أيمن الموساوي
العنف الجامعي ،الذي تشهده، بعض المدن المغربية ،مرده إلي مطلب عادي، وحق جامعي، ألا وهو :المنحة الجامعية، التي يمسكها ،ذلك الطالب المعوز، ويحاول قد المستطاع، أن تُمضيه شهره ،وإن كان ذلك ، مستحيلا، خصوصا ،في مدن جامعية ،سيمتها الغلاء المعيشي.
لكن رغم ذلك، يتحمل الطالب، كل التعب ،والعناء، والمشقة، يتحمل البعد ،عن الأهل ،ويتحمل الغربة ،داخل مدينة ،لا يعرفها ،فيتأقلم مع أجوائها ،حتى يتعود عليها ،ويتحمل مر الطعام ، إذا أغلب وقته ،مشغول ، بين ثنايا الكتب، أو البحوث، فلا يجد، إلا المقاهي، أو السناكات، التي يمرر طعامهم ،من حلقه مرا، ويجهد نفسه، حتى تقبل ،بذلك الطعام ، يتحمل ظلم الأساتذة الجامعيين ،الذين لا يرحمونه ،هل بات شبعانا ،أم جائعا ،نائما ،أم ساهرا ، مريضا ،أم صحيحا ، مطمئن على أهله، أم لا.
يكد المسكين ،ويجتهد ،وفي الأخير، يجد نقطة ،لا تفرح ،والأشد، في قلب الطالب ،لما يجد نفسه غائبا ،وهو حضر بلحمه، ودمه ،وروحه، وسهر الليل ، واجتهد، ثم لا يجد اسمه ،مسجلا ،ضمن الذين اجتازوا الامتحانات، ظلم ،في ظلم ، يعيشه الطالب الجامعي، في إطار منظومة ، تعليمية فاشلة، هدفها فرنسة الأطر، وجهلنه القاعدة، و تحطيم الروح الحماسية ،في الأنفس الشبابية ،وإدخال مناهج ،لا علاقة لها ،لا من بعيد ،ولا من قريب، للمسار التعليمي الجامعي.
وإذا حصلت الشهادة، تجد ما درسته، لا قيمة له، ولا نفع له، إلا النزر القليل منه.وباب البطالة مفتوح أمامك بمصراعيه. أهذا تعليم ، يرفع الشعوب، ويقيم شعبا ، يقال ،أنه حكم دولا ،لقرون ،هكذا يعيش الطالب المغربي ، لكن هيهات ،منا الذلة ، عزيمة ،لا تتوقف ، والعجلة مستمرة، ومتقدمة للأمام ،رغم كل المعاناة، مستمرون ،يدرسون ،ويحضرون ، في البرد القارس، وفي الصيف الحار ،للسماع لخزعبلات المحاضر، الذي لا يكاد، يقيم جملة صحيحة ،ولا يقيم صرفا، وإعرابا قويما ، إلا من رحم الله ،وقليل من هم .
تجد الأستاذ ،الذي مطلوب فيه، أن يرحم الطالب، كما رحم ،هو من قبل، تجده متعجرفا ،ومتكبرا، وأنفه للسماء، كأنه سينفق علينا ذهبا، داخل المدرجات ، أو سيقول، لنا كلاما ،لم يسبقه له أحدا، وهو المسكين، إن خرج عن دائرة ، رسالته في الدكتوراه ،سوف يزل، بل ويكذب، وحتى رسالته ،لم يجدها كما ينبغي، إذ تجده، يأتي بتقولات، منها خلال الحصة ،ويبدأ بالإملاء على الطلاب ، هذا تعليم آخر الزمان، أ ينك يا أبا فارس ،وأ ينك يا ابن جني ،وأ ينك يا سيبويه ،ضاع العلم ،وقت وُكِّل، وأسند، لغير أهله . ظلمونا ظلمهم الله، أخرجوا جيلا، لا يحسن لغة سليمة، ويلومونه، ويسمعونه الكلام.يا ترى هل تنتظر، ممن علمه جاهل، أن يصبح عالما، هذا من سابع المستحيلات، ارحموا عقولكم، وجهلكم، سامحكم الله. أتريدون أن يكون، ابن جني العالم، اللغوي، المتبحر، دون أن يعلمه، ابن فارس اللغوي، الكبير ، هذا محال ،ومحال، ثم مستحيل .
ورغم ذلك ،يقرأ الطالب المغربي، ويوسع معلوماته ،خارج إطاره الدراسي، ويرجع لكتب القدماء ،حتى ينبع ،من علمهم، ويتفهم كلامهم ،ويستعين ، بمن يعرفهم ،من أهل الفضل ، فيساعدوه ، وبفضل الله، يكثف جهوده، لوحده، حتى يتخلص، من اللحن، في لغته ، ثم بعدها يصبح ، يتقن الإعراب ،والنحو ،والصرف، ثم يتحول لدراسة علوم أخرى، ويُحصل المطلوب_ بفضل لله_ ليتبين له ،الفرق الشاسع ، بين التعلم، والعلم ،الحقيقي ،وبين التعلم، والعلم، الذي أساسه ،المنفعة ،والمصلحة .
وها هو الطالب اليوم، رغم المعاناة، تضاف إليه، معاناة أخرى، وهي تأخير المنحة أ،و المحنة. أتريدون من هذا الطالب، أن يسرق ،ويتعرض للناس، في الشوارع، أم يضع إزارا ،ويسعي أمام المساجد أ،م يدخل الحصة، وهو يتوجع جوعا ،أو يقطر حقدا ،على ذلك الأستاذ ،الذي شحمه ،يقطر م،ن أنفه، وأذنيه .وفي الأخير، يقولون ،لماذا المغرب ،يصنف ضمن الرتب الأخيرة ،في التعليم ،والصومال، ولموزنبيق، أحسن منا .
هل عرفنا الآن السبب ،أيها الأذكياء، الذين حير توا العالم كله ،وتركتم شرقه، وغربه ،يقول عجبا ،لصبر شعب المغرب .
لعل الرسالة وصلت ،والوزارة ،أو الحكومة، أنائمة ،أم مستيقظة ، لا يهم كل يغني ليلاه ، وأنا أغني لليلى، ولن أتركها ،لأحد يغتصبها، فليقم كل منا ،بحفظ كرامته، وحريته، ولا نمنا، إن نامت أعين الجبناء.