أخبارنا المغربية
من عجائب الدماغ أن الله زوده بنظام محكم لاستجابة الأبوين لبكاء الأطفال، وهذه الاستجابة أكبر لدى الأم، وهذا ما أشار إليه الحبيب الأعظم، لنقرأ ونحمد الله تعالى..
هذا خبر علمي جديد أحببت أن أنقله وأعلق عليه لما فيه من العبرة، وقد ندرك شيئاً من أسرار البر بالأبوين، وبخاصة في زمن كهذا فقد معظم المسلمين الإحساس بالذل أمام الأبوين ونسوا حقهما في الإحسان والدعاء والمودة. فالخبر يقول: "مناطق بالمخ تستجيب لبكاء الأطفال" فقد اكتشف فريق من العلماء أن مخ الأبوين وبخاصة الأم أكثر استجابة لبكاء الأطفال. واستخدم فريق العلماء من جامعة بازل أسلوبا معقداً للمسح لقياس استجابة المخ لبكاء الأطفال وضحكهم.
بكاء الأطفال يثير الأم أكثر من الأب:
أظهر أحد أساليب القياس أن بكاء الأطفال الرضع يثير رد فعل لدى الآباء أقوى من أولئك الذين لم يرزقوا بعد بأطفال. كما أظهرت الدراسة أن الأمهات يستجبن بصورة أكبر من الرجال لبكاء الأطفال وضحكهم. وخلص العلماء أثناء بحثهم الأخير الذي نشر في مجلة "طب الأطفال الحيوي" إلى أن بكاء الأطفال يثير نشاط منطقة معينة بمخ الوالدين. وتلعب تلك المنطقة في المخ التي تحمل اسم "أميجدالا" دوراً في إحساس الإنسان بالعواطف المختلفة.
وأثبتت الدراسة أن منطقة "أميجدالا" لدى الرجال والنساء الذين لم يرزقوا بعد بأطفال يزداد نشاطها إلى حد ما استجابة لضحك الأطفال الرضع أكثر من استجابتها لبكائهم. ويؤكد البروفسور إيريش سيفريتز من قسم طب الأطفال بجامعة بازل والذي يقود فريق البحث أن نتائج الدراسة الأخيرة لها مدلول حيوي. فبكاء الأطفال الرضع يعد ذا أهمية أكبر للآباء أكثر منه لمن لم يصبحوا آباء بعد. لذا فإن الآباء يتمتعون بآلية في دماغهم تدفعهم لأن يكونوا أكثر حساسية لأطفالهم.
وهذا يساعد على بقاء الطفل على قيد الحياة واستمرار التناسل فيما بعد ونقل جيناته إلى أجيال أخرى، والسؤال الذي يحير العلماء: كيف جاء هذا النظام الرائع في استجابة الآباء لنداء الأبناء؟!
أهمية القشرة الأمامية من الدماغ (الناصية):
وقد خلص البحث إلى نتائج مختلفة عندما ركز على جزء آخر من المخ يسمى القشرة الأمامية. وتعد هذه المنطقة مبهمة إلى حد كبير، إلا أنه يعتقد أنها مسؤولة عن شعور الإنسان بالكثير من الانفعالات. وتشير الدراسة إلى أن تلك المنطقة لدى جميع النساء سواء كان لديهن أطفال أم لا تستجيب لبكاء الأطفال.
وفي المقابل، أفادت الدراسة بأن بكاء الأطفال لم يحرك ساكنا في تلك المنطقة لدى الرجال بصفة عامة سواء الآباء منهم أو غير المتزوجين. ويعتقد الباحثون أن بكاء الأطفال يثير فلتراً خاصاً للضوضاء بالقشرة الأمامية الأمر الذي يدفع النساء إلى التركيز على بكاء الأطفال فقط دون الأصوات المحيطة! وقد يؤدي هذا النشاط إلى إرسال إشارات كهربية إلى أجزاء أخرى من المخ، الأمر الذي يقود بدوره للإحساس بانفعالات شديدة تجاه الأطفال بما فيها الرغبة في إطعامهم أو احتضانهم.
تبين القياسات الدقيقة بواسطة المسح بالرنين المغنطيسي، وجود مراكز في دماغ الأبوين تستجيب لصراخ الأطفال، ويرجح سيفريتز أن استجابة القشرة الأمامية لدى النساء لبكاء الأطفال هو أمر متأصل فيهن، بينما تستجيب منطقة "أميجدالا" لدى الآباء والأمهات بنمو خبرتهم تجاه الأطفال الرضع. وأشار سيفريتز إلى أن الأمر يتطلب مزيداً من الأبحاث والدراسات لمعرفة الصلة التفاعلية بين منطقة "أميجدالا" والقشرة الأمامية. ويأمل الباحثون في أن تقودهم نتائج أبحاثهم إلى سبر أغوار الاتصال الاجتماعي بين البشر ومعرفة أسباب الخلل الاجتماعي الذي يصيب بعض الأشخاص بما في ذلك الانطوائية وعدم ثبات الانفعالات.
اختراع جديد يحاول كشف سر البكاء عند الأطفال:
ربما يتمكن جهاز صغير من حل غموض سبب بكاء الأطفال، وتمكين الآباء من معرفة ما إذا كان طفلهم جائعاً أو يرغب في النوم أو متعباً. ويترجم الجهاز وهي في حجم الآلة الحاسبة، بكاء الطفل حتى يعرف والداه ما ألم به. وتراقب إحدى الرقائق في الجهاز مستوى وكيفية ومدة البكاء لتحديد ما إذا كان الطفل يعاني من الضيق أو التعب أو الجوع أو قلة النوم أو عدم الراحة. وخلال ثوان يضيء وجه عليه تعبير يماثل ما يشعر به الطفل حتى يعرف الآباء سبب بكاء طفلهم.
وابتكر الجهاز الجديد "لماذا البكاء" والذي يعمل بالبطاريات، مهندس إلكترونيات إسباني يدعى بدرو موناجاس. وكان موناجاس يحاول معرفة سبب بكاء طفله ألكس. وقضى موناجاس ثلاث سنوات في زيارة حضانات أطفال لتحليل طرق بكاء نحو 100 طفل.
هذا الوجه يظهر أن الطفل يبكي لحاجته للنوم، وبالتالي فإن هذا الطفل يريد أن ينام ولكن يعبر عن ذلك بالبكاء، وكأن للطفل لغة خاصة به، ولكن حروفها هي الصرخات!! أليس هذا من عجائب الخلق؟ من الذي علَّم هذا الطفل أن يصرخ بهذه الطريقة المحددة التي يشترك فيها أطفال العالم، إنه الله القائل: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 75].
ويقول هذا الباحث: كان طفلي ألكس دائم البكاء وليلة بعد ليلة من عدم تمكني من النوم جيداً، قررت التوصل لطريقة لمعرفة ما يحاول أن يقوله لي، ولذلك قمت باختراع هذا الجهاز الذي يعتقد أن نسبة دقته تصل لـ 98 في المئة، قد يكون نعمة للآباء. سيساعدهم فعلا في فهم سبب بكاء الأطفال والقيام برد فعل يناسبه.
إلا أن الدكتور هارفي ماركوفيتش طبيب الأطفال ورئيس تحرير صحيفة أرشيف أمراض الطفولة يقول: إن الجهاز الجديد لن يقدم معلومات جديدة لا تعرفها بالفعل الأمهات المتمرسات صاحبات الخبرة. إن أي أمّ وبخاصة إذا كان لديها خبرة، يمكنها أن تخبرك أنها قادرة على التفرقة بين البكاء بسبب الجوع أو الألم أو التعب بدقة معقولة. ولكن ما الذي يمكن أن يقدمه جهاز لا يستطيع الآباء تقديمه. إن الجهاز لن يمكنه التفرقة بين البكاء بسبب المغص والبكاء دون سبب واضح والذي يربك الآباء.
