مواطنون يطالبون المسؤولين بتزفيت الطرقات بتجزئة الآفاق بوجدة

هذا ما قاله سعيد شيبا مدرب الفتح الرباطي بعد الخسارة أمام الوداد

آيت منا فرحان بفوز الوداد على الفتح وكياخذ سيلفيات مع اللاعبين

الأعراس بالشرق.. تقاليد مغربية راسخة لم تنل منها السرقة الجزائرية

بطريقة غريبة... مشجعان يقتحمان أرضية ملعب البشير قبل مواجهة الوداد والفتح

آيت منا يشرف على تنظيم المنصة الرسمية بملعب البشير في مباراة الوداد والفتح

اللغة العربية شابة لن تشيخ

اللغة العربية شابة لن تشيخ

بوجمعة حدوش

 

قبل مجيء الإسلام كان أهل اللغة العربية من العرب يعتنون أيما عناية  بلغتهم، ويغارون عليها غيرتهم على نسائهم وبناتهم، فلم يكن العرب يسمحون لنسائهم بتجاوز عتبة باب البيت، وكانوا يئدون بناتهم خوفا من أن يلحقهم العار في زعمهم، وعلى نفس شدة غيرتهم عليهن كانت غيرتهم على لغتهم، فقد كان في استطاعتهم دفن من ينتقص من لغتهم أو يحتقرها أحياء، لذلك كان من أهل اللغة العربية الأدباء والشعراء والخطباء والفصحاء والبلغاء، يحفظونها من زيف المزيفين وانتحال المنتحلين، فكبرت هذه الشابة بين أهلها معززة مكرمة في أبهى رونق وأجمل هيئة.

  وعند مجيء الإسلام عرف للعرب حقهم في عنايتهم وحفظهم للغتهم، فجاءهم بنبي عربي يتكلم بلسانهم،"لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي  مبين"، وبكتاب ينطق بعباراتهم،"بلسان عربي مبين"، فكرم اللغة العربية زيادة على تكريم العرب لها، فزادها صونا وحفظا، وسترها بالقرآن الكريم، فأصبحت هذه الشابة مصونة محفوظة بعدما بلغت درجة النضج والكمال والرشد لا تنافسها لغة ولا تضاهيها، لأن القرآن نزل بلسانها، فلم ينزل بلغة الفرس أو الروم أو غيرهما من اللغات لأنها بكل بساطة هناك من هي خيرمنها وهي اللغة العربية.

 ولكي لا يُبخس حق أخواتها من اللغات جعل كل تلك اللغات علامة وآية على عظمة خالقها سبحانه، "ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم"، فكل لغة لها فضلها عند قومها ولها منزلتها، لذلك دعى الإسلام إلى تعلم اللغات الأخرى، "من تعلم لغة قوم أمن مكرهم"، غير أن اللغة العربية في منزلة تفوق منازلهم لا لشأن تختص به فقط، بل لأن القرآن جاء بلسانها.

 وهكذا بقيت هذه الشابة محفوظة، حتى إذا انسلخ صدر الإسلام بدأ أهلها يتخلون عنها ولا يعتنون عناية السابقين بها، فبدأت تدخلها العجمة، وتتلقى الضربات تلو الضربات وهي صابرة محتسبة لم تفقد كل جمالها ورونقها.

 حتى إذا جاء عصرنا هذا، التفت بعض الأقوام يمينا وشمالا وأدركوا أن هذه الشابة لم يعد اهتمام الآخِرين بها كالأولين، ولم يعد لها حراس إلا قليلون على غير الذي كانت عليه من قبل، فصاحوا: مالنا وللغة قد شاخت وهرمت، فلو كانت شابة كما تدُّعون لما تخلى عنها أهلها، فهذه لغة بلغت من الكبر عتيا وآن لنا أن نستبدلها بغيرها. فبَحثوا عن لغات ولهجات ليست في قدر العربية ولا منزلتها رغم ضعفها ومرضها.

 فدعى قوم إلى "تدريج التعليم" بدلا من تعريبه، وزعموا أن هذه اللهجة العامية خير في التعليم من لغتكم التي شاخت، وزادوا على ذلك أن جعلوا لوحاتهم الإعلانية ووصلاتهم الإشهارية وبعض نشراتهم الإخبارية على بعض إذاعاتهم باللهجة العامية مبررين ذلك بأن هذه اللهجة تؤتي أكلها أفضل من عجوزتكم التي ستدفن قريبا.

 ودعى قوم آخرون إلى "فرنسة التعليم" لأن الفرنسية لغة العلم والتقدم ــ وأنُّى لها ذلك في بلدها فضلا على كونها كذلك في بلد غير بلدهاــ، فاستغلوا مناصبهم للتخلص من هذه اللغة من التعليم بأخرى لا علاقة لها بأهل اللغة العربية لا من قريب ولا من بعيد ــ إلا أنها لغة كغيرها من اللغات لا بأس في تعلمها ــ ولا تذكرهم إلا بالمحتل الغاصب. فجلسوا ينتظرون أن تُكفن اللغة العربية وتُحمل  على الأكتاف وتُدفن بعيدا عن التعليم، وهي اللتي نزل القرآن بلسانها يحث على العلم والتعلم "إقرأ".

 وقوم آخرون لم تنطفئ من قلوبهم العصبية الجاهلية التي أشعلها المحتل بإصداره الظهير البربري الداعي إلى التفرقة بين المغاربة الأمازيغ والمغاربة العرب، فاستنكر علمانيو أمازيغيهم كون اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد، وكيف أن الدستور ينص عليها، والعرب ليسوا أهل المغرب الأصليين. وسود أحدهم مقالا يستنكر فيه الربط بين الدين واللغة العربية ويرفض أن تكون اللغة العربية هي لغة الإسلام،" ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته، ءآعجمي وعربي، قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء". كما استنكر أن تكون اللغة العربية هي لغة أهل الجنة، ويقول: إذا كان كذلك فإن الله جاهل باللغات الأخرى ــ تعالى سبحانه عن ذلك ــ فأنتم بدعوتكم هذه تصفون الله بجهل اللغات حتى يتحدث بالعربية فقط، كما قال إذا كانت اللغة العربية تدل على قوة الإيمان فالعرب الملحدون ومسيحييهم المتقنين للغة العربية أقوى إيمانا من المؤمنين الغير المتقنين لها. ورغم أني كررت قراءة تلك الكلمات لعلي أفهم مغزى كلامه غير أني لم أفهم سوى معاداته وأمثاله للغة القرآن.

   فنحن كوننا أمازيغ أو نتحدث باللهجة العامية لا ندافع عن اللغة العربية تعصبا منا لها، بل ندافع عنها لأنها لغة القرآن التي أُكرٍمت بنزول القرآن بلسانها ولغة الإسلام ، فليفهم هذا الكلام من أراد فهمه، ومن لم يرد فله أن يفهم ما شاء، والعجب أنهم يعادون العربية ويحاربونها لكنهم يكتبون مقالاتهم بها، فهل بعد هذا التناقض تناقض.

  كما أنُّى للفرنسية أو الأمازيغية أو العامية أن تكون مثل اللغة العربية في حروفها ومعانيها في نحوها وصرفها في بلاغتها وفصاحتها. ورغم أن القوم ومن كان قبلهم يعادونها منذ سنين فهي مازالت شابة حسناء جميلة لا تنتهي مفرداتها ومترادفاتها، ولو كانت غيرها من اللغات لاندثرت وانقرضت منذ سنين، كما وقع لكثير من اللغات التي انمحت من وجه البسيطة بمجرد استبدالها بغيرها فلم يبق لها وجود.

 لذا نقول أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لبلدنا المغرب، بها ندرس وبها نكتب وبها نتكلم في الندوات والمحاضرات، فإقصاؤها لن يكون بالأمر الهين ولن يكون مادام هناك فئة من المجتمع ــ بل المجتمع كله ــ يدافعون عنها ويزيلون عنها ما علق بها من شوائب الزمان، ومادام القرآن نتلوه ويٌتلى فينا "بلسان عربي مبين"." قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ".


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات