أخبارنا المغربية
بقلم: إسماعيل الحلوتي
في الوقت الذي مازال فيه الحديث في القنوات التلفزيونية الوطنية ومختلف وسائل الإعلام، لما عرفته أجور الموظفين والعمال من زيادة في القطاعين العام والخاص، إثر توقيع رئيس الحكومة عزيز أخنوش يوم 29 أبريل 2024 قبل انطلاق احتفالات العيد الأممي للعمال، على محضر اتفاق بين الحكومة من جهة، والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية من جهة أخرى، يتم بموجبه إقرار زيادة عامة في الأجور
حيث أنه باستثناء الموظفين المستفيدين من الزيادة في الرواتب في مرحلة سابقة مثل التعليم والصحة، سيستفيد العاملون بالقطاع العام من مبلغ قدره ألف درهم شهريا على شطرين، الأول ابتداء من فاتح يوليوز 2024، والثاني ابتداء من فاتح يوليوز 2025، بالإضافة إلى تخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة لجميع الموظفين والأجراء بأثر شهري يصل إلى 400 درهم بالنسبة للفئات المتوسطة الدخل. وبموازاة ذلك ستتم في القطاع الخاص زيادة بنسبة 10 في المائة في الحد الأدنى للأجور، مع تفعيل هذه الزيادة على دفعتين: الأولى في فاتح يناير 2025 والثانية في فاتح يناير 2026
وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن أن هناك نوعا من "المقايضة" بين الحكومة والمركزيات النقابية إثر اتفاق جولة أبريل 2024، بغرض تمرير قوانين الإضراب وإصلاح أنظمة التقاعد، التي توليها الحكومة أهمية خاصة وتسابق الزمن من أجل إيجاد صيغة ملائمة لإنقاذ صناديق التقاعد، حيث تم تشكيل لجنة تقنية مكلفة بالإصلاح، التي عقدت في هذا الصدد عدة اجتماعات خلصت إلى اقتراح بعض السيناريوهات الممكنة، ومن ثم وضع المبادئ الأساسية بعد إدخال إصلاحات مقياسية تدريجية ذات طابع استعجالي، على أن يتم تنزيل المرحلة الثانية من الإصلاح على المدى المتوسط، تهدف إلى إرساء منظومة تقاعد ثنائي القطب (عمومي/خصوصي)، في أفق اعتماد نظام أساسي موحد على المدى البعيد.
ولاسيما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أوصى بالتفعيل العاجل للإصلاح الهيكلي والشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب، حيث أكد على أن إرساء منظومة وطنية للتقاعد، تكون تضامنية وناجعة ومستدامة وقادرة أيضا على تلبية انتظارات الأجيال الحالية والقادمة من الأشخاص النشيطين والمتقاعدين وضمان حقوقهم، يستلزم العمل على التعجيل بتفعيل مسلسل تعزيز توازنات أنظمة التقاعد الموجودة وتوطيد الانتقائية بين مصادر تمويلها وخدماتها والإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها ونمط حكامتها.
فإن هناك في المقابل حناجر فئة من المواطنين تكاد تنفجر من فرط الاستنكار والتنديد بتوالي خيباتها، جراء التهميش الذي يلحقها من قبل الحكومات المتعاقبة وإقصائها المستمر من الزيادات التي تحظى بها رواتب الموظفين والأجراء، وهي فئة المتقاعدين سواء المدنيين أو العسكريين، الذين ما انفكت أعدادهم تتزايد في السنين الأخيرة إلى أن أصبحوا يشكلون طبقة جديدة في المجتمع، من شأنها تشكيل قوة ضغط مستقبلا على مدبري الشأن العام. لأنهم يعانون أكثر من الأمراض المزمنة وتدني قدرتهم الشرائية، ويرفضون التمادي في تجاهل أوضاعهم المتردية ليس فقط من صناع القرار السياسي وواضعي المشاريع والبرامج الحكومية، بل حتى من المركزيات النقابية والأحزاب السياسية، التي لا يهمها من أمر هذه الشريحة الاجتماعية التي تقدر بحوالي ثلاثة ملايين شخصا إلا الحصول على أصواتهم عند مواسم الانتخابات، مع أنهم ساهموا بتفان ونكران الذات في خلق الثروة ووضع قطار التنمية على سكته الصحيحة، منذ فجر الاستقلال.
ترى كيف يعقل أن يتواصل حرمان المتقاعدين من أي زيادة تقرها الحكومات المتوالية، إذا ما علمنا أن الظهير الشريف رقم 205.89.1 الصادر في 21 جمادى الأولى 1410 (21 دجنبر 1989) بخصوص القانون رقم: 89.06 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 71.011 في 12 ذو القعدة 1391 (30 دجنبر 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، ينص في الفصل 44-2 على: تضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات المستحقين عن أصحابها ، بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة التي كان ينتمي إليها الموظف، أو المستخدم عند حذفه من سلك الموظفين أو المستخدمين التابع له؟ وهل من العدل التنكر لما أسدوه من خدمات جليلة وقدموه من تضحيات جسام في سبيل نهضة الوطن، والإبقاء على الفصل 37 من قانون التقاعد الهادف إلى تجميد معاشاتهم، والاستمرار في تطبيق الضريبة على الدخل، بدل العمل على إلغائه؟
إن ما يؤسف له هو أنه بخلاف ما توليه عديد البلدان الديمقراطية من عناية خاصة بمتقاعديها، عبر ما توفره لهم من خدمات اجتماعية إن على مستوى تعدد الأندية الثقافية والرياضية، تخفيض أسعار مختلف البضائع والتنقل والعلاج وغيره، يعاني المتقاعدون في بلادنا من الإهمال ومعاشات هزيلة ومجمدة، بالكاد تكفي لتدبر بعض المصاريف اليومية، في ظل مسلسل الارتفاع الصاروخي للأسعار في السنوات الأخيرة، مما يضطر معه البعض إلى الخروج للعمل من أجل مواجهة تكاليف العيش والتطبيب، في انتظار أن تتحرك ضمائر كبار المسؤولين في اتجاه جبر خواطرهم ورفع معاناتهم..
Boudriss
[email protected]
الغريب أن الذين اقصوا هذه الشريحة سيصبحون متقاعدين طال الزمن او قصر و رغم ذلك لا يكلفون انفسهم عناء التفكير في هذه الشريحة . ام انهم ( اصحاب القرار) لا يهمهم تقاعد جوج افرانك .