والآن لنتوقف مع الحبيب...
لقد أوصى النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم بالأم ثلاث مرات وبالأب مرة، وربما نجد في ذلك إشارة إلى أن الجهد الذي تبذله الأم في تربية الأطفال واستجابة دماغها لهم وعطفها عليهم، أكبر من الأب، ولذلك عندما جاءه ذلك الأعرابي وقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال (أمك... ثم أمك... ثم أمك... ثم أبوك). من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق، ولو كان رسول الله يريد الشهرة أو المال أو الجاه، لمال باتجاه الرجال وليس النساء، لأن الزمن الذي بُعث فيه كانت المرأة مضطهدة وليس لها أي حق، فأعطاها أهم حق وهو حسن الصحبة، وهذا هو الإسلام، ويكرم المرأة بعكس الغرب الذي جعل من المرأة وسيلة لكسب المال والدعاية والإعلانات والأزياء والفن والاستمتاع .. هذه هي المرأة بالنسبة لهم، ولكن بالنسبة لنا المرأة هي الأم التي كرَّمها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه رسول من عند الله.
لقد أوصى النبي ببرّ الوالدين، بل جعل عقوق الوالدين من أكبر الكبائر! فقال لذلك الأعرابي عندما سأله عن الكبائر فقال: (الإشراك بالله ثم عقوق الوالدين...)، انظروا إلى هذا النبي الكريم كيف يضع عقوق الأبوين بعد الشرك بالله مباشرة، وذلك ليدلنا على اهتمام الإسلام بالأبوين، وعندما سئل عن أحب الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها... وبر الوالدين...)، وقد جاءت الاكتشافات الحديثة لتؤكد ذلك، حيث أن مراكز الرحمة والعطف موجودة لدى الأبوين، وغير موجودة لدى الأبناء، ولذلك أوصى الله ببر الوالدين والدعاء لهما.
وتأملوا معي هذا النص الرائع: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24].
هذا النص تضمّن سبعة حقائق (والرقم سبعة له مدلول عظيم في القرآن)، واحدة لله وستة للوالدين!!! لنجزّئ هذا النص كما يلي:
1- (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ): أمر بعبادة الله تعالى.
2- (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا): أمر بالإحسان للوالدين.
3- (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ): نهي عن إيذاء الأبوين حتى بكلمة (أفّ).
4- (وَلَا تَنْهَرْهُمَا): نهي عن نهر الأبوين والإساءة لهما بالكلام والفعل.
5- (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا): أمر بأن نقول لهما قولاً حسناً وكريماً.
6- (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ): أمر بأن نبرَّ بالوالدين لدرجة التذلل أمامهما!
7- (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا): أمر بالدعاء للأبوين.
وانظروا إلى العبارة الأخيرة: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، وكيف تركز على مرحلة الطفولة، حيث يعاني الأبوين كثيراً من أجل سعادة الأطفال، وهذا ما تثبته الأبحاث العلمية يوماً بعد يوم! بالله عليكم: هل يمكن لبشر يصفونه بالإرهاب والتخلف والجهل والتشدد... أن ينطق بمثل هذه العبارات؟؟!
ولنتساءل الآن: ما هي الأشياء التي دفعت النبي للاهتمام بهذه القضية لو لم يكن رسولاً من عند الله؟! وما هي حاجته للخوض في مثل هذه القضايا الاجتماعية الحساسة، في زمن كان القوي يأكل فيه الضعيف، وكان النبي مشغولاً بقضايا أهم من هذه القضية مثل نشر الدعوة وإقناع المشركين بصدق دعوته، ووجود هذه النصوص في القرآن يدل على أنه نبي مرسل من عند الله تعالى.