الارتجالية تسبق افتتاح دونور/ استمرار الأشغال ليلة الديربي/ والوالي مهيدية يتفقده قبيل الافتتاح

بلكمة غادرة أنهت حياته..أم الشاب الطنجاوي ضحية جريمة حومة الشوك تروي تفاصيل الحادثة

شيخ تطواني مكلوم يروي معاناته بعد فقدان أملاكه ويؤكد أمله في العدالة

مغاربة يطالبون بتدخل عاجل لوقف اعتداءات التلاميذ على رجال ونساء التعليم

الناصيري يبرئ نفسه من الاتجار في المخدرات ويعد بتفجير حقائق مدوية

جمعية حقوقية تلاحق مشجعاً من طنجة بتهمة التحريض ضد جماهير تطوان قبيل ديربي الشمال

الصَّحَافَة ُفي عَهْدِ بَنكِيرَان

الصَّحَافَة ُفي عَهْدِ بَنكِيرَان

اسماعيل العماري

 

في اخر صَيْحَاتِ الخرجات الإعلامية التي ظهر فيها بنكيران في أحد التجمعات الحزبية ،و التي اتهم فيها مجموعة من المنابر الإعلامية المكتوبة و المسموعة و المرئية...بالانحياز حسب قوله هو "ببيع الماتش" قاصدا بذلك ،موقع هسبريس الإكتروني ،هذا الأخير توَّعدَ إياه بأن يكون مصيره شبيها بمصير "الكاتب الصحفي رشيد نيني" الذي اكتشف الناسُ لعبته حسب قول رئيسِ الحكومة و حسب ما يبدو على  اطلاع بمصائر الصحافيين الذين لا تروق بنكيران مقالاتهم و التي تقضّ مضجعه ،لكن بنكيران حين كان يخطب أمام ثلة أعضاء حزبه الذين قبلوا كلامه بالتصفيق الحار ، و الذين راقهم خطاب الأمين ،ربَّ تساؤلٍ يطرحُ و بنكيران يطلق العنان لكلامه ،هل يتحدثُ من موقعه كرئيس حكومة أم كأمين عام للحزب ؟ أظن أن بنكيران لا يعي بدور الصحافة كفاعل أساسي و مركزي في النهوض بالديمقراطية في أي دولة،فمعنى الديمقراطية عند رئيس الحكومة المغربية، هو أن يمارسَ هو صلاحياته هو كما يحلو له ، ويتخذ قرارته بناءًا على هواه في هدوء تام دون أن يكون للاخرين رأي في ذلك ،كالصحافة مثلا التي تزعجُ بنكيران و تشوشُ عليه ،فهولا يعلم أن الديمقراطيات الصاعدة و الناجحة قد أسهمت فيها الصحافة بقسط وفير ،من خلال قيام الجسم الإعلامي بدوره التعبوي و التثقيفي و الوساطة بين المجتمعِ بأماله و ألامه و طموحاته و بين السلطة الحاكمة و الجهات المسؤولة ،لكن هذه المعادلة شرط تحقيقها لن يتأتي إلا بامتلاك الصحفي لمساحة شاسعة من التعبير الحر و االنقد البنّاء في اتجاه يصبو فيه إلى تشييد صرحي مجتمعي ،في عهد بنكيران  أو في ظل الراهنية الحالية هذه المعادلة غير متحققة التي تعاني منها الصحافة من كلِّ أشكال التضييقِ ،فحين تزدادُ جرعة الصحفي في كشف المستور و يتجاوز الحدود التي رَسَمُوهَا له سرعان ما يتهم بكونه يخدم أجندة غير ما معلومة ـ لم أستطع لحد الساعة أن اكتشفتُ صحافيًا يخدم أجندة ما سوى الأجندات الخيالية ـ خَرجةُ بنكيران  وما عهدناه في خطبه التي يضرب فيه بكلامه عرض الحائط ، فقد سبقَ له أن اتهم القناة الثانية بعدم الحياد و خدمة الأجندة التي يعلمها سوى بنكيران ، الذي كان ردّا على  تغطية القناة لإضراب أصحاب المخابز،فبنكيران لا يريد من يصفق لمعارضيه أو يستمع لكلامهم ،فكلامه هو الصائب و هو على حقّ،خدمة الأجندة التي تدعي بنكيران أنها تخدم بعض الوسائل الإعلامية لم يستثني منها موقع هسبريس الإلكتروني قائلا انها "باعت الماتش".

