محمد أزوكاغ
يقوم الشعور بالتخلف على مبدأ القياس بين الوضع الذي يعيشه المرء باعتباره كائنا تاريخيا وبين وضع يتطلع إليه ويعتبره غاية وإن كان في موقف الطوبى.
هذا المنطق في فهم سؤال التخلف/التأخر يستند إلى مقومات الفكر التاريخاني خاصة ما يتعلق بوحدة الاتجاه (الماضي والمستقبل) وثبوت قوانين التطور التاريخي أي حتمية المراحل وتعاقبها، إضافة إلى إمكانية اقتباس الثقافة في إطار وحدة الجنس.(دون الالتفاف إلى القراءات الصبيانية السطحية لمفهوم الحداثة).. إذا افترضنا أن الحداثة بما هي مجموع القيم والمبادئ الفلسفية، الفكرية، العلمية، السياسية، الثقافية والأيديولوجية.. التي شكلت في فترة زمنية معينة ركيزة الانتقال من وضع الجمود إلى موقف الحركة والتقدم، جاز لنا التساؤل حول العوامل التي أدت الى فشل التجارب التحديثية في الحالة الاسلامية والمغربية تحديدا؟
يفرق أركون (الاسلام والحداثة)، وهو يدعو صراحة الى تبني الحداثة والقطع مع هيمنة المقدس، بين عمليتين متزامنتين متلازمتين: الحداثة والتحديث. فإذا كان التحديث يقتصر على إدخال التقنية الحديثة إلى عالمنا أي تحديدا الاختراعات التكنولوجية، فإن الحداثة ترتبط أولا بالمعرفة، أي بنظرة الانسان إلى الكون وإلى العالم.يمكن القول اجمالا أن فشل أغلب عمليات التحديث التي عرفتها دولنا راجع أساسا إلى خوض تجربة التحديث الأداتية دون مصاحبة تذكر لتجربة الحداثة الذهنية والروحية.
إنها تحديث دون حداثة. يكفي أن تتأمل السلوك اليومي للمواطن لترى جمعا غريبا بين عقلية سلفية مغرقة في التقليد وبين آخر مظاهر التحديث التقني. يكفي أن تتابع ذلك الفصل الغريب بين العقلية العلمية الموضوعية في المصنع والمختبر وبين التفكير الخرافي فيما دون ذلك لتستدل على حالة الانفصام هذه.السؤال في العمق، هو سؤال الثقافة. لنشتغل أولا على الثورة الثقافية. التقدم يحتاج إلى نظرية موحدة، إلى إيديولوجيا واضحة لا متذبذبة. المفتاح هو تغيير منطق الفهم. لننتقل من الفكرة المطلقة إلى الحقيقة النسبية. وليكن القطع مع هيمنة النص المقدس على مجمل قطاعات الحياة هو البداية.