أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية ــ الرباط
أكدت البروفيسور أمل بورقية الطبيبة المختصة في مجال معالجة أمراض الكلي وتصفية الدم، على أن تكريس ثقافة التبرع في وسط المجتمع المغربي يعد ضرورة قصوى من أجل تطوير زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
وأضافت في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة تخليد المغرب، على غرار باقي دول العالم، لليوم العالمي للتبرع وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية، الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، أنه يتعين التعاطي بأكبر قدر من الجدية مع موضوع نقل وزرع الأعضاء من خلال تكريس ثقافة التبرع، وتوسيع مجالها من أجل إنقاذ الأرواح البشرية، لأن للعلاج بالتصفية له تكلفة كبيرة جدا.
ومن أجل بلوغ هذه الغاية، قالت " نشتغل كثيرا في مجالي التعريف والتحسيس بشأن عمليات نقل الأعضاء وزرعها، والحال أن الأعضاء البشرية لا يمكن صناعتها وهذا يعني بالضرورة وجود متبرعين كثر".
وتابعت أن التبرع بالأعضاء ينظمه القانون رقم 16-98 ، الذي يحث كل شخص بمقدوره التبرع، وهو على قيد الحياة، على تقييد نفسه للقيام بذلك، لافتة إلى أن الأمر يتعلق بالشخص حديث الوفاة أو الذي يوجد في حالة موت دماغي، وما تزال بعض الأعضاء حية، لأن الدماغ يتوقف قبل القلب.
وحسب رئيسة جمعية (كلي)، فإن القانون لا يسمح بالتبرع بالأعضاء بالنسبة لشخص يوجد في حالة موت دماغي إلا إذا كان عبر عن رغبته في ذلك وهو على قيد الحياة، وقيد نفسه ضمن سجلات التبرع التي يشرف عليها رئيس المحكمة الابتدائية، أو في السجلات المفتوحة بالمستشفيات.
في هذا السياق سجلت أن عملية نقل وزرع الأعضاء تسير ببطء كبير وطنيا، نظرا لقلة عدد الناس الذين يتبرعون في غياب ثقافة التبرع في المجتمع .
لذلك، تضيف، يتعين تغيير القانون الذي له صلة بالتبرع وزرع الأعضاء، وذلك سيرا على نهج عدد من البلدان الذين لديها عمليات تبرع كبيرة ثم زراعة مهمة، كفرنسا وبلجيكا وإسبانيا، حيث غيرت هذه الأخيرة القوانين بشكل يسمح بشكل تلقائي لجميع الناس بالانخراط في عمليات التبرع باستثناء من عبر عن رفضه لذلك.
وأوضحت في هذا السياق" هنا تحديدا نقلب المعادلة .. أي من يقيد نفسه ضمن سجل الرفض بالمحكمة هم الذين يعبرون عن رفضهم التبرع من أعضائهم".
وتابعت أن تغيير القانون يساهم في تطوير زراعة الأعضاء والأنسجة، وفي حث جميع المغاربة على مناقشة الموضوع مع أسرهم، ثم إن كل إنسان يتعين عليه اتخاذ قرار شخصي بشأن رغبته في التبرع أولا .. فإذا رغب في ذلك فلن يقوم بأي إجراء.
كما أن تغيير القانون سيساعد على تطوير هذه الزراعة، لأنه لا يمكن البقاء ضمن هذه الوتيرة، " فنحن لدينا ما يقرب من 1200 شخص مسجلين في سجلات التبرع فقط منهم أزيد من 700 في الدار البيضاء ".
وبشأن مساهمة جمعية(كلي) في بلوغ هذه الغايات، قالت إن الجمعية اشتغلت كثيرا على مستوى الدار البيضاء، حيث " قمنا بتسجيلات جماعية كثيرة، فنظمنا لقاءات تواصلية وتحسيسية بالمحكمة من أجل تشجيع الناس على الانخراط في هذه العملية، فيقوم القاضي المسؤول على سجل التقييد بشرح هذه العملية برمتها، وكيف يحمي القانون المتبرعين".
أنذاك يتم الاختيار بين التوقيع في السجل في حالة الاقتناع، وإذا لم يحصل الاقتناع يتم الحصول على المعلومة الدقيقة ريتما يحصل هذا الاقتناع، بل أكثر من ذلك يمكن حتى التراجع عن عملية التوقيع في أي لحظة.
وأشارت إلى أن هذه التقييدات أفضت إلى الانتهاء من السجل الأول المتضمن ل 475 تسجيل، وتم فتح السجل الثاني الذي تعثر بفعل كورونا، مع الإشارة إلى أن الجمعية عازمة في الوقت الراهن على القيام بحملات أكثر.
في هذه اللقاءات " نسعى لإقناع الناس بأن الأمر يتعلق بإجراء بسيط، لكن حين نتحدث عن المحكمة يكون هناك نوع من التخوف "، كما جاء على لسان بورقية.
وقالت أيضا " في لقاءاتنا المباشرة كنا نسأل الناس عن نيتهم في التبرع فيكون عدد كبير منهم موافقون، لكنهم لا يمرون لما هو عملي، وهذا يعني التردد في اتخاذ المواقف.. وبناء عليه كنا نغتنم تنظيم قوافل طبية لإثارة هذا الموضوع مع الناس بالمدن كما في البوادي كي نكرس ثقافة التبرع بالنسبة للمجتمع المغربي ".
في سياق متصل أبرزت أنه حتى قبل الأزمة الناتجة عن كورونا اشتغلت الجمعية على أفلام وأغاني وكتب وملصقات وفيديوهات ووسائل التواصل الاجتماعي، من أجل التواصل والتفاعل والتعرف على عمليات التبرع، وكذا الحصول على المعلومة الدقيقة والمفيدة.
وتابعت " مثلا كنا نقول للناس إذا أردتم معرفة موقف الدين الإسلامي من عمليات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة عليكم بأهل الاختصاص ( المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية)،" مع الإشارة إلى أننا نظمنا لقاءات مع أعضاء هذه المجالس وعبروا عن استعدادهم للتعاون وتقديم المعلومة الكافية.
وأشارت إلى أن جهد الجمعية مهم للغاية لكنه غير كاف لوحده، وهنا تكمن أهمية تضافر جهود الجميع، لأن الأمر يتعلق بمسؤولية مشتركة، لكن مع ذلك سجلنا تغييرا كبيرا في التعاطي مع هذا الموضوع مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل حوالي 10 سنوات.
وعن الآفاق التي تفتحها عملية نقل وزرع الأعضاء، اعتبرت أن الأهم في هذه العملية برمتها، هو هل نرغب في مساعدة مواطنينا أم لا ؟ فنحن من نقرر، لأن مسالة الزرع تقتضي بالضرورة وجود عضو منقول من جسم إنسان، وفي غياب ذلك لا وجود لعملية الزرع.
ولفتت إلى أنه يتعين الاستفادة من تجربة جيراننا الإسبان، لأنهم قاموا بعمل قاعدي واشتغلوا كثيرا على هذا الموضوع ( المعامل، المدارس، الكليات ، والمستشفيات، وغيرها)، وأصبحوا حاليا في مراتب متقدمة جدا عالميا.
وخلصت إلى أن عمليات التصفية (الكلية الاصطناعية) مهمة لكنها لا تحل المشكل في جوهره وهي مكلفة جدا، ومع ذلك نقول إننا محظوظين لوجود تصفية، لكن بالنسبة للفشل في القلب والكبد فالمشكل عويص.. لذلك فإن المجتمع المغربي لا ينبغي له أن يبقى صامتا، لأن أي أحد قد يمرض ويحتاج لهذه الزراعة، ولذلك يتعين التفكير في الموضوع بشكل جدي، لأن الأمر يتعلق بموضوع اجتماعي وليس طبي.
وحسب البروفيسور بورقية، فإن زراعة الأعضاء والأنسجة فتحت آفاقا كبيرة، لأنه في السابق هناك فقط التصفية لكن حاليا تطور العلم والطب بشكل كبير، وفتح أفقا كبيرا للاستشفاء .. لايمكن الاكتفاء فقط بإنشاء مراكز التصفية من دون القيام كذلك بعمليات الزرع.
التصفية تعيق الحياة بالنسبة للصغار والشباب كما الكبار، كما قالت، فضلا عن تكلفتها الكبيرة بالنسبة للأشخاص والمجتمع.
خلاصة القول : المريض الذي يخضع للتصفية يكون عبءا على نفسه وأسرته ومجتمعه عكس المريض الذي يخضع لعملية الزرع والذي يصبح فاعلا ونشيطا.