أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية ــ وكالات
رحب العلماء بتطوير خارطة بيانات لتسلسل الجينوم الخاص بذبابة التسي تسي، المسؤولة عن انتقال داء المثقبيات الذي يصيب البشر في أفريقيا، والمعروف بمرض النوم.
ويرى العلماء أن هذا التطور قد يكون مفيداً في وضع استراتيجيات للقضاء على الذبابة والحد من الوفيات وانتشار الأمراض الأخرى المرتبطة بها.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن "مرض النوم يهدد ملايين البشر في 36 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء".
وتعليقاً على هذا التطور العلمي، قال ماثيو بريمن، قائد فريق العمل المعني بعلم الجينوم الطفيلي في معهد ويلكوم ترست سانغر لشبكة الأنباء الإنسانية: "يمكن أن تقود بيانات الجينوم في نهاية المطاف إلى النهوض بالمعرفة الخاصة ببيولوجيا ذبابة التسي تسي والطفيليات التي تحمل داء المثقبيات".
واضاف بريمن "قد تكشف جوانب من المنظومة البيولوجية الخاصة بالذبابة عن بعض نقاط الضعف، مثل تربية اليرقات التي تعيش داخل الإناث الحوامل، واعتماد الذبابة على البكتيريا التي تعيش داخل خلاياها، وسلوكها غير المعتاد الذي يركز على العثور على الفريسة".
وقال قائد فريق العمل :"توصلنا إلى أن البروتين المشارك في استشعار الضوء والرائحة والطعم يفتح الباب لتعزيز المصائد. كما وجدنا في الجينوم أيضاً أدلة على وجود فيروسات على صلة بالدبابير الطفيلية-وهذا يسلط الضوء على إمكانية وجود مفترس طبيعي لذبابة التسي تسي في البرية، وإذا أمكن العثور عليه، فيمكن أن يستخدم في المكافحة البيولوجية".
وقالت سيراب اكسوي من جامعة ييل، التي شاركت في إعداد الدراسة،: "يصيب داء المثقبيات الأفريقي الناس في أفريقيا جنوب الصحراء. وعدم وجود خريطة بيانات للجينوم على نطاق المنظومة البيولوجية لذبابة التسي تسي كان عقبة رئيسية أمام تحديد نقاط الضعف".
وأضافت: "لقد استطاع هذا الفريق من الباحثين عبر أفريقيا، وأوروبا وأميركا الشمالية وآسيا التوصل إلى أداة بحثية قيمة للتصدي للانتشار المدمر لمرض النوم".
وتوصل الباحثون أيضاً إلى مجموعة من البروتينات الخاصة بالبصر والشم التي يبدو أنها تحرك الاستجابات السلوكية الرئيسية للذبابة، مثل البحث عن بيئات حاضنة أو التزاوج.
ويمتلك ذباب التسي تسي نظاماً بيولوجيا استثنائياً للغاية. فخلافاً لغيره من أنواع الذباب الذي يضع بيضه، فإن الأنثى تلد يرقة حيّة واحدة، وتقوم بعد ذلك برعايتها لتصبح ذبابة كاملة النمو عبر التغذية على الغدد التي تفرز حليب الأم.
وقال معهد ويلكوم ترست سانغر في بيان له: "لقد طورت هذه الذبابة الناقلة للمرض طرقاً بيولوجية فريدة من نوعها واستثنائية لإيجاد فريستها وإصابتها. كما أن جهاز الاستشعار المتقدم الذي تتمتع به ذبابة التسي تسي يتيح للأنواع المختلفة منها تتبع العوائل المحتملة إما عن طريق الشم أو عن طريق البصر".
وأضاف أن "هذه الدراسة توضح قائمة بالأجزاء المسؤولة عن العمليات الرئيسية وتفتح أبواباً جديدة لتصميم استراتيجيات الوقاية لتقليل عدد الوفيات والأمراض المرتبطة بداء المثقبيات الأفريقي البشري وغيرها من الأمراض التي تنتشر عن طريق ذبابة التسي تسي".
ويمكن أن تقود بيانات الجينوم في نهاية المطاف إلى النهوض بالمعرفة الخاصة ببيولوجيا ذبابة التسي تسي والطفيليات التي تحمل داء المثقبيات.
ويقول الباحثون أن تسلسل الجينوم قد ساعد في اكتشاف "مجموعة البروتينات المسؤولة عن الحصول على الدم وفلترته وتعبئته والانجاب وإفراز نظير لبروتينات حليب الثدييات".
وقال ماثيو بريمن، من معهد ويلكوم ترست سانجر لايرين: "لقد تم تحديد البروتينات التي تمثل أهمية بالغة لتغذية اليرقات التي لم تولد بعد-ومن شأن التدخل في هذه العملية أن يكسر دورة حياة الذبابة".
وتجدر الإشارة إلى أن فريقاً يضم 146 عالماً من 78 معهداً بحثياً في 18 دولة شاركوا في هذه الدراسة. وقد نجحوا في تحليل الجينوم الخاص بذبابة التسي تسي، والجينات التي يتكون منها وعددها 12,000 جين.
وإضافة إلى أنها تنقل مرض النوم، فإن ذبابة التسي تسي مسؤولة أيضاً عن مرض ناغانا (الذي يعرف أيضاً باسم داء المثقبيات الأفريقي الحيواني) الذي يصيب المواشي.
ويعيش العديد من السكان المتضررين "في المناطق النائية في ظل محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية الكافية، مما يزيد من تعقيد عملية المراقبة ومن ثم تشخيص الحالات المصابة وعلاجها. إضافة إلى ذلك، فإن نزوح السكان والحرب والفقر هي من بين العوامل الهامة الأخرى التي تسهل انتقال المرض".
والجدير بالذكر أن المرض يهاجم الجهاز العصبي المركزي للشخص المصاب، ومن ثم يسبب اضطرابات عصبية شديدة وحتى الموت إذا ما ترك من دون علاج.
ويأمل الباحثون في أن تسهم الاكتشافات الجديدة الخاصة بجينوم الذبابة في تطوير مواد طاردة أو مبيدات حشرية لهذا النوع من الذباب.
وفي عام 2009، أنشأت منظمة الصحة العالمية بنك عينات لمساعدة الباحثين وتسهيل تطوير أدوات تشخيصية جديدة وبأسعار معقولة. ويحتوي هذا البنك على عينات من الدم والأمصال والسائل النخاعي، واللعاب والبول المأخوذ من المرضى المصابين بكل أشكال المرض، فضلاً عن عينات من الأشخاص الأصحاء من المناطق التي يستشري فيها هذا المرض.