الوقاية المدنية تسيطر على حريق مهول بأحد المطاعم الشعبية بوجدة

الجيش الملكي يجري آخر استعدادته لمواجهة الرجاء

المعارض الجزائري وليد كبير: ندوة جمهورية الريف تؤكد أن نظام الكابرانات أيقن أنه خسر معركته مع المغرب

كواليس آخر حصة تدريبية للرجاء قبل مواجهة الجيش الملكي في عصبة الأبطال الإفريقية

المعارض الجزائري وليد كبير يفضح نظام الكابرانات ويكشف أدلة تورطه في اختطاف عشرات الأسر بمخيمات تندوف

الحقوقي مصطفى الراجي يكشف آخر التطورات في قضية المدون الذي دعا إلى "بيع" وجدة للجزائر

لله جنود لا تروها !

لله جنود لا تروها !

فوزي صادق

 

اقترحت عليه زوجته أن يسافروا إلي الدولة المجاورة الشهيرة بالأسواق الشعبية ، فهم لم يغادروا البلاد منذ عقد من الزمن  ، فأستخرج لعائلته جوازات جديدة ، وأعطاهم وعداً بالسفر . 

لكن عندما قرروا السفر واستعدوا لذلك ، غير رأيه فجأة بإقناع من أصدقائه أن يذهب معهم ، ويستطيع أن يسافر مع أبنائه وقتاً آخر ، فأنقلب على أسرته ، وقرر السفر في صبيحة الإجازة الأسبوعية برفقة أصدقائه ، فالتزمت زوجته المؤمنة الصبورة الصمت ، واكتفت بتمتمة  أثناء الصلاة " هداك الله وأصلحك " وبقي جبل الحزن مخيماً على قلبها الصغير حتى غادر البيت وعيون أبناءه مغرورقة بالدموع وهم ينظرون لأبيهم وهو يغادر البيت . 

وصلوا بسيارته الجديدة إحدى المقاهي الشعبية بتلك الدولة بعد قيادة ربع يوم متواصلة ، فقضوا وطرهم من الصلاة ، وبينما هُم يتبادلون الحوار برفقة أكواب الشاي ، وقـف ستيني منتصبا أمامهم ، وقال بلهجته العامية مبتسماً  : جوا شباب ! ( أي على القوة ) فردوا عليه التحية ، وجلس معهم ، وأخبرهم أن أصله من المنطقة التي قدموا منها ، أي حاضرة  الأحساء  ، فتقبلوه بسرعة ، وأخبروه رغبتهم إكمال الحديث الشيق معه ، ومع حلول المساء ، عرض عليهم زيارته بعد أن شكوا له حالتهم ، وأنهم لقوا صعوبة في إيجاد فندق أو شقة مفروشة تأويهم ليلة واحدة ، فقبلوا دعوته وساروا خلفه بسيارة بطل القصة ، وبينما هم بالطريق ، اختلفوا بين القبول بالعشاء فقط أو بالمبيت ليلة واحدة ببيته كما لمحوا له . 

أدوا صلاة المغرب ، واحتسوا الشاي مع بعض قطع الكعك ، وكل هذا كان بفناء منزله ، وبينما هم يتفاكهون الحديث ، دخل المضيف بيته ثم خرج وقال : لي طلب صغير ، فقالوا تفضل نعطيك عيوننا ، فأبتسم وشكرهم على حسن أخلاقهم ، وقال : بما أنكم مغادرون الليلة ، وعائدون إلي وطنكم ، لدي أمانة وددت لو تأخذونها معكم  إلي بيت أختي التي تسكن بمنطقتكم كما أخبرتموني ظهر هذا اليوم بالمسجد ، فتبادلوا النظرات باستغراب وتهكم وكأنه لن يستضيفهم ، وقاطع أحدهم تفكيرهم  مترجلاً ، نعم نعم ، ولم لا ! سنأخذه معنا ، لكن ماهي الأمانة ؟ فأمرهم بمساعدته ، فدخلوا أربعتهم غرفة الضيوف ، وإذا بهم يجدون كيسين كبيرين من الخيش ، وهو يؤشر نحوهما بانكسار : هذه مؤونة لأختي الفقيرة لشهر رمضان القادم ، فقط خيشة من حب الهريس والأخرى لوبيا حمراء ، فقال أحدهم ، لكن يا عم : منذ أن خلقت لم أرى كيساً بهذا الحجم الكبير حتى بمحلات الجملة ، وهل أختك تعيل قرية ؟ فأبتسم الرجل ابتسامة صفراء وقال : أحجام الخيش هنا تختلف عن بلادكم ، فأقنعهم بما يريد ، فوضعوا الكيسين بصندوق السيارة حتى نزلت من الخلف وقربت من الأرض . 

غادروا بيته على مضض وهُم بحالة مزرية ، فالتعب أعياهم وأخذ منهم مأخذا ، فقد غادروا بيوتهم منذ الفجر ، فقرروا العودة لوطنهم مع تعبهم ، وما أنقضت الساعات ودخلوا أشراف الأحساء حتى ذاقوا الأمرين والويلين والنارين ! أن صح التعبير ، فقد تأثرت السيارة من وزن الكيسين  الزائد ، وتأخروا بمنطقة الحدود بعد ان شك بهم المفتش ، وأن بالكيسين شيء مريب ، مرة قال لهم يوجد بهما أشخاص من الجنس الناعم ، ومرة قال ربما بضاعة مهربة ، ومرة قال ربما دسستم بهما أسلحة ، فأمر بإخراجهما كي يقطع الشك باليقين ، وتعاونوا على إخراجهما ، لكن بعد أن كسرت ظهورهم حتى أرجعوهما بالصندوق ، ولا أستطيع أن أصف ماذا حصل للسيارة ، فقد تصدع أسفلها وكاد يُخرق خزان الوقود ، فكل من يمر بجوارهما بالطريق يرمي عليهم بإشارة بوجود شرار من نار بالأسفل ، هذا غير الأصوات المزعجة ، وكل هذا تم بسيارة صاحبنا الجديدة بطل القصة ، والتي أشتراها منذ عهد قريب . 

وصلوا أمام البيت المنشود عند صلاة الفجر ، وكأنهم قد خرجوا من فج بحر لجيّ ، قد انهكهم موجه وشرد تفكيرهم عصف ريحه ، فلم يفتح لهم  الباب ، والأصدقاء على عجلة من أمرهم إذ أخذ النوم منهم مأخذاً ، فأتصل بطلنا بصاحب الخيش دولياً وأخبره أن يتصل ببيت أخته ، فتم ذلك وفتح لهم الباب ، وأمرتهم سيدة عجوز أن يدخلوا الكيسين بداخل البيت ، ففعلوا وهم كارهون . 

 

وصل الأصدقاء منازلهم وعادوا إلي مخادعهم بعد أن تنفسوا الصعداء من هم تلك الرحلة المتعبة ، ولعنوا قرارهم بقبول  زيارة ذاك الرجل ، وبعد مرور أسبوعان ، أكتشف صاحبنا إن سيارته تحتاج إلي صيانة بالآف الريالات ، وبينما هو جالس يحتسي الشاي مع زوجته وأبناءه ، وكله ندم على فعلته ، وقد أقسم إنه لن يسافر بدونهم حتى لشبر واحد ، فطلبت منه زوجته المؤمنة مبلغ مائة ريال لتسديد دين لسيدة أشترت منها بعض الحاجيات ، فسألها ماذا أشتريت ؟ فقالت : أخبرتني أختك أن فلانة المشهورة ببيع حاجيات رمضانية ، قـد أعلنت عن وصول دفعة جديدة من حب الهريس واللوبيا العراقي العالي الجودة والغالي السعر ، فأعاد الزوج كوب الشاي على الأرض ويداه ترتجفان وعيناه جاحظتان وقال في قلبه " سامحني يارب " .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات