكرت لذلك التعاقد، وجعلتها تعادل فقط الشهادة المعمقة ، رغم فارق سنوات الدراسة بين الشهادتين؛ وأصبحنا مطالبين ، بعد التخرج، بتحضير دبلوم الدراسات العليا قصد ترسيمنا في الإطار الجديد الذي ولجناه بصفر أقدمية.. رغم أن منا من قضى في السلك الثاني من التعليم الثانوي أزيد من عشر سنوات) .

        وما تعرض له جيلنا تعرضت له معظم الأجيال قبلنا وبعدنا.. ولكننا أبدا لم نخلط بين مشكل إداري صرف، وبين مشكل تربوي يهم أبناءنا، ويتعلق بمنظومتنا التعليمية التي كنا نكابد جاهدين مجدين من أجل رفع مستواها إلى الدرجة التي نطمح إليها؛ حتى ولو اضطررنا أن نتوجه إلى أقسامنا حفاة (أو بالمشاية د ميكة ) كما كنا نردد مع بعضنا البعض..

        لقد كنا نعرف أن تفقير رجل التعليم، كانت غايته هي النزول بالمستوى التعليمي إلى الحضيض؛ وكنا واعين كل الوعي بأنها سياسة مقصودة وممنهجة، حتى يظل رجل التعليم يتخبط في مشاكله الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، بدل التعاطي للرفع من مستواه العلمي، والنهوض بدوره الاجتماعي في التوعية والتحسيس، وتنوير طبقات الشعب الكادحة وتنبيهها إلى حقوقها المشروعة ومحاربة الأمية والجهل.. كنا واعين بكل هذا، ولذلك فقد تحملنا كل تلك المعاناة حتى لا نمكن سياسة الدولة آنذاك من تحقيق هدفها بالنزول بالمستوى التعليمي إلى أدنى درجاته من الإسفاف والتدهور.. فكنا لا نتخلف أبدا عن التفاني في تبليغ رسالتنا التعليمية والتربوية على الوجه الأكمل، ولو في أسوإ الظروف، وصمدنا حتى في مواجهة طبقة من الانتهازيين الذين استحوذوا ساعتها على النقابة "وباعوا الماتش" في عهد المنطرش وخلفه؛ ممن كانوا صنائع الهالك إدريس البصري، وكانوا يمثلون علينا دور قيادة النضالات "الدونكيشوطية الفاشلة"، المملاة عليهم من طرف البصري نفسه لامتصاص غضب الأساتذة الغاضبين..

        ورغم فقرنا، ورغم كل الوسائل التي قامت بها أم الوزارات وأذنابها في الحكومة والنقابات لتشويه سمعة رجل التعليم، والحط من قيمته؛ حتى أصبح موضوع نكت استهزائية واحتقارية، تهدف إلى  تنفير الناس منه، والدفع به إلى التنكر لشخصيته المعنوية، بحيث يصبح يستحيي أن يقول عن نفسه أنه رجل تعليم ،، وتحول "المعلم" في نكتهم التافهة إلى "كـعلم" (بالكاف بدل الميم) تشبها بكولونيل وكوميسير وكومندار وما إلى ذلك.. مع كل هذه المعاناة، لم نتخل يوما عن التفاني في القيام بمسؤولياتنا على الوجه الذي يرضي الله ويرضي ضمائرنا.. وبقينا موضع احترام وتقدير كبيرين في المجتمع.. وأصبح رجل التعليم مثال الانضباط والمعقول، والحرص على عدم الإسراف الذي لا مبرر له، والتمسك بحقه حتى مع بعض أفراد المجتمع الجشعين الذين يضطر إلى التعامل معهم في مجالات الحياة من كراء، أو نجارة ، أو شراء أوقيتين من اللحم.. كان رجل التعليم معروفا بكونه (قاصح، ولكنه أغـراس أغراس أي معقول) .. حتى مقدم الحي والشرطي وموظف البلدية لم يكن يطمع في عشرة دراهم منه ليقضي له غرضه الإداري، لأنه يعرف أن رجل التعليم لا يأخذ قهوة ولا يعطيها.. كانت لرجل التعليم هيبة رغم فقره.. وكان رأسماله الحقيقي كفاءته وتكوينه العتيدين.. وكان أولياء التلاميذ يفتحون دفاتر أبنائهم فلا يجدون فيها خطأ لغويا أو نحويا أو إملائيا، أو صفحات عديدة فارغة لتخلف الأستاذ أو المعلم في رخص مرضية متوالية .. بل كان رجل التعليم يتقزز من الخطإ عندما يسمعه في إذاعة أو نشرة أخبار، أو يجده في مقال مكتوب باللغة العربية.. ويستنكف من زميله الذي يبالغ في الشواهد الطبية بدون مرض ملزم للفراش..

        أما اليوم، وأقولها بصراحة (والشد بالله كما يقال) : فقد تقهقر مستوى (بعض) رجال التعليم إلى درجة يستحيي معها الإنسان أن ينتسب إلى رجال التعليم.. وإذا تقهقر مستوى المعلم أو الأستاذ، بحيث كان هو نفسه غير متمكن من مادته كل التمكن، أو لا يضبط قواعد لغته التي يدرس بها ويكتب بها مقالاته التي ينشرها على العموم؛ غير آبه بما فيها من أخطاء ما يندى لها الجبين.. فماذا تنتظر من هذا المعلم أو الأستاذ أن يعلم لتلامذته ..

        والله لقد حز في نفسي ما وجدته في تعليق ذلك القارئ على مقالة الأستاذ عمر لوريكي المذكورة .. وهي المقالة التي يطرح فيها بعض المشاكل الإدارية لفئة قليلة من رجال التعليم، بلغة تشوبها أخطاء غير مقبولة حتى من تلميذ في الإعدادي.. فإذا كان الأستاذ يرتكب مثل هذه الأخطاء، فهل يحق لنا أن نقول عنه بأنه "القدوة المثلى" لتلامذته؟؟

        إنني لا أتجنى على الأستاذ الفاضل، ولكنني أقول له بأن مفعول هذه الأخطاء لم يعد مقتصرا على الإضرار بالتلاميذ الذين تترسخ تلك الأخطاء في أدمغتهم، ثم ينقلونها إلى أوراق امتحاناتهم في الباكالوريا أو الجامعة، فيرسبون؛؛ ولكن مفعولها تجاوز ذلك إلى نظرة المجتمع إلى رجل التعليم، وإلى تقييمه له، والحكم عليه، ومن ثم افتقاد رجل التعليم لتعاطف المجتمع معه، علما بأن السند الأقوى لرجل التعليم ليس هو النقابات أو الجمعيات؛ وإنما هم أفراد المجتمع من آباء التلاميذ وأوليائهم، ومن كل مواطن صالح ولو لم يكن له ولد في المدرسة ..  

        نعم ؛ من الجائز أن تكون تلك الأخطاء التي ترتكب في مقالات كثير من رجال التعليم (ورجال التعليم مصطلح يجمع في مفهومه بين الرجل والمرأة)، إنما هي نتيجة السرعة أو الضغط النفسي ؛ لأنني لا أتصور أن يكون هناك أستاذ لا يعرف مثلا أن الفعل المضارع المعتل الآخر يجزم بحذف حرف العلة.. ولكنني لا أقبل أن ينشر ذلك الأستاذ مقالة يرتكب فيها مثل هذا الخطإ مرتين.. ولذلك أقول له : عليه أن يراجعه قبل نشره، وأن يتأمل فيما كتبه حتى لا يقدم لمتناولي وجبته طعاما فاسدا.. وحتى لا يسئ إلى صورة رجل التعليم في بلادنا؛ وهي الصورة التي لم يتوان رجال التعليم منذ أجيال وأجيال في الحفاظ على رفعتها وكفاءتها، وانتزاع الاحترام المستحق لها من كافة أعضاء المجتمع المغربي، وفي دول العالم قاطبة..  

        لقد نعت المعلق الأستاذ ومقالته بــ " المستوى المتدني الذي وصل إليه هؤلاء الأساتذة "؛ وبالعودة إلى المقالة فإن الإنسان لا يجد في الحقيقة ما يدفع به هذا الحكم، ولا ما يدافع به عن الأستاذ الذي كتبها ؛ فقد تنوعت الأخطاء فيها ما بين نحوية وإملائية وغيرها؛ مما يدعو إلى التساؤل عن مدى صحة ما يقدمه هذا الأستاذ من معلومات لتلامذته، ولو من الناحية النحوية واللغوية .. وهو ما دعاني إلى التنصيص عليها حتى  لا يقال بأننا نتهم بلا دليل، وحتى لا يتأثر بها طلبتنا الذين يمثل رجل التعليم " القدوة المثلى"  لديهم؛ بمن فيهم الأستاذ الكريم عمر لوريكي.

         جاء في المقال:

 ــ (ولكنه لم يجدي معها نفعا) ... وصوابه : "لم يجد" ، بحذف حرف العلة . ومثله قوله أيضا: (ولم يتبقى غير فوجين) .. "ولم يتبق".

ــ (ويدعوا للتمسك بها ) ... صوابه : "ويدعو " ..

ــ (من وراءها) .. صوابه : "من ورائها" .

ــ (اعتلى بفضلها وزراء عديدين مرموقين ) ... " عديدون مرموقون"

ــ ( لا يزال يقبعنا في الحضيض ) ... "يقبع بنا"

ــ (وأما المتعلمين فقد نالوا حظهم من السلوكيات الغير موضوعية ) .. "وأما المتعلمون فقد نالوا حظم من السلوكيات غير الموضوعية" ..

        وأخيرا أدعو لكل رجال تعليمنا بالتوفيق؛ ليكونوا فعلا  " قدوة مثلى" لأجيالنا الصاعدة، ممن سيتناولون راية القيادة في مستقبل هذا الوطن الذي يستحق أن نبذل من أجل النهوض به النفس والنفيس.. وأن نوثر من أجله إصلاح أحوالنا العلمية والمعرفية على مطالبنا المادية الذاتية، دون أن نزهد فيها، وأن نراجع من أجله ومن أجل تلامذتنا وطلبتنا أنفـسَـنا، ونبحث عن مواطن النقص فيها، تربويا وثقافيا وعلميا لنتداركها بالتحصيل الدؤوب والتكوين المستمر، واضعين نصب أعيننا ان العلم بحر لا ينفد، وأن العمر قصير في طلبه ولو استهلكناه من المهد إلى اللحد..


 

 

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات