أخبارنا المغربية
مراكش ــ وكالات
عرض الفيلم الكوري الجنوبي"هان كونك جو" بقصر المؤتمرات بمراكش التي تحتضن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم في دورته الثالثة عشر، هذا الفيلم الرسمي في المسابقة جدير بالمشاهدة إذ عالج مشكلات متعددة واتخذ من اسم البطلة عنوانا له.
قصة الفيلم إشكالية ملحة بطرح سؤال هل الفتاة المغْتَصَبَة مذنبة؟ براعة المخرج لي سو جين جعلت من نقل أحداث الفيلم في قالب جيد ومحبوك وسلس تعبر عن قضية معقدة كانت ولازالت تشغل العالم رغم تفاوت الأمكنة والأزمنة.
بطلة الفيلم هان كونك جو كان رد فعلها سلبي نتيجة لإهمال الأهل جعلها تتورط في سلوكات مشينة غادرت على إثرها البيت وانضمت إلى فرقة موسيقية، مخرج الفيلم الذي هو أيضا كاتب السيناريو ومشارك في الإنتاج استطاع أن ينقل تجربة البطلة الواقعية والخطيرة إلى مشاهد متوالية متناسقة عبر حركة رشيقة للكاميرا ممزوجة برؤية وخيال متحرر.
هان كونج جو كانت ضحية تربية الأهل ما أدى إلى عملية اغتصاب جماعي مورس عليها بشكل بشع أدى إلى تدمير نفسيتها لكن في حياة هذه الفتاة ستنتصر الموهبة وينبثق جزء آخر من شخصيتها يغطي على ماساتها، كاتب السيناريو أراد أن يتجه بالقصة إلى مجالات تربوية أخرى بديلة عن تلك الفجوة التي خلفها إهمال الوالدين، إنها الصداقة التي اكتسبتها الفتاة في المدرسة بتعرفها إلى فتيات أخريات اقترحن عليها الانضمام إلى فرقتهم الغنائية.
المخرج لي سو جين الذي فاز فيلمه القصير تفاحة العدو بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم القصير بكوريا عام 2007، برع في إخراج "هان كونك جو"، كأول فيلم مطول له حيث أنه استطاع أن يعبر عن مشاعر وتطلعات وتناقضات فئة مهمة من المجتمع الكوري، فالفتاة تمثل هموم وصراعات مثيلاتها اللواتي مررن بتجربة الاغتصاب والإهمال العائلي إذ تولد عنها زلزلة رهيبة في الهيكل النفسي واضطراب في الشخصية نتيجة الصدمة مما جعل المخرج وكاتب السيناريو يجند كل إمكاناته لإبراز المخفي والكامن في نفسية الفتاة عبر صورة مركزة وكلمة مضبوطة ومباشرة تعبر عن عمق القضية.
جمالية الفيلم الكوري الجنوبي "هان كونك جو" تكمن في تعبير الصورة الراقية والاحترافية في تمازج مع موسيقى رائعة مهيبة تعبر عن مشاعر القلق والخوف التي تتملك الفتاة الضحية "هان كونج جو" التي جسدتها ببراعة الممثلة "تشون وو"، تجسيد الشخصيات من قبل ممثلين أكفاء جعل كل المشاهد كوكتيل من المشاعر والأحاسيس نقلوها بصدق عبر زوايا مكانية نقلت العمل الفني إلى المتفرج في قالب درامي مذل لم يغفل عن أي تفصيل صغير.
المخرج لي سو جين من مواليد 1977 بكوريا الجنوبية من الجيل الجديد الذي يحاول تنويع المنتوج السينمائي تأسيسا على خبرة وتنافسية رواد السينما الكورية مع الإنتاجات الهوليودية ابتداء من 1988، فكانت تجربته المتميزة مع فيلمه القصير بابا (2004) في مهرجان بوسان سنة 2005 إذ نال جائزة الأرشيف الكوري بمهرجان السينما المستقلة بسيول.
كل هذا الإرث والطاقة لإبراز سينما وطنية لها القدرة على المنافسة وإعطائها الطابع العالمي، استثمره المخرج والسيناريست في فيلمه المطول ليستخرج كوامن عميقة من شخصيات العمل الفني في وأراد أن يوصل للمتلقي أن غنى الفيلم في الجوانب المختلفة والمتنوعة ومن الشخصيات وإبراز تناقضاتها المعبرة عن واقع تخترقه عوامل الانحراف والخوف من الغد وبحث متواصل عن مستقبل أفضل وهوية موحدة وعائلة راسخة ومنسجمة.
الشابة "هان كونج جو"، الطالبة المراهقة التي اضطرت إلى العيش مع والدة أحد أساتذتها التي سترفض في البداية استقبالها لتغير رأيها بعد أن تعرف بإهمال الوالدين، نموذج مصغر لما يعيشه أمثالها عبر بقاع الأرض واستطاعت كاميرا لي سو جين أن تنقل هواجس تلك الفتاة وتخوفاتها في إطار قصة تنتقل مع تطوراتها بشكل سلس وأخاذ ليعطي الدرس بان تجاوز المحنة والصدمة متعلق بالرغبة الداخلية رغم الصعوبات والاكراهات والتأقلم مع الواقع جدير بالشخصيات التي تتحدى إعاقتها النفسية والبطلة هنا حاولت أن تجعل من هوايتها السباحة مرتكزا للانتقال إلى حالة وجدانية أكثر توازنا، بالرغم من أن ملف الاغتصاب بقي مفتوحا.