حمزة بنطاهر
كما يبدو من العنوان ، فإن الحديث يأخذنا لأبعاد التعديل الحكومي الجديد والرجة التي أحدثها في الشارع السياسي المغربي ، بين أقلية مغرر بها مؤيدة عن وهم ، وسواد أعظم مجمع على " الشتات " الذي أفرزته منهجية توزيع القطاعات الحكومية وهي منهجية غير سليمة ، خصوصا بعد الإنتظارية التي أفرزتها مفاوضات تشكيل الحكومة في نسختها " التكنوسياسية " ،
الكل كان يترقب باهتمام بالغ ما ستنفضه جعبة بنكيران وتلتقطه مناقير حمامة السلام منقذة تجربته وحزبه ..
فعلا لقد انطبق عليه المثل العربي " تمخض الجبل فولد فأرا " وهي حالة التخبط والعشوائية التي أفرزت حكومة تفتقر للإنسجام قبل بدء اشتغالها، وقد صدرت انتقاذات لاذعة للسيد رئيس الحكومة من أعضاء حزبه الأغلبي لهذه
التركيبة من نكوص وتراجع على عديد المكتسبات التي ضمنها دستور 2011 ، اعتبارا لتغييب منطق الحكمة والنجاعة في ظرفية اقتصادية توصف بـ " الأزمة " ، وفي تحليل بسيط لمجريات الخلطة " النكيرانية " نجد أن الوضعية " الإعتباطية " لعدد من الحقائب الوزارية ، تعتبر غير ذي منفعة ولن تقدم المبتغى والمطلوب نظرا لتفكيكها وجعلها قطعا متناثرة يصعب تحديد اختصاصاتها المتداخلة ، كما طغى على التركيبة الحالية عودة وزراء السيادة إلى الواجهة التسييرية ، وهم من منينا النفس بتغييبهم في العهد الجديد الذي أفرد مكانة هامة للرجل السياسي للإضطلاع بأدوار ريادية في تنظيم وزارات كانت تعتبر فيما مضى " خطا أحمر " ، لكن برجوعهم اليوم يتبين أن لاشيء تغير سوى الصياغة ، وتكملة لتعداد الأمور التي تبعث بإشارات عدم الرضى على الوصفة المستجدة ، هو الأدوار الهامشية التي أعطيت للملتحقات الجدد بدواليب الدولة بتبخيس دور المرأة وإلصاق صفة " منتدب " لأربعة من أصل ستة وزيرات ، في استراتيجية ترمي إلى زيادة الكم أكثر من زيادة الكيف وكذا لإخراس الأصوات المنادية بالمناصفة في منهجية " تسويقية " لمبدأ تكافؤ الفرص بين نون النسوة وأقرانهم من الرجال ..
وتتمة لقرائتي البسيطة لمجرى الحدث الذي اعتبر بمثابة " هدية العيد " ، فإن التخلي عن عدد من الإختصاصات واندثار بعضها كحذف " الحريات " من مسمى وزارة العدل وأيضا تغييب " المجتمع المدني " من اختصاصات الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان أو كما يحلو للبعض تسميتها مزحا بحقيبة " القنطرة " ، يطرح أكثر من علامة استفهام حول الغاية والهدف من تغييب معطيين أساسيين يتعلقان بثقافة وسلوك يعتبران عماد المجتمع السوي الذي أراد إصلاح ذاته ورفع لذلك شعارات جوهـرهـما الحرية والمـجتمع المـدني .. وحتى أكون دقيقا في تشخيصي لابد من الوقوف على الدور الحالي للسيد محمد الوفا الذي أكن له احتراما خاصا نظرا لما قدمه لقطاع التعليم رغم صعوبة التسيير ، لكن المهمة التي أسندة إليه كمكافئة له ونكاية في شباط ورفاقه ، لاأظن أنها تناسب كفائته ومداركه وهو الذي كان سفيرا للمغرب في البرازيل لمدة ناهزت 14 سنة ، أي أن عمله كان مقتصرا على الشق الدبلوماسي المحض ولا يجمعه بالحكامة إلا بنكيران والإحسان على إعتبار الأول رئيسه المباشر وهو من انتدبه والثانية تقربا إلى الله ..
يتبين من خلال ما ذكرت أن التكلفة المادية التي تلزم الحكومة الجديدة ستثقل كاهل الشعب اعتبارا للرواتب السمينة التي يتلقاها السادة الوزراء من جباية الضرائب وفق المشروع " الحلم " الذي يريد بنكيران تحقيقه " وزير لكل مواطن " ..