أخبارنا المغربية - و م ع
أكد المشاركون في ندوة علمية نظمتها جامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال، مساء أمس السبت، بشراكة مع مجلس جهة تادلة أزيلال والمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ومنتدى بني عمير، على ضرورة تفعيل الجهوية المتقدمة بالمغرب بالتدرج استجابة للإرادة الهادفة إلى إبراز مجالس ديمقراطية تتكفل بالتنمية المندمجة.
وأبرزوا أن هذه الندوة العلمية، التي نظمت حول موضوع "تفعيل الجهوية المتقدمة بالمغرب : من أجل مقاربة تدرجية"، تندرج ضمن السياسة العمومية التي رسمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقا من تنصيبه للجنة الاستشارية الجهوية التي أعدت التصور العام للجهوية.
وأجمعوا على أن التدرج في تنفيذ الجهوية المتقدمة يعتبر من الأسس الكفيلة بتحقيق نجاحها حيث لا يمكن فصل هذه الأخيرة عن بعض المبادئ المؤثرة المكرسة في دستور 2011، لاسيما حرية التدبير وكذا التوازن المنسجم بين الجهات من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، قال محمد اليعقوبي، أستاذ بكلية الحقوق بسلا في مداخلة حول "الجهوية المتدرجة على ضوء الخطب الملكية "، إن "الخطب الملكية السامية تدعو بصريح العبارة إلى تقوية الأصالة وإضفاء الطابع المغربي على الجهوية المرتقبة بالارتكاز على الخصوصيات الوطنية والمحلية التي تميز المغرب".
وأبرز أن الجهوية المتقدمة تشكل مرحلة جديدة في تقوية المسلسل الديمقراطي، حيث تم تكييفها "بالجهوية المتدرجة "، مشيرا إلى أن الخطب الملكية السامية استعملت عبارات تنطوي على فكرة التدرج من قبيل "إصلاح بنيوي عميق" و"خارطة الطريق" و"إصلاح مؤسسي عميق" و"ورش هيكلي كبير" و"محكا لإنجاح الإصلاحات الهيكلية الكبرى".
من جهته، أكد محمد الأعرج، أستاذ بكلية الحقوق بفاس في مداخلة حول "الجهوية المتقدمة : الآليات الأولية"، أن نظام الجهوية الموسعة المرتقبة كخيار ديمقراطي في حاجة إلى أن يتوفر على آليات أساسية وجوهرية، خاصة على مستوى آليات التأسيس، لمباشرة تدبير الشأن العام الجهوي.
ولكي تضطلع الجهوية بدورها التنموي، أكد الأستاذ الأعرج أنه لا بد من إيجاد تقطيع ترابي يلائم الأهداف التنموية البحتة بعيدا عن الاعتبارات الأخرى التي من شأنها أن تسيء إلى النظام الجهوي وتجعل انطلاقته غير سليمة، مبرزا أن مراعاة الخصوصيات الجهوية لبلد متنوع ثقافيا وعدم تجاهلها أثناء عملية التقطيع الترابي سيساهم في خلق وحدة متجانسة متحمسة للعمل والإبداع والاجتهاد في المجالات التنموية المختلفة.
واعتبر الأستاذ الأعرج مسألة التقطيع الترابي الجهوي مسألة شائكة تتطلب إلماما عميقا بالواقع الاقتصادي والبشري والجغرافي، كما تتطلب كذلك تراضي اجتماعي وسياسي بين كافة الفاعلين الأساسيين في الدولة.
وبخصوص المداخلة حول "التنزيل التدريجي للمبادئ المؤطرة للجهوية المتقدمة"، أبرز أحمد أجعون، أستاذ بكلية الحقوق بمكناس، أهم هذه المبادئ التي تتعلق بالمشاركة والتفريع والتدبير الحر والمعادلة بين الموارد والاختصاصات والتعاون والتضامن وربط المسؤولية بالمحاسبة.
من جانبه، أكد نجيب الحجيوي، أستاذ بكلية الحقوق بسطات في مداخلة حول "مبدأ التفريع وتوزيع الاختصاصات بين الدولة المركزية والجهات بالمغرب"، أن التفريع يهدف إلى تكريس سياسة القرب ويدعو لها ويعطي الأسبقية والأولويات للوحدات الترابية، والذي يجعل من الجهة الأصل والدولة الفرع، مبرزا أن الإطار العام لمبدأ التفريع يتمثل في الوحدة بين الدولة والوطن والتراب، والتوازن بين الدولة والجهات وبين الجهات فيما بينها والتضامن المتمثل في التعاون.
من جهته، أبرز السيد شارل سانت رو، مدير مرصد الدراسات الجيو سياسية بفرنسا، في مداخلته حول "التدرج والسياق المغربي"، أن مشروع الجهوية المتقدمة يعتبر ورشا وطنيا يهدف إلى بناء نموذج "مغربي مغربي" للجهوية المتقدمة، يعتمد على التقطيع الترابي وتوزيع السلطات والاختصاصات بين الدولة المركزية والجماعات الترابية.
وقال إن تفعيل الجهوية المتقدمة بالمغرب يجب أن يكون عبر تسلسل في المراحل نظرا لخصوصيتها ومميزاتها التي تختلف عن مجموعة من التجارب المعمول بها الآن سواء في الدول الموحدة أو الدول الفيدرالية كفرنسا وإيطاليا وألمانيا.
وقد تم خلال هذه الندوة، التي حضرها على الخصوص والي جهة تادلة أزيلال، عامل إقليم بني ملال، السيد محمد فنيد، ورئيس الجهة صالح حمزاوي، وعدد من المنتخبين وجمعيات المجتمع المدني تقديم التجربة الجهوية الإيطالية في إطار الدولة الموحدة كنموذج، فضلا عن التجربة الجهوية في النظام الفيدرالي الألماني بين النص الدستوري ودينامية التدرج في الممارسة.