حواجز إسمنتية تشعل غضب ساكنة السانية بطنجة

طنجة تحتضن بطولة منصة الأبطال في نسختها 11 لكأس أوياما

أخنوش: تمكن الاقتصاد الوطني من خلق 338.000 منصب شغل خلال الفصل الثالث من سنة 2024

أخنوش يعدد نجاحات عدة قطاعات صناعية ويؤكد أن 2023 كانت سنة استثنائية لصناعة السيارات

رئيس الحكومة يستعرض مظاهر صمود المغرب في وجه التقلبات الظرفية

مواطنون يطالبون المسؤولين بتزفيت الطرقات بتجزئة الآفاق بوجدة

الصدمة الأولى

الصدمة الأولى

أحمد حجاجي

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كم من نفوس تروعت، وقلوب انخلعت، وعقول طاشت، وأجسام سقمت، كل ذلك بسبب عدم الصبر عند الصدمة الأولى.

عن أنس بن مالكــ رضي الله عنهما ــ قال: مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: (اتَّقي اللهَ واصبري)قالت: إليكَ عَني، فإنكَ لم تصبْ بمصيبتي ، ولم تعرفْهُ ، فقيل لها : إنَّهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فأتت باب النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فلم تجد عنده بوَّابِينَ ، فقالت : لم أعرفْكَ ، فقال:( إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى)[ صحيح البخاري/موقع الدرر السنية].

قال ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري:«قال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعد ذلك، فإنه على الأيام يسلو. وحكى الخطابيعن غيره أن المرء لا يؤجر على المصيبة ؛ لأنها ليست من صنعه ، وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره . وقال ابن بطال : أراد أن لا يجتمع عليها مصيبة الهلاك ، وفقد الأجر.»[موقع المكتبة الإسلام]

وقال الدكتور يوسف القرضاوي:« والمهم في الصبر أن يكون في أوانه، فإن الشيء إذا كان في أوانه أثمر وآتى أكله، أما إذا كان بعد فوات الأوان ، فلا قيمة له، ولا فائدة منه.»[ الصبر في القرآن/ ص: 34]

وقال القرطبي في تفسيره:« إنما الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها، فإنه يدل عل قوة القلب وتثبته في مقام الصبر، وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك.»[الصبر/ صالح المنجد]

إن وقع الصدمة الأولى قديكون شديدا على ذلك الإنسان الذي لا يوطن نفسه على احتمال ما يقع له ، فيجزع ، ويضعف، وينهار، ويحبط أجره، ذلك الأجر الجزيل والعظيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى للصابرين. قال عز وجل: ﴿إِنَّمَايُوَفَّىالصَّابِرُونَأَجْرَهُمْبِغَيْرِحِسَابٍ[الزمر:10]

إن تأثير الصدمة الأولى قد يكون بليغا على ذلك الإنسان الذي لايتجلد ولايتصبر عند حدوثها، فلا يسيطر على عقله، ولا يتحكم في نفسه، و ينسى أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأن الإنسان في هذه الحياة بين أمرين: فرح وترح، فقر وغنى، صحة ومرض، يسر وعسر، سراء وضراء، وأنه لا بد أن يتعرض لمصائب كثيرة، وحوادث متعددة، والحليم  من عرف كيف يتعاطى مع تقلبات الزمان، ويتصرف بحكمة وثبات.

    قال الشاعر :    كن حليماً إذا بليت بغيظ***وصبوراً إذا أتتك مصيبة
فالليالي من الزمان حبالى***مثقلات يلدن كل عجيبة

 

   وقال آخر:       إذا رماك الدهـر يومـا بنكبـة***فافرغ لها صبرا ووسع لهاصدرا
فإن تصاريـف الزمـان عجيبـة***فيوما ترى يسرا ويوما ترىعسرا

إن التصبر عند الصدمة الأولى لا شك أنه أمر صعب ، وأن الصابر سيذوق المرارة ، ولكنه بعد ذلك سيجد المخرج والمنجى، وسترتاح نفسه، ويطمئن قلبه.

قال الشاعر:    إن كان بدء الصبر مراً مذاقه***لقد يجتني من بعده الثمر الحلو

وقال آخر  :    إنـي رأيـت وفـيالأيـام تجربـة***للصبـر عاقبـة محمـودةالأثــر

إن الصبر والرضا بقضاء الله وقدره لهو الدواء الناجع، والبلسم الشافي للإنسان مما قد يحدث له عند الصدمة الأولى من تصرفات طائشة، وتوترات عنيفة، وانفعالات حادة، ومعاناة مؤلمة، قد تؤدي إلى نتائج سيئة، وعواقب وخيمة.

قال عز من قائل: :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْبِشَيْءٍمِنَالْخَوْفِوَالْجُوعِوَنَقْصٍمِنَالْأَمْوَالِوَالْأَنْفُسِوَالثَّمَرَاتِوَبَشِّرِالصَّابِرِينَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَأُولَئِكَعَلَيْهِمْصَلَوَاتٌمِنْرَبِّهِمْوَرَحْمَةٌوَأُولَئِكَهُمُالْمُهْتَدُونَ[البقرة: 155ـ 157]

قال الشافعي:      دَعِ الأَيَّــــــامَ تَفْعَل مَـــا تَشَـــاءُ  *** وطب نفساً إذا حكمَ القضـاءُ
وَلا تَجْزَعْ لنـــــازلة الليــــــالي *** فمــا لحـــــوادثِ الدنيا بقـــاءُ

وقال الشاعر:   اصبر فبعد الصبر تيسير*** وكلأمر له وقت وتدبير

وقال آخر:      إذا ضاقت بك الدنيا *** ففكر في " ألم نشرح "
فعسـر بين يسريـن *** متى تذكرهـما تفرح

فما أجمل الصبر، وما أجمل أن يتحلى به المؤمن، فهو أفضل ما تخلق به الرجال، قال صلى الله عليه وسلم: (...وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ.)[ صحيح البخاري / موقع الدرر السنية].

«ولذلك علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أي مصيبة تصيب الإنسان أن يسترجع؛ أي أن يقول: { إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }[البقرة: 156].وزادنا أيضاً أن نقول:(اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منهاإنك إذا ما قلتها عند أي مصيبة تصيبك فلا بد أن تجد فيما يأتي بعدها خيراً منها.»[تفسير الشيخ الشعراوي]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :(ما مِنْ مسلِمٍ تصيبُهُ مصيبَةٌ فيقولُ ما أمرَهُ اللهُ : إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللهمَّآجرْنيفيمُصيبَتِي ، واخلُفْ لي خيرًا منها . إلَّا آجرَهُ اللهُ فيمصيبَتِه، وأخلَفَ اللهُ لَهُ خيرًا منها) [صحيح الجامع/ الدرر السنية]

اللهم وفقنا للصبروالرضا واصرف عنا اليأس والسخط وارزقنا العافية في الدين والدنيا والآخرة.

 

والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على حبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات