وقفة احتجاجية أمام ميناء الدار البيضاء بسبب التمور الجزائرية

عبد الصادق: اليوم ماكناش وهاد اللاعبين أنا غير مسؤول على الانتداب ديالهم

هذا ما قاله الطير عن تضييع الفوز أمام الرجاء

فرحة هستيرية لجماهير اتحاد طنجة بعد الهدف في مرمى الرجاء

هل يكون المدرب الجديد؟…فادلو مساعد زينباور حاضر في مدرجات العربي الزاولي

شاب حاصل على البطاقة المهنية للفنان يروي معاناته: حصلت على البطاقة وأصبحت أعمل كحارس للسيارات

متى ترن أجراس رئيس المجلس الحضري لمدينة اليوسفية؟

متى ترن أجراس رئيس المجلس الحضري لمدينة اليوسفية؟

نورالدين الطويليع

 

يحكى أن حاكم مدينة اشتهر بالعدل، ولم يكن يظلم عنده أحد، عمد إلى وضع جرس على حائط إقامته بعدما شده بحبل شكله من الأعشاب، ليكون وسيلة لكل ذي مظلمة من أجل الإخبار عن حاجته، واستمر دق الجرس وهرع الحاكم إلى صاحبه مدة من الزمن، حتى عم العدل المدينة، ولم يعد أحد في حاجة إلى الجرس، فنسي الجميع حكايته، إلى أن مر بالقرب منه يوما حصان تخلى عنه صاحبه وحبس عنه الكلأ بعدما هرم، فما كان منه لفرط جوعه إلا أن مد فمه لالتهام حبل العشب المشدود به الجرس، فحدثت المفاجأة ورن الجرس، وكان هذا كاف لخروج المدينة عن بكرة أبيها لاستطلاع الأمر، فلما وجدوا الحصان على تلك الحالة من الهزال الشديد احتضنوه وأكرموا وفادته، وصاح الجميع: يحيا حاكم مدينتنا، يحيا العدل.
مناسبة سردنا لهذه القصة هو تكرار الواقعة ـ وإن بشكل مختلف ـ في مدينة اليوسفية، فحاكم المدينة المنتخب، الذي هو رئيس المجلس الحضري لم يأل جهدا، منذ أن حملته صناديق الاقتراع إلى رئاسة المجلس، في إرساء أسس العدالة الاجتماعية التي جعلته يبيت الليالي في العراء، ويعلق تبانه في الهواء أمام مبنى الجماعة الحضرية حينما كان خارج اللعبة احتجاجا على الحكام السابقين الذين أخلوا بالواجب، وكان هذا كاف ليستشعر المسؤولية الجسيمة ويعمل بنشاط وحيوية وإنكار للذات على محاربة الفقر والتهميش، والقضاء على القمل والطفيليات والحشرات والفئران...دون كلل أو ملل، ولم يعمد السيد الرئيس إلى وضع جرس كواسطة بينه وبين المواطنين، بل فتح مكتبه ومنزله وهاتفه بالليل قبل النهار لكل ذي حاجة، حتى صار بيته محجا للزوار، وضاق بما رحب،   وأطت أرضيته بالأعداد الغفيرة التي اتخذته قبلة لها كلما آلمها ظلم، أو استبدت بها حاجة، وكان في جميع الأحوال الأذن المصغية التي تأبى إلا أن تستمع باهتمام بهدف إشاعة العدل والنهوض بمدينة وجدها تئن تحت صخرة الإقصاء والظلم والحكرة، وهكذا وبفعل نشاط  دائب متواصل دام بضع سنوات تحقق له ما أراد، واستطاع تخليص المدينة من الشوائب حتى لم يعد بها مظلوم أو صاحب حاجة، وحتى تأتى للجميع تحقيق مبتغاه الاقتصادي والاجتماعي، لدرجة أن مخصصات الفقراء والمحتاجين في ميزانية المجلس للسنة الفارطة بقيت كما هي، دون أن تجد من يأخذ منها ولو سنتيما واحدا، ودون أن تصدر بصددها حوالة واحدة، فاعتبرت من الاعتمادات الملغاة، كما هو الشأن بالنسبة للاعتمادات الآتية:
ــ إعانات مقدمة للأعمال الإنسانية: رصد لها مبلغ 20.000 درهم، إلا أن عدم حاجة سكان المدينة للمساعدة الإنسانية دفعت الرئيس وأعوانه إلى إلغائها.
ــ إعانات لمؤسسات اجتماعية: رصد لها مبلغ 30.000 درهم، وبسبب غياب ذوي الخصاصة والحاجة الاجتماعية  ألغيت بدورها.
ــ هبات ومعونات لصالح المحتاجين: رصد لها مبلغ 5000 درهم، ونظرا لانقراض فئة المحتاجين بالمدينة ألغيت بدورها.
ــ مصاريف استشفاء المعوزين: رصد لها مبلغ 5000 درهم، ولأن الجميع بصحة جيدة، وحتى من يمرض بالمدينة له القدرة على الذهاب إلى أكبر المصحات بالمملكة ألغيت كذلك.
ــ القضاء على القمل وشراء مواد إبادة الفئران: رصد لهما مبلغ 10.000درهم، ولأن الرئيس ومعاونيه اجتهدوا كثيرا وسخروا كل طاقاتهم لمحاربة طفيلياتنا فقد نجحوا في عملهم الجبار، وصارت المدينة في عهدهم المزهر الزاهر بدون قمل، وبدون فئران، ولذلك لم تعد حاجة إلى هذا الاعتماد فألغي بدوره.
وكلف الرئيس وطاقمه سهر الليل وكد النهار من أجل خدمة الساكنة، ويقظة مستمرة لهواتفهم التي لم تكن تكف عن الرنين، مما جعلها تستهلك 200.000 درهم.
ورغم أن الرئيس وصحبه بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هذا الرخاء، فقد تلقوا تعويضا هزيلا جدا لا يرقى إلى مستوى تضحياتهم، يقدر ب: 164.400 درهم.
وأمام هذه البحبوحة كان لزاما أن نحتفل جميعا، وأن نعزف جميعا على وتر الرخاء الاقتصادي والاجتماعي الذي حققه الرئيس وأعوانه، ولذلك نظم طاقم المجلس حفلات للرقص على هذه الإنجازات، كان مخصصا لها مبلغ 20.000درهم، إلا أن حاجة السكان إلى مزيد من"النشاط...والاحتفال للتعبير عن الفرح دفعت الرئيس وصحبه مشكورين إلى إضافة مبلغ 45.000 درهم لهذا الاعتماد حتى يستجيب لتطلعاتنا ومطالبنا في مزيد من الاحتفال والحفلات، التي خصص كذلك مبلغ 49.762 لشراء عتاد يليق بها.
ولأننا كنا عرايا، لا نفكر إلا فيما يستر أجسادنا ويقيم أصلابنا، واستفقنا فجأة على واقع مغاير، وطالبنا الرئيس بالخاتم، فما كان منه إلا أن بادر إلى صرف مبلغ 73536 درهما لشراء عتاد التزيين.
ولأن الرجل ومقربيه مضيافون ويتمتعون بخصلة الكرم العربي الأصيل، فقد خصصوا للإطعام والاستقبال والإيواء مبلغ 64.554 درهما.
ولأنهم من الذين ينزلون الناس منازلهم ويقدرون كل ذي جهد، فقد خصصوا للهدايا وتسليم الجوائز وشراء التحف الفنية مبلغ 27.000.
بعد هذه الإنجازات التي ذكرنا بعضها فقط يحق لنا أن نفتخر بمجلس حقق للمدينة في ظرف وجيز كل ماكان يصبو إليه سكانها، وأزال عنهم غبش القهر والحكرة حتى لم يبق بين ظهرانيهم فقير أو محروم، وحتى صار الطلب على إقامة الحفلات والأمسيات الغنائية متزايدا من لدن هؤلاء الذين ملأ الرئيس وفريقه بطونهم، فقالوا له: "الراس بغا يغني"، فاستجاب لهم في هذه كما استجاب لهم فيما سبق، وضاعف نزولا عند رغبتهم اعتماد "النشاط".
 
السؤال المطروح هنا هو هل سيكرر التاريخ نفسه، وتطرق أجراس رئيس المجلس الحضري بحالة متفردة ومعزولة تخرج المدينة عن بكرة أبيها لمشاهدة الحدث والهتاف باسم الرئيس وعدله، أم أن أجراسه ستبقى هامدة هادئة مطمئنة اطمئنان سكان المدينة برخائهم وبحبوحتهم؟


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات