الجعفري: ارتفاع معدل البطالة إلى أزيد من 21 بالمائة مؤشر خطير يفضح الحكومة ويعري انجازاتها الوهمية

حادثة سير مروعة بشاحنة على خط الترامواي بالحي المحمدي تخلف قتلى

جنازة مهيبة في وداع الشرطي ضحية رصــاصة طائشة ببني ملال

نبيلة منيب في تصريح ناري..الحكومة مصرة على إصدار قرارات اننتحارية دمرت القدرة الشرائية للمغاربة

"دونور"...انطلاق تكسية الواجهة الخارجية وبطء في أشغال مرافق أخرى

الملك محمد السادس يتفاعل مع هتافات المواطنين لحظة وصوله الدار البيضاء

متى تضطلع جمعيات أمهات وآباء التلاميذ بدورها الحقيقي؟

متى تضطلع جمعيات أمهات وآباء التلاميذ بدورها الحقيقي؟

اسماعيل الحلوتي

 

       إذا كانت غالبية الأسر المغربية،قد فقدت بوصلة الاتجاه نحو مدرستنا العمومية، وأعلنت إفلاسها منذ زمن ليس باليسير، جراء ما تراكم لديها من صور تبعث على الحزن والإشفاق ، تحكي بؤس حال معلمة تربوية،تنكر لتضحياتها الجسام، وعطاءاتها المتعددة ليس فقط اللئام، بل حتى "البررة" من ذوي المناصب السامية. ووقفت البئيسة مشلولة على حافة الضياع، تندب حظها التعس لما آلت إليه أوضاعها من ترد وما بات يسم خدماتها من تراجع فادح، بعدما سرقت منها المدرسة الخصوصية الأضواء، وأصبحت اختلالاتها أكبر من أن يتجاوز عمقها ذلك المقرر الوزيري، الصادر في الرابع من شتنبر 2012، والقاضي بمنع العمل المؤقت بمقتضيات المذكرة الوزارية 109،في شأن الترخيص لأطر هيأتي التدريس والتفتيش في القطاع العمومي، بإعطاء ساعات إضافية في التعليم الخصوصي، فإن الرهان ما يزال قائما على ما يمكن أن تحدثه جمعيات أمهات وآباء التلاميذ من انتفاضة ضد أي تقاعس أو تهاون، إذا ما تم  التشديد على اختيار أعضائها بديمقراطية ونزاهة، من بين الطاقات الفاعلة في المجتمع، أولئك الذين تتوفر فيهم شروط الاستقامة ونكران الذات، ممن يستوطن قلوبهم حب الوطن وتلهب حماسهم المصلحة العليا للبلاد والعباد. ويأنسون من أنفسهم القدرة على التدبير الجيد، التفاوض المثمر وقوة الاقتراح والتشارك، بعيدا عما تزخر به مؤسساتنا في الوقت الحالي من جمعيات، تكاد تكون غالبيتها صورية، حيث ليس هناك ما يوحد أعضاء مكاتبها، سوى إفراغ جيوب الأمهات والآباء مع مطلع كل دخول مدرسي جديد... وما يحز في النفس ويدمي القلب، أن هذه الجمعيات تتأسس بطرق مشبوهة أمام مرأى ومسمع من ممثلي السلطات المحلية، وبمباركة بعض رئيسات ورؤساء المؤسسات التعليمية، وفق مقاييس أعدت سلفا بإتقان واحترافية، وأن بعض المكاتب تستمر في التكسب خارج القانون، لانعدام النية الصادقة في الضرب بيد من حديد على المخالفين والتصدي لأي تلاعب ممكن... وعلاوة على ما ينص عليه قانون الحريات العامة باعتبارها جهازا مستقلا، فقد خصها الميثاق الوطني للتربية والتكوين باهتمام بالغ، حين أفرد لها من بين دعاماته مكانة خاصة، تجعلها شريكا استراتيجيا في تدبير شؤون مؤسساتنا التعليمية، من حيث تأهيل فضاءاتها التربوية وملاعبها الرياضية، وتحويل مرافقها إلى مشاتل لاستنبات أغراس طيبة من تلامذتنا، يعبق أريجها بالمواطنة الحقة والصادقة، بالانكباب الكلي على ما يعيد الثقة إلى الأسرة، ويجعل من المدرسة مركز إشعاع وإغراء.. من هنا، يمكن لنا العودة إلى سابق عهدنا، في ما كنا ننسجه من علاقات ود واحترام مع مدرستنا الوطنية، ومن اهتمام بالغ بالشأن التعليمي، والتصالح مع ماضينا المجيد ، إذا ما كنا نروم القطع مع سياسات التيئيس والاستكانة إلى الأوضاع المتعفنة القائمة، والتأسيس الفعلي لثقافة جديدة، من خلال نبذ سلوك الانحراف بتمهيد السبل أمام جمعيات أولياء التلاميذ، لتغدو مؤهلة للاضطلاع بدورها الاجتماعي والتربوي، قادرة على مد جسور التواصل بين المدرسة والأسرة في أجواء من الانسجام والوئام، بشكل ملموس وليس باعتماد شعارات فارغة سرعان ما يتلاشى رنينها في الهواء من قبيل:"المدرسة والأسرة معا من أجل الجودة"، وتصبح أكثر من أي وقت مضى قادرة أيضا على حياكة روابط متينة، وعلاقات طيبة بين أولياء التلاميذ ومختلف الأطر التربوية والإدارية، أن تتحلى بروح المبادرة والعمل بطرق عصرية ومنتظمة، للرفع من درجات الوعي لدى الأمهات والآباء وإشعارهم بدورهم التربوي ومسؤوليتهم الأدبية، عن طريق عقد لقاءات تحسيسية دورية، والتعجيل بتحسين خدمات المدرسة في اتجاه بلورة إشعاعها الثقافي والتربوي، بإشراك التلميذ بفعالية في كل العمليات المرتبطة أساسا بما يساهم في بناء شخصيته، ويساعده على تقدير المسؤوليات...

    وفي إطار ما نصبو إليه من استنهاض للهمم، بهدف إعادة الحياة والحيوية لمدرستنا الوطنية، نرى أن الأمر يتطلب بإلحاح شديد إدماج الجمعيات في المنظومة التربوية، وجعلها عنصرا أساسيا في انتقاء البرامج والمناهج، وضمان  تمثيليتها ليس في الحضور إلى المؤسسة وحسب، بل وتفعيل مهامها في جميع المجالس التقنية المعتمدة: مجلس التدبير، المجلس التربوي، المجالس التعليمية... أن يفسح لها المجال في عقد شراكات مع جمعيات ومنظمات وطنية وأجنبية، من أجل تبادل الخبرات .وإعداد مشاريع تربوية، وأن تتاح لها فرص تنمية معاملاتها بدل الاعتماد على مدا خيل واجبات الانخراط دون سواها.. ولن يستقيم لها حال إلا إذا سهرنا على إعادة الاعتبار لأهدافها النبيلة، وبعثنا في أحشائها روح التمرد على ضعاف النفوس والانبراء لكل من تسول لهم أنفسهم محاولة تحويلها إلى مقاولات خاصة...

   إن جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، لن يتأتى لها الإسهام بفعالية في حقلنا التربوي، ما لم يسمح لها بالتفاوض المباشر في أعلى المستويات، التخلص من رواسب الماضي،التحرر من قيود التبعية العمياء، الانتقال من الشخصنة إلى المأسسة، إحداث آليات متطورة لمراقبة مدا خيلها وترشيد نفقاتها، السهر على وجوب احترام بنود القانون المنظم ، والحرص على شفافية انتخاب أعضاء المكتب المسير، وتجديده عند استيفائه المدة القانونية المحددة للقطع مع أولئك الطفيليين، الذين يهمهم فقط البحث عن" الولائم" وتوزيع الغنائم فيما بينهم.. وكما تسعى الدولة عبر أجهزتها الرسمية إلى محاربة: العزوف عن التمدرس، و الامتناع عن التصويت في  الاستحقاقات الانتخابية، فإنها مطالبة أيضا بإعادة الثقة لأولياء التلاميذ في المدرسة وإيلاء الجمعيات نفس القدر من الحماس والأهمية، حتى نستطيع تجاوز الصعاب وتكسير القيود، للارتقاء بواقع مدرستنا التي تعتبر نواة المجتمع الذي لن يتحسن حاله إلا بإصلاحها وصلاحها. من هذا المنطلق، تعتبر الجمعيات روافد ذات أهمية بالغة في تغذية مؤسساتنا التعليمية بما يضمن لها نوعا من التوازن، ويهيئ لها ظروف السير الطبيعي الذي ما فتئنا نحلم به...فهل يتحقق الحلم في القادم من الأيام؟ ذلك ما نأمل.

 

                                                


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات