وكالات
القراءة عن الجواسيس شائقة وغالبًا ما تكون الحكايات عنهم جذابة وتغري صناع أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية بتشخيصِها ولكن بخلطِ الحقيقي ببعض الزائف أحيانًا وللأسف كثيرًا ما ينجح العدو الإسرائيلي في تجنيدِ شبكات وأفراد عديدين وتحديدًا في فلسطين وهو مايجعل مطالعتنا لأخبار هؤلاء الخونه يكون محزِنًا وقد يبعث على الكآبة.
ولم يكن الصراع الجلي الدائر على أرض قطاع غزة يقف عند حدود المواجهة العسكرية بين جيش الاحتلال ورجال المقاومة الفلسطينية فحسب، بل إن ظاهرة الجواسيس كانت أيضًا إحدى أبرز أشكال الصراع الخفي.
وعمدت الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية قبيل الحرب على غزة، إلى جمع وحصر المعلومات الكافية عن القطاع لحسم المعركة أمنيا قبل شن الحرب العسكرية.
ونظرًا لأن نحو ثلث سكان غزة يعانون من البطالة ويعيش 80 في المائة من الأسر تحت خط الفقر تعتقد جمعيات أهلية محلية غير حكومية أن بعض الشبان سيظلون معرضين للاستدراج لنشاط التجسس مقابل الحصول على المال من إسرائيل بغض النظر عن الحملات التي تشنها حماس.
وتشير المعلومات الواردة من جهاز الأمن التابع لحركة حماس بقطاع غزة أن عدد الجواسيس لدى سجون القطاع بلغ أكثر من 200 جاسوس قبل الحرب الأخيرة.
وكشف موقع "مصر العربية" أسرار سقوط الجواجيس في بيد المقاومة وكيف تجند إسرائيل جواسيسها داخل قطاع غزة وماهي أهم الوظائف التي تنفذها عناصر التجسس والدور الخفي الذي يقومون به خلال العدوان على غزة.
كيفية إعداد الجاسوس
القصة الأولى والتي تبين كيفية عمل الجواسيس كان مصدرها موقع "المجد الأمني" والذي كشف النقاب عن إلقاء الأجهزة الأمنية في قطاع غزة القبض على متخابر مع الاحتلال في العقد الخامس من عمره، ومتورط في التعاون مع مخابرات الاحتلال نحو 20 عامًا.
وعرف الموقع المتخابر بـ ( س- ر) ويبلغ من العمر (53 عاما) من سكان مدينة غزة ومؤهله العلمي ثاني ثانوي.
وارتبط المتخابر مع المخابرات الصهيونية على يد الضابط (دان) بعد عودته من الأردن نتيجة عمله مع أحد الفصائل الفلسطينية، حيث هدده ضابط المخابرات بالاعتقال إذا لم يتعاون معه فوافق العميل المذكور على الارتباط.
وفي بداية الارتباط كان الاتصال عن طريق الهاتف الأرضي، وكان كود الاتصال الذي أعطاه الضابط للعميل ( أنا يعقوب بدي جبريل)، ثم طلب ضابط المخابرات من العميل شراء جهاز خلوي تابع لشركة سلكوم الصهيونية للتواصل مع العميل.
ثم تحول الاتصال إلى جهاز الميرس المملوك للعميل، وبعد ذلك طلب ضابط المخابرات من العميل شراء شريحة أورانج الصهيونية للتواصل من خلالها.
وحول أبرز المهام التي نفذها العميل، قيامه بتزويد المخابرات الصهيونية بمعلومات كاملة عن عمله داخل التنظيم وأعضائه وأنشطته.
وعمل العميل كقناة اتصال للتنظيم المذكور بين الداخل والخارج بعلم المخابرات الصهيونية، واشترك مع القوات الخاصة الصهيونية في تنفيذ مهام ضد المقاومة الفلسطينية ومصادرة أسلحة خاصة بالمقاومة.
وزود المخابرات الصهيونية بمعلومات حول مكاتب الصرافة العاملة في مدينة غزة ومواقعها حيث تم استهداف بعضها في وقت لاحق.
كما زود المخابرات بمعلومات وافية حول عمل السلطة وأجهزتها ودوائرها والعاملين فيها، وقام بنقل معلومات إلى ضابط المخابرات( ع) حول الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتهمهم.
ونقل معلومات للمخابرات الصهيونية حول مواقع التدريب الخاصة بالمقاومة.
وبعد رصد ومتابعة الجهات الامنية المختصة في القطاع للمذكور تم التواصل مع الفصيل الذي ينتمي له هذا العميل لمعالجة بعض المعلومات الواردة بشأنه، الامر الذي أدى إلى قيام قوة أمنية بإلقاء القبض عليه ونقله إلى مركز التحقيق.
وبعد ساعات تم خلالها مواجهة العميل بكافة المعلومات والحقائق والأدلة التي تؤكد تورطه بالعمالة لصالح الاحتلال، انهار العميل واعترف بخيانته لشعبه ووطنه وينتظر تقديمه للمحكمة للبت في قضيته.
عملاء 2012
وفي عام 2012 عرضت وزارة الداخلية في غزة مجموعة اعترافات لـ "أخطر عملاء للاحتلال' في ملفات عدة تضُم 'الاغتيالات والمعلومات والإسقاط والتنسيق الأمني وبث الشائعات وزعزعة المجتمع وعملاء على مرور الزمن".
ويُبرز العرض المصور الذي لا تزيد مدته عن 21 دقيقة تورط "عميل ميداني خطير" طيلة العقد الماضي في التخابر مع جهاز الأمن الداخلي الصهيوني 'الشاباك'.
وتورط "العميل المخضرم" - بحسب اعترافه أمام الكاميرا الموثقة للفيلم - في الاغتيال المباشر لعدد من قادة الفصائل الفلسطينية كان من أبرزهم "الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي الذي تولى قيادة حركة حماس في غزة ومؤسس الجناح العسكري للحركة الشيخ صلاح شحادة وعضو مكتبها السياسي المهندس إسماعيل أبو شنب والمفكر الدكتور إبراهيم المقادمة والقياديين في كتائب شهداء الأقصى مسعود عياد وجهاد العمارين".
واختُتم السجل الأسود لـ 'أخطر عملاء (المخلب الدموي للشاباك) في ملف الاغتيالات بإبلاغه عن المنزل الذي تواجد بداخله وزير الداخلية والأمن الوطني الشيخ الشهيد سعيد صيام في حي اليرموك غرب غزة إبان الحرب على القطاع نهاية عام 2008 ومطلع عام 2009.
ويُؤكد الفيلم على لسان العميل ذاته قوله: "كنت أحلم في المسكة كل دقيقة وأنا قاعد في الدار .. ما بعرف أنام في الليل رغم أنو ضابط المخابرات الإسرائيلي كان يقول لي أنت يد (شيلانو أريشونا) – يعني يدنا الأولى -؟".
ويُشير عرض اعتراف العميل الميداني المخضرم إلى 'الأوهام التي كانت تسوقها المخابرات الصهيونية لعملائها في قطاع غزة'، مبيناً أن الشاباك كان يُوهم أخطر عملائه بأن يُنفذ له أمور كثيرة من بينها أن يجعل منه تاجراً كبيراً في القطاع بطريقة تدريجية.
ويستعرض الفيلم – الذي استهل بمشهد يجسد عمل ضباط جهاز الأمن الداخلي في رصد سكنات وتحركات العملاء وملاحقتهم – اعترافات عميل آخر انضم لإحدى فصائل المقاومة الفلسطينية وكان له ارتباط وثيق مع أجهزة المخابرات والاستخبارات الصهيونية على مدار سنوات.
وبحسب العرض المرئي فقد كشف "العميل" لضباط الشاباك عن الهيكلية القيادية 'السياسية والعسكرية' للجان المقاومة الشعبية، ومن الأسماء التي سردها "الأمين العام الأسبق للجان الشهيد القائد كمال النيرب والأمين العام السابق الشهيد زهير القيسي والقائد العسكري للتنظيم عماد حماد'.
يشار أن جميع الذين وردت أسماؤهم اغتالتهم الطائرات الحربية الصهيونية نهاية عام 2011 المنصرم أو ربيع عام 2012 .
ويُوضح فيلم الداخلية أن 'العميل أصبح يذكُر لضابط المخابرات الصهيونية تفاصيل عامة عن المقاومة إضافة لكشفه تفاصيل عملية فدائية كان مسئولاً عنها القائد العسكري للجان المقاومة الشعبية الشهيد عماد حماد 'كانت ستحدث في منطقة معينة لكنها فشلت بسبب إيصاله المعلومات الخاصة بها للشاباك'.
ويُضيف الفيلم كاشفاً إقرار الجاسوس الخطير بالتفاصيل الدقيقة لسقوطه في وحل العمالة "تمكن أبناء شعبي – في إشارة لجهاز الأمن الداخلي – من كشف كل مؤامراتكم – في إشارة لعملاء الشاباك – وكشف التفاصيل الدقيقة عنكم وعن شخصياتكم وعن جميع أعمالكم وما تمكرون له".
ويلفت العرض المرئي إلى أن (العميل الذي زرعته المخابرات الصهيونية في المقاومة) تفاجأ وذُهل خلال التحقيق معه بالعقلية الفذة التي يتمتع بها ضباط جهاز الأمن الداخلي بـ'أنهم يذكرون معلومات دقيقة وتفاصيل مملة عن شخصيات العملاء وعن مشاكلهم الشخصية فلينتبهوا مع من يتعاملون'.
كما يُشير الفيلم إلى اعتراف أحد العملاء 'الشبان' بأن ضابط مخابرات يُدعى 'يزيد' أرغمه على الارتباط معه عقب الضغوط والتهديد الذي لقيه منه و50 من أفراد عائلته ممن اعتقلهم الاحتلال من إحدى مناطق قطاع غزة خلال الحرب وزج بهم في أحد سجونه.
التجسس بيدأ بمحادثة
واستعرض الفيلم كذلك حكاية عميل سلك خلال ارتباطه وتواصله مع 'الشاباك' عدة سبل وطرق ابتدأت بالمحادثة الصوتية عبر جوال مُزود بشريحة أورانج 'إسرائيلية' وانتهت بإرسال معلومات عن صواريخ المقاومة وأنشطتها عبر فلاشين 'قلمين ذاكرة' أرسلها له ضابط المخابرات الصهيوني ليتحول اتصاله به عبر الإنترنت'.
'انطلب مني رقم سيارة مسعود عياد وقاللي ضابط المخابرات معك 5 أيام تجبلي إياه قلتلو بدي جبلك إياه خلال 5 ساعات .. فعلاً جبتو.. برضو جبت رقم سيارة جهاد العمارين ولونها وموديلها ونوعها'.. خلاصة اعترافات أخطر العملاء الميدانيين للكيان في غزة .
ويُشير الفيلم - الأول من نوعه - إلى 'اعتراف عميل آخر بطلب ضابط المخابرات الصهيونية منه أسماء أشخاص – كانت أسمائهم مدشنة في قائمة يحملها ذلك الضابط – ثم يستفسر 'الشاباك' من العميل عن الأسماء التي يعرفها وأماكن سكنهم ويطلب منه إحضار أرقام 'جوالاتهم' وأنواع سياراتهم'.
ويقول الكثير من الجواسيس المعترفين إنهم حصلوا على تصاريح اسرائيلية للدخول والخروج من قطاع غزة المحاصر. وكان آخرون رهن الاحتجاز في اسرائيل ووافقوا على التجسس مقابل حصولهم على أحكام مخففة.
وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن اسرائيل تحاول أيضا إجبار أبناء غزة الذين يحتاجون رعاية طبية في الخارج على التعاون معها.
ويسعى آخرون وراء المال ويقدمون المعلومات عبر رقائق سرية للهواتف المحمولة أو عن طريق رسائل بريد الكتروني مشفرة.
وقال سمير زقوت من مركز الميزان لحقوق الإنسان الذي مقره مخيم جباليا للاجئين في غزة "على الحكومة في غزة معالجة بعض الأسباب التي يتسلل منها الاحتلال إلى بعض الشبان لتجنيدهم وهي الفقر".
روايات من السجون
ونشرت بعض المواقع الأمنية الفلسطينية روايات لبعض الشاب الذين القى القبض عليهم خلال الأعوام الماضية ومنهم الشاب محمود (24 عاما)، في السجن، هو واحد من عشرات الغزيين الذين استدرجتهم اسرائيل للتعاون معها مقابل مئات الشواقل احيانا (200 الى 300 دولار اميركي) لتزويدها بمعلومات عن فصائل "المقاومة" وابرزها "كتائب القسام" الجناح المسلح لحماس.
