أخبارنا المغربية ـ و م ع
يعقد الخبراء والباحثون والمهتمون بالمجال الاقتصادي آمالا كبيرة على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أصبح مؤسسة دستورية تتمتع باختصاصات هامة، لتنشيط الدراسات وإنجاز الأعمال المنوطة به والتي تروم الدفع بالاقتصاد المغربي والوضع الاجتماعي نحو الأفضل.
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤسسة دستورية يتمثل دورها في تقديم الاستشارة للحكومة ومجلسي النواب والمستشارين، حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات القطاعية والتوجهات الكبرى للدولة في العديد من الميادين الحيوية، من خلال تقديم اقتراحاته النابعة من دراسات وأبحاث.
ويأتي التنصيص على المجلس دستوريا بعدما كان كهيئة بهذا الاسم في دستور 1992 ليتم تعزيزه في الدساتير الموالية، ويضاف دور آخر له ضمن صلاحياته في الدستور الجديد، المصادق عليه في سنة 2011 ، وهو الميدان البيئي.
ومن أهم عوامل القول باهتمام الدستور المغربي الجديد بجعل المجلس يضطلع بدور أساسي هو أنه أفرد له بابا خاصا (الباب الحادي عشر) حيث نص الفصل 152 على أنه "للحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي. يدلي المجلس برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة".
ومن أجل تفعيل المقتضى الدستوري المنصوص عليه في الفصل 153 الذي ينص على أن قانونا تنظيميا سيحدد تأليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتنظيمه، وصلاحياته، وكيفيات تسييره"، تم إعداد مشروع قانون تنظيمي تم تقديمه للبرلمان حيث يعهد للمجلس، على الخصوص، الإدلاء برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة وفي جميع القضايا الأخرى ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلقة بالجهوية المتقدمة، وتحليل الظرفية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية وانعكاساتها، فضلا عن تقديم اقتراحات في مختلف الميادين المرتبطة به.
ويهدف القانون التنظيمي بالأساس إلى مطابقة القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي مع أحكام الدستور الجديد (خاصة الفصلان 152 و153)، وكذا تتميم القانون التنظيمي بمقتضيات جديدة أملتها الدروس المستخلصة من ممارسة المجلس لمهامه منذ إنشائه.
ويأتي هذا المشروع لكون الدستور الجديد أملى ضرورة إعادة صياغة هذا القانون التنظيمي بالنظر إلى التغييرات التي أدخلت على الاختصاصات الأصلية للمجلس وللتغييرات التي طالت بعض التسميات والتي تستدعي ملاءمة القانون التنظيمي الجاري به العمل مع أحكام الدستور.
وبعد هذه المقتضيات الهامة، تطرح على المجلس تحديات كبيرة على مستوى تفعيل أدواره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتي يجملها رئيسه السيد نزار بركة في تثمين رصيد الثقة والمكانة التي حظي بها المجلس خصوصا بعد إعداد التقرير حول النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وجاء هذا النموذج، حسب المجلس، نتيجة لمسلسل واسع للإنصات وللتشاور والاستشارة قام بها المجلس لدى أزيد من 1500 شخص معني يمثلون المنتخبين، والإدارة المركزية والترابية، والفاعلين في المجتمع المدني، والمركزيات النقابية، والفاعلين الاقتصاديين، بهدف إشراكهم خلال مختلف محطات بناء هذا النموذج، بدءا بالتشخيص حتى إعداد التقرير النهائي.
وأبرز السيد بركة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجلس سيقوم مستقبلا بتفعيل القانون التنظيمي الجديد الذي أضاف إلى المجلس اختصاصات جديدة لاسيما في ما يتعلق بالبيئة والتنمية المستدامة والجهوية المتقدمة، على أن ينكب أيضا على تفعيل آلية تتبع مآل الآراء التي يدلي بها للحكومة أو للبرلمان من أجل الوقوف على ما له من قوة وتأثير في التشريعات والبرامج العمومية.
ومن بين التحديات المطروحة على المجلس خلال السنة المقبلة، يضيف السيد بركة، الانكباب على دراسة العديد من القضايا والإشكاليات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تدخل ضمن اختصاصات المجلس.
وأشار في هذا الصدد إلى أنه على المستوى الاقتصادي سيعمل المجلس على دراسة مدى انسجام السياسات القطاعية من أجل مواجهة التحديات، واستغلال الفرص المتاحة بفضل اتفاقيات التبادل الحر، وكذا الاشتغال على موضوع إنعاش السياسة الصناعية في المغرب وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح رئيس المجلس، أن الأعضاء سيشتغلون على السياسات الاجتماعية المتعلقة بالعناية بالأشخاص المسنين والمساواة بين الرجل والمرأة في المجال الاقتصادي، ومهام المدرسة الثقافية وتحدياتها التكنولوجية.
أما على المستوى البيئي، فسيهتم المجلس بمسألة التدبير المندمج للماء في القطاعات الإنتاجية، وكذا سياسة إعداد التراب في أفق التنمية المستدامة. كما سيشتغل المجلس على موضوع حكامة المدن، وذلك في إطار التنمية المستدامة.