إسماعيل بوكيلي مخوخي
تستمر معاناة المجتمع المغربي مع إحدى الفئات المشكلة له ، الذين يطلق عليهم أصحاب العقول الجامدة،الذين يجسدون بأفكارهم حيثيات الواقع المؤلم والمرير ، الذين يدعون بالمعرفة رغم جهلهم،الذين يجانبون الصواب وعن خطئهم لمدافعون ، سواء الرجال منهم أو النساء،أطفالهم وشبابهم و شيوخهم،ومرورا بالذين يؤكدون على أنهم ذو عقول نيرة وبالثقافة هم ملمُون، أما الذين هم بغبائهم عارفون فنحن لهم غافلون.
لم تعد أسر مجتمعنا وعائلاته يؤمنون بالحوار الهادف و البنَاء،الذي يخلص منه عدة استنتاجات وتوصيات ،وتكون بمثابة ركائز وأعمدة تحدد النظام الأساسي لسير المجتمع بكل مكوناته،بداية بالأسر ثم العائلات والإدارات ونهاية بالمؤسسات السياسة،لكن في ظل تحول مفهوم الحوار إلى منطق الجدال و الصراع الذي يطبعه طابع القوة وحب الرأي الفردي وعدم احترام الرأي الآخر ، سيصير بذلك المجتمع في طريق مغلق،وسينزلق عن سكة مساره الصحيح ، وهذا الأخير هو المبتغى الرئيسي من النقاش،ولكن السبب راجع لأصحاب العقول الجامدة الذين يعرفون أنهم يخالفون الصواب ويتمادوا في الدفاع عن أفكارهم ، ويعلمون أنهم بعيدون كل البعد في تصوراتهم عن ملامسة الواقع ومع ذلك يتشبثون بآرائهم كأنه الصواب عينه ، لكن ألا يعلمون أن قول الحق ليس عليه كلام ، وأن الحق غير قابل للقسمة على اثنان ، كما يقال أن لكل ذي حق حقه ، و يقال أن الحق لا يناقش وأن الاختلاف حق مشروع ،لكن أصحاب العقول الجامدة ليس هم بمختلفين بل هم بمخالفين،والخلاف ليس من جنس الاختلاف.
يعتبر الحق واضح المعالم ، ولما الجدال ؟ هل على وضوحه ؟ نعم لكل وجهة نظره ، ولكن يجب أن نتفق أن لكل أسلوبه في قراءة الحق مع ضرورة الحفاظ عن نفس المعنى ، لكن لمن نقول هذا ؟ فأصحاب العقول الجامدة افتقدوا الميكانيزمات الأبجدية لمفهوم الحوار من مبادئ وشروط وأركان ، حتى أصبحنا في حواراتهم نسمع حقارة العبارات ودناءة الألفاظ ، تفيد بذلك معنى الشتم والسب والقذف ، آ يسمى هذا حوارا وشرطه الأوحد الكلام اللين ؟ فهذا الصنف من يؤمن برأي ويدافع برأي آخر ، هؤلاء من لا يعترفون بآراء معللة بأساس علمي ومعرفي مبني على دلائل منطقية ، هؤلاء من يحبذون الجحود في حواراتهم ، لكن لي قناعة أن الرأي الصواب يرى من بعد أميال وأميال ، وآراء العقول الجامدة لا ترى حتى بالعين المجردة أو إن صح القول لا ترى بلمح البصر.