ويسترجع الشاب محمود وهو قابع في أحد زاويا سجن غزة للتأهيل والاصلاح ذلك اليوم قائلا "كنت امشي بالقرب من الحدود مع اسرائيل في شمال القطاع بالقرب من بيتي فضبطت من قوة خاصة اسرائيلية للتحقيق".
ويتابع: "سألني ضابط المخابرات عن سبب وجودي بالقرب من الحدود فاخبرته اني مستاء لان زواجي بعد شهر ولا املك المال، فقال لي اعمل معنا ونحن سنعطيك المال".
ويضيف الشاب "ابتزني الضابط بالمال...اعطاني الف شيقل وشريحة اورانج اسرائيلية (هاتف نقال) وقالي لي لا تقلق، نسألك بعض الاسئلة وتجاوبنا عليها وكل مرة سنعطيك نفس المبلغ وسنساعدك في تكاليف زواجك".
وبتنهيدة عميقة يضيف "وافقت".
ويتابع: "اتصل بي الضابط بعد شهر من زواجي، حسب الاتفاق، وقال لي بدأ وقت الشغل الآن، وطلب مني ان اراقب اثنين من جيراني يعملان في كتائب القسام".
ويقول مبررًا خطوته "كنت أحاول أن أكذب عليه لكنه كان يعلم كل شيء ويكشفني دائمًا".
وواصل محمود التعاون مع ضابط المخابرات الاسرائيلي قرابة عام كما يقول، وذلك قبل ان تعتقله حكومة حماس في العام 2008.
ويروي الشاب الذي لم يكن يتوقع كشف أمره: "اخبرت ابن عم لي اسمه محمد وهو صديق مقرب مني ويعمل مع حماس بالقصة وتحدث مع الضابط الاسرائيلي وطلب منه ان يعمل معه ايضا لكن الضابط قال له انت تأخذ راتبا من حكومة حماس فلماذا ستعمل معنا".
ويكمل: "لم اقلق ان يبلغ محمد عني لان صداقتنا اقوى من اي شيء وهو يعمل مع حماس من اجل المال فقط، لكن الضابط طلب مني ان اتوقف عن الحديث مع محمد، لكني رفضت".
ويقول "كلمني الضابط بعدها بفترة وقالي لي: محمد ابن عمك بلغ حماس عنك، اهرب سيلقون القبض عليك بعد شهر فلم اصدقه وشتمته".
وبعد ان صمت لحظة قال محمود "فعلا بعد شهر بالضبط اعتقلتني شرطة حماس في كمين واعترفت بكل شيء".
ويحتجز في سجون حكومة حماس قرابة أربعين متهمًا بالتخابر مع اسرائيل بحسب ناصر سليمان مدير سجن غزة للتأهيل والإصلاح.
مهمات الجواسيس
وبحسب الموقع الأمني التابع لحماس فإن أهم المهام التي يقوم بها الجواسيس تتمثل في رصد لتحركات قيادات في المقاومة أدت إلى استهدافهم وارتقاء بعضهم شهداء.
ونقل معلومات حول عناصر للمقاومة وتم استهدافهم وارتقاءهم شهداء بالإضافة الي الارشاد بالوصف الدقيق لمنازل عدد من المقاومين وتم استهدافها خلال الحرب.
بجانب تحديد مواقع وأهداف مدنية وعسكرية من خلال اجهزة GPS وجمع ارقام هواتف عناصر للمقاومة واستلام اجهزة ومعدات من العدو لأغراض التجسس.
بجانب تصوير أمكان عامة وإرسالها إلى العدو الصهيوني وتصوير منازل وشقق سكنية وسيارات تتبع مواطنين وتم استهدافها.
بالإضافة إلى استلام أموال من العدو وإعادة توزيعها إلى عملاء آخرين عبر النقاط الميتة ومتابعة أنشطة وفعاليات تنظيمية وإرسالها للعدو وبث وترويج عدد من الشائعات.
الخيانة
كل هؤلاء الجواسيس ولم تعلم اسرائيل بالانفاق التى تمر الى عقر دارها, ولا تجد اسرائيليا واحدا يعمل جاسوسا لدى المقاومة, قبح الله الفقر, ربما اسرائيل تفقر غزة من أجل شراء الجواسيس