أخبارنا المغربية ـ و م ع
و شاعر وزجال تطوان ومبدع أغنية يردد المغاربة قاطبة مقطعها الشهير " أوليدي ياحبيبي رد بالك هادي بلادك را أنت محسود عليها "، عبد الخالق آيت الشتوي.. أحد رواد القصيدة الزجلية المعاصرة بالمغرب، ممن يفضلون التواري عن الأضواء ليتركوا المجال لإبداعاتهم محلقة في سماء الأغنية المغربية بشموخ وتميز وصمود في وجه الزمن.
قليل من يعرف هذا الزجال بالإسم رغم أن إبداعاته الكثيرة تتغنى بها الألسن والجوارح يوميا ويتهافت عليها الفنانون دون أن ينال حظه من الشهرة، التي يقول عنها آيت الشتوي، إنها لا تستهويه لأنها "قد تخفت لكن الإبداع الحقيقي الذي يبتغي الخلود ويبصم ربيرتوار الأغنية المغربية يبقى، وذلك هو الاعتبار الحقيقي لشخصي".
ويعتبر عبد الخالق آيت الشتوي ،الذي ولد سنة 1953 ، من رواد القصيدة الزجلية المعاصرة وأحد أبرز أصواتها، فقد اطلع عبر مشواره الأدبي الحافل كما وكفيا، بدور مهم الى جانب المرحومين الطيب العلج وعلي الحداني وحسن المفتي وآخرين في تطوير بنيات الكتابة الزجلية وتطوير انشغالاتها الجمالية والموضوعاتية، حتى أضحى بالنسبة للمهتمين بالمجال الفني مرجعا مهما في صناعة مجد القصيدة العامية المغربية.
ودليل هذا المجد أن آيت الشتوي تعامل مع العديد من الفنانين المتميزين في الساحة الفنية المغربية ،منهم الفنان الراحل عبد الصادق اشقارة في أغنية " أوليدي ياحبيبي "، و الأمين الأكرامي ،احد اعمدة الموسيقى الاندلسية ، في أغنية "الساهي" ،بالإضافة إلى المرحوم احمد الغرباوي في أغنية "هكذا وراني" والبشير عبده في أغنية "وداع " والفنانة آمال عبد القادر، والفنانة فتيحة أمين (حبيبتي تطوان كل ما فيها جميل ) ومصطفى مزواق ،وغيرهم من الفنانين والفنانات.
كما يتميز آيت الشتوي ،الذي اختار المغادرة الطوعية عن الوظيفة سنة 2005 ليتفرغ لعشق القلم ، باطلاعه الواسع في مجال الموسيقى والغناء و حفظه وأدائه لعيون القصائد العربية والمغربية، وان كان تكوينه العلمي قانونيا. وقد سخر كل جهده العلمي منذ سنوات طويلة للتنقيب في مكنونات الموسيقى والقصيدة المغناة.
ويرى عبد الخالق آيت الشتوي، الذي يتقن العزف على آلة العود ويوظفها في كتابة زجله، أن إقبال العديد من الفنانين على قصائده يرجع الى كونها قابلة للغناء لصورها الشعرية وإيقاعها المتنوع وحسها الجمالي المرهف الذي يزيد اللحن بهاء وعذوبة، وكذا تمكن المتلقي من حفظ الأغنية بجهد بسيط ،مشددا بإصرار على ان الزجل لا يصلح للإلقاء أبدا بل يصلح فقط للغناء، ودليله في ذلك أن الزجل وابن عمه الموشح ظهرا بالاندلس من أجل تلبية الحاجة للغناء عوض القصيدة العمودية.
ويشكل كتاب "الأغنية الدينية باقة من روائع القصيدة الدينية المغناة " ،الذي صدر مؤخرا ويختزل تجربته الفنية الطويلة ،آخر مؤلفات آيت الشتوي. وهو يحتوي على باقة مختصرة من قائمة طويلة لروائع من القصائد الدينية المغناة لرواد الأغنية الدينية ، من المطربين و المطربات و الملحنين و الشعراء الأحياء منهم و الأموات، ممن جسدوا قمة ما وصلت إليه الأغنية الدينية من تطور ورقي.
ويقول الكاتب عن هذا المؤلف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ان فصوله تشكل ذخيرة بالغة الأهمية لسد ثغرة في المكتبة المغربية التي تفتقر إلى دراسات تضع الأغنية الدينية في سياق انبثاقها وتطورها الفني والأدبي عبر مراحل متعددة.
ويبقى جديد آيت الشتوي البارز هو تعاونه الفني مع المنتج المغربي العالمي "ريدوان "، وتأليفه في هذا الاطار لقصيدة زجلية تكريما لنادي المغرب التطواني وعشاقه مطلعها "هو المغرب التطواني المغوار.." ،التي ستخرج الى الوجود في المستقبل المنظور احتفاء بفريق تطوان الأول.
ورغم العطاء الكبير للزجال عبد الخالق آيت الشتوي وما جادت به قريحته من إبداعات خالدة، يعترف أنه لازال يطمح الى "عطاءات أخرى وكأنه في لحظة البداية" ،بهدف تعزيز موقع القصيدة العامية المغربية في فضائها العربي الكبير والتعريف ب "جمالية وأناقة" الكلمة المغربية المغناة.