أخبارنا المغربية
صادف أن استخدم علماء أميركيون في تجاربهم المختبرية خلايا بشرة مستمدة من مريضة تعاني من داء السكري - النوع الأول، وأصبحت هذه الخلايا منتجة للإنسولين بعد أن تم تحويلها بالأنابيب المخبرية وبطريقة النقل النووي الجسدي إلى خلايا جذعية جنينية.
النقل النووي الجسدي
تحدث العلماء عن حجر أساس في صراع البشرية مع داء السكري، الذي ينتشر بشكل لم يسبق له مثيل، إلا أنهم اشاروا إلى عراقيل أخلاقية ينبغي التغلب عليها أولًا، قبل التحول إلى مرحلة العلاج السريري. ويتعلق هذا الحاجز الاخلاقي بطريقة الاستنساخ البشري التي تثير الكثير من الجدل عالميًا، إذ تعمل طريقة النقل النووي الجسدي على إزالة الحمض النووي من نواة خلية غير ملقحة، ثم تحل الحمض النووي لخلية مستمدة من بشرة المتبرع عادة.
يعمل العلماء بعدها على دفع الخلية الجديدة للتكاثر، بواسطة حافز خارجي قد يكون تيارًا كهربائيًا صغيرًا أو محلولاً خاصاً. وتشبه هذه الطريقة التي استخدمها العلماء الإسكوتلنديون قبل 18 سنة في استنساخ النعجة دولي.
ويؤكد العلماء أن استنساخ البشر لا يهمهم، "وكل ما يهمهم من هذا النجاح هو استخدام الخلايا الجذعية المحولة بهذه الطريقة إلى أساس لعلاج أمراض خطيرة مثل السكري والشلل الرعاش والتهاب المفاصل وزراعة الكبد وإنتاج البدائل الطبيعية للعظام والغضاريف.
نجاح التجارب على الفئران
كتب الباحث الأميركي ديتر ايغلي في مجلة نيتشر: "فضلًا عن خلايا مستمدة من بشرة متطوعين بالغين، استخدمت خلايا بشرة فايبروبلاست مستمدة من امرأة عمرها 32 سنة تعاني من داء السكري- النوع الأول، ونجحت مخبريًا في تحويل هذه الخلايا إلى خلايا منتجة للانسولين".
ويفترض، بحسب ما كتبه ايغلي، أنه نجح في حث الخلايا على التكاثر باستخدام محلول من البوتاس. وثبت أن الخلايا التي تم تحويلها صارت تنتج الانسولين، رغم أن العلماء غير متأكدين بعد ما اذا كانت قد تحولت إلى خلايا بنكرياسية من نوع (ب)، المهم أنها صارت تنتج الإنسولين بالرغم من أنها مستمدة من امرأة تعاني منذ الطفولة من داء السكري- النوع الأول. ولم يتضح أيضًا إذا كان زرع هذه الخلايا في البشر سيعوضهم عن نقص الانسولين، لكن ايغلي كتب أن التجارب الأولى على الفئران كانت ناجحة، وأن خلايا بيتا أنتجت كميات من الإنسولين تعادل تلك التي يفرزها بنكرياس الانسان السليم، وأن هذه الخلايا أدت وظائفها الطبيعية وأفرزت الإنسولين بحسب كمية السكر الموجودة في الدم.
نجاح سابق
وكان ديتر ايجلي، من "نيويورك ستيم سيل فونديشن"، السبّاق في هذا المجال، لأنه أول من بدأ العمل في مجال النقل النووي الجسدي للأغراض العلاجية. وادعى الكوري الجنوبي وو سوك هوانغ في العام 2005 أنه نجح أيضًا في النقل النووي للأغراض العلاجية، إلا انه لم يستطع إثبات ذلك. وكتب فريق عمل الباحث دونغ ريول لي من جامعة تشا في سيوول في مجلة "سيل ستيم سيل" أنه نجح في تحويل خلايا بشرة مستمدة من رجل عمره 75 سنة، وآخر عمره 35 سنة، إلى خلايا جذعية جنينية.
وفي العام 2006، توصل سينيا يامانكا، من جامعة كيوتو، إلى طريقة تتجنب النقل النووي الجسدي، التي تثير الجدل الاخلاقي، عن طريق استخدام التلاعب بالهندسة الجينية للخلايا، في سبيل تحويلها إلى خلايا جذعية جنينية. وذكر أن هذه الطريقة يمكن أن تحول خلايا البويضة إلى خلايا جذعية متعددة الاستخدام، أي بمعنى الخلايا التي يمكن استخدامها في علاج العديد من الأمراض.
المناعة عائق أساس
العائق في قضية استخدام خلايا البويضة المستمدة من النساء ليس اخلاقيًا فقط، لأن الطريقة ممنوعة في معظم بلدان العالم، وإنما ماليًا أيضًا. لا يجد العلماء متبرعة بهذه الخلايا حاليًا، بسبب الحاجز الأخلاقي القانوني، ووصل سعر البويضة الواحدة 10 آلاف دولار. ويحتاج العالم إلى 10-15 خلية في كل تجربة يجريها.
وبالنسبة لطريقة النقل النووي الجسدي باستخدام خلايا البشرة، وعدا عن الحاجز الأخلاقي، هناك حاجز نظام المناعة الجسدي. فالسكري مرض من أمراض المناعة الذاتية، وينشأ بسبب مهاجمة خلايا المناعة الجسدية لخلايا بيتا المنتجة للانسولين في البنكرياس. وليس هناك أي ضمان على أن هذا النظام لن يهاجم الخلايا الجديدة المزروعة بطريقة النقل النووي الجسدي. المهم أيضًا في هذه الطريقة الواعدة أن تكون الخلايا الجذعية المزروعة قادرة، كما كانت خلايا بيتا، على فرز الانسولين بحسب حاجة الجسم، لا أن تنتج أقل أو أكثر مما يحتاجه الجسم، وإلا لتعرض المريض إلى مضاعفات أخرى.
تتطلب حماية الخلايا المزروعة التي تفرز الانسولين أن تخفض مناعة جسم الإنسان كثيرًا، وهذا يعرضه لمختلف الأمراض الأخرى، وربما لن يعفيه من حقن الانسولين التي يغرزها في جسده يوميًا. وكل هذه المصاعب تعترض طريق زرع الخلايا الجذعية المنتجة للانسولين، رغم نجاحها الجزئي، ويقع على العلماء التغلب عليها قبل الحديث عن نجاح تام.
وكالات