إن ما قاله و ما يقوله بنكيران و سَيَقُولهُ يمكن مَوْضُتُعه في موقعين اثنين . موقع رئيس الحكومة نظرا لفشل تجربة الحكومة الإسلامية،و التي أبانت عن عشوائية و لَخْبَطةٍ منقطعة النظير في تسيير شؤون البلادِ،ما أوقعها في هفوات و أخطاءٍ ،و الصحافة انطلاقا من موقعها الرقابي في رصد الحقائق الموجودة و نقل الصورة كما هي لمتتبعِ الشأن المحلي في طابعها الحقيقي هو ما يُغضبه.فهل يريدُ أن يقوم الصحافي بتلميعِ الصورة الباهتة أصلاً؟ ربماَّ بنكيران يريد صحافة متسترة عن الحقائقِ في اتجاه ما يصبو و يرغبُ فيه هو، و تقوم فقط بالتصفيق.إن كان بنكيران يتهم الصحافة بعدم الحياد،ما محل التقارير الصحفية المنهالة على الوزارة التي يسيرها وزير حزبه ،التي أجمعت على تراجع حرية الصحافة في المغرب ،والرد المعلوم و الذي يجيدهُ كان متوقعًا،معتبراً ذلك إجحافًا و مؤامرة ،لكن سنقبل بكلام السيد مصطفى الخلفي،إذا لم يعرف فيه الصحفي أي مضايقات تذكرْ،فعلي أنزولاَ الذي زُجَّ به في السجن بتهمة الإرهاب،وبعده سجن "رشيد نيني" الصحفي الذي كان اعتقاله محطَّ مزايدات قبيل دخول حزب الملتحي للحكومة ....

أما إذا كان بنكيران يتحدثُ من مَوْقعه كأمين عام للحزب  باعتباره جزءًا من اللعبة السياسية في مواجهة مع المعارضة و العامة من الشّارعِ ،بنكيران هو بصدد تصدي اللكمات المُوَجهة ضد حزبه، والذي أدى ثمنَ مجموعة من القرارات التي مست القدرة الشرائية للمواطن ،يعني ذلك أن بنكيران أجهز على شعبية حزبه بهذه الطريقة،رُبمّا هو يعرفُ ذلك وقد تحدث مرارًا على أنَّه لا يهمه تراجع شعبية حزبه مادام ذلك في سبيل الإصلاح،يغلبُ التفاؤلُ عليّ ،لكن لا إصلاح يأتي على حساب جيب المواطن و يزيد من صعوبة الحصول على كسرة الخبز.علاوة على فشله في لمَّ شمل الأغلبية التي خرج منها حزب الاستقلال بعدَ اعتلاء شباط منصب أمين عام حزب الميزان ،هذا الأخير،عكّرَ صفو مزاج رئيس الحكومة حين مطالبه الداعية إلى تعديل حكومي.هذه الهفوات الحاصلة في التجربة الحكومية،أدى سيؤدي بنكيران ثمنها حزب المصباح.

إنّ بنكيران بتوجيهه الاتهام للصحافة بعدم الحيَّاد ليسَ لديه ما يبرره،بل هو نابعٌ من دفاع بنكيران على نفسه و حزبه حتى لا ينطفئ مصباحه ، الصحافة التي تَنقلُ هموم الشعب و الطبقة التي تقبعُ في أسفل السُّلمِ الاجتماعي ،مسألة لا تروق بنكيران لأنه يعتقدُ أن المسألة تدخل في خانة معارضة برنامجه الإصلاحي ،فأي منبر إعلامي يتحلى بالمصداقية و الشفافية المطلوبة يصنفه بنكيران ضمن خانة ما أو خدمة أجندة ماَ .

لكن إذا كان ما قاله بنكيران فعلاً صحيحا ،فلماذا لا يأتينا بالحقائق الدالة على ذلك ؟ أم أنَّ خطابه كان كلامًا في كلامٍ ، و نحن على علم بأن أحدَ أعضاء حزبه هو من يسير القطاع ،فغياب المصداقية في الإعلام العمومي هو المسؤول عنها و يتحملُ وزرها ، فرئيس الحكومة الذي ضربَ "الطم" على دفتر التحملات ،يظهر اليوم و يعلنُ أن الصحافة باعت الماتش و هو يحتملُ مسؤولية ذلكَ ،إن كلامه صحيحاً.

حتى لا نَتَجَنَّبَ النقاش الحقيقي و الأساس و ننساق وراء تبادل الاتهامات ،فإن الذي يجب أن يكون النقاشُ حوله هو إصلاح المنظومة الإعلامية في المغرب و التي تعيش حالة من العشوائية و خاصة في الإعلام المرئي بقنواته العمومية ،و التي يطرحُ عليه تساؤلات عميقة جدًّا ،من قبيل الجودة التي تتضمنها البرامج المعروضة و سؤال الأخلاقيات  المناسبة لقيم المجتمع المغربي و مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات العالمية التي تفرضها العولمة،زد على ذلك النقاش حول حرية الصحافة في المغرب الذي تبدو رجعت القهقرى و بشكل مخيف و في ذلك تجارب متعددة لا داعي لسردها و التي تجمعُ حول استهداف حرية الصحافي ،من خلال اعتقالات بين الفينة و الاخرى و التهمة غير معلومة ،قس على ذلكَ تعنيف الصحافيين أثناء تغطيتهم لمجموعة من الأنشطة ،حيث يعانون كل أشكال الرفس و اللكم  وفي غياب أبسط الشروط  الملائمة لممارسة العمل الصحفي  .

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة