عثمان حنزاز
هذا العنوان مقتبس من قصة جميلة كنت قد قرأتها وأنا تلميذ ، تتحدث هذه القصة عن مدينة كانت تسمى بمدينة العدل وكان فيها حاكم عادل لا يظلم عنده أحد ومن شدة عدله ورأفته بالناس وضع في وسط سوق المدينة جرسا مربوطا بحبل طويل يصل إليه كل ذي مظلمة ... فإذا دق الجرس هرع إليه قضاة المدينة من أجل رفع الظلم عن المظلوم و الاقتصاص من الظالم...
لكن الغريب هو أن الحبل مع مرور الزمن ووجود العدل وانعدام الظلم قد انقطع من شدة اهترائه فسقط الجرس ...
هذه القصة وإن كانت غارقة في الخيال فإنها منتهى غاية كل إنسان أن يرى وطنه مثل هذه المدينة العادلة لا يظلم فيها أحد ، يجد في كل مكتب من مكاتبها الخاوية على عروشها جرس عدالة يستنجد به و يشنف أذنيه بأصواته ويجد حبل رحمة يتمسك به.
فالرحمة بالعباد مقدمة على جلب العدالة والدولة التي ليس فيها عدالة لا مكان فيها للرحمة. وإذا غابت الرحمة حلت محلها القسوة والظلم والفساد والاستبداد بكل أنواعه ويصبح الجميع رهن إشارة صاحب السلطان،العدل عدله والحكم حكمه ولا رأي غير رأيه ، ويستوي عنده الظالم والمظلوم إلا من كان ذا حظ عظيم.. ويتحول من كان يدعي بالأمس القريب أنه نصير للمظلوم والمقهور إلى مبرر للظلم بداعي الإصلاح والاستقرار ، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن الضفدعة لا يمكن لها أن تقفز فوق حد معين و لا يستطيع الإصلاح أن يتعايش مع الفساد و لن يقبل بالتنازل عن أدواته التي يتحكم بها في رقاب العباد والبلاد.
لان هناك فرق بين الحقيقة والوهم ، الحقيقة هي الاستبداد الجاثم على الصدور والوهم هو الإصلاح من داخل سفينة مشوه دستورها ، فاسد قضاؤها ، لا جدوى من برلمانها ولا سلطة لحكومتها، سفينة نخرها الفساد والاستبداد فأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الغرق.