أخبارنا المغربية : وكالات
انعكست سنوات الجفاف الطويلة في المغرب بصورة سلبية على الحياة في “زيز”، التي تعد أكبر واحة في المملكة.
فالماء بات عملة نادرة بهذه الواحة الواقعة جنوب شرقي المغرب في ظل نضوب آبارها وبحيراتها، فيما تراجع إنتاج أشجار النخيل بها، وتصاعدت وتيرة الهجرة منها.
يأتي ذلك فيما تعد الحكومة بإجراءات تعيد لهذه الواحة وغيرها من واحات المملكة حُلتها الخضراء وبهائها.
وجراء الجفاف المستمر للعام السادس على التوالي، والذي يترافق مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة، يواجه المغرب تهديدا حقيقيا، وسط مخاطر محدقة بالقطاع الفلاحي، المحرك الرئيسي لاقتصاد البلاد.
واحة زيز، التي يُطلق عليها أيضا اسم “تافيلالت”، نموذج جلي للعيان عن أضرار الجفاف على نمط الحياة في المغرب.
فرغم أن هذه الواحة معروفة بقدرتها على تحمل تقلبات المناخ، من قبيل العواصف الرملية ودرجات الحرارة المرتفعة، إلا أن ندرة المياه باتت تشكل خطورة كبيرة على المعيشة بهذه الواحة.
في هذا الصدد، قال علي أوجا، وهو أحد المزارعين بواحة “زيز”، إن الواحة كانت معروفة في السابق بوفرة المياه المستمدة من آبارها وبحيراتها، لكن مع تراجع معدلات سقوط الأمطار في سنوات الجفاف الحالية نضبت المياه في العديد من هذه الآبار والبحيرات.
وبالتالي، أدى الجفاف، وفق المزارع المغربي، إلى تراجع معدلات إنتاج أشجار النخيل بمختلف مدن الواحة، مثل أولاد شاكر وأرفود وأوفوس والريصاني وكلميمة والجرف وتنغير وتنجداد.
ويمثل ذلك خسارة كبيرة لسكان الواحة؛ نظرا لأن النخيل يعد عصب النشاط الفلاحي والاقتصادي في الواحات المغربية، ويُساهم بما يتراوح بين 20 بالمئة و60 بالمئة من الدخل الزراعي لأكثر من 1.4 مليون مغربي، بحسب أرقام رسمية.
لم يكن النخيل المتضرر الوحيد من الجفاف في واحة زير، بل النشاط الفلاحي بأكمله، كما حذر أوجا.
وأضاف المزارع المغربي متحسرا: “لقد أتى الجفاف على الأخضر واليابس في الواحة”.
وأردف: “بعدما كان المزارعون الصغار يحققون الاكتفاء الذاتي في المنتجات الزراعية مثل القمح والذرة والفول والتمور والزيتون والزيوت، باتوا الآن يشترون هذه المواد كلها من الأسواق”.
وفي ظل الجفاف المترافق مع حرارة مرتفعة صيفا، تصاعدت وتيرة الحرائق في هذه الواحة في الفترة الأخيرة، والتي أتت على الكثير من أشجار النخيل بها.
وفي هذا الخصوص، أشار أوجا إلى اندلاع حرائق، مؤخرا، بعدد من مدن الواحة المُحاطة بأشجار النخيل، مثل أولاد شاكر وأوفوس وتنغير.
وفي مدينة أولاد شاكر، تظهر على أشجار النخيل بقايا الدخان الأسود الناجم عن الحرائق.
يحدث ذلك، رغم أن أوجا يؤكد أن هذه الواحة لم تكن تعرف في السابق ظاهرة الحرائق نهائيا.
في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، يدق المزارع المغربي ناقوس الخطر من تصاعد وتيرة الهجرة من الواحة.
وقال أوجا إن توالي سنوات الجفاف دفع الكثير من الأسر إلى ترك الواحة؛ ما سيخلق مشاكل كبيرة على مستوى التواجد السكاني بالمنطقة.
إذ بات العديد من ضيعات النخيل في الواحة خاوية على عروشها بعدما هجرها السكان هربا من ندرة المياه.
وفي محاولة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ناشد أوجا السلطات المغربية بدعم صغار المزارعين، ومساعدتهم على مواجهة ندرة المياه بالمنطقة؛ فـ”هم يشكلون الأغلبية في الواحة، التي تعتبر رئة المنطقة بأكملها”.
وطالب بـ”مساعدة المزارعين في الواحة بعمليات حفر الآبار؛ من أجل توفير المياه اللازمة لسقي الأراضي واستمرار الزراعة بالمنطقة”.
وحذر من أنه حال لم يتم توفير المياه سريعا؛ فإن الأسر في الواحة، التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي، “ستجد نفسها مضطرة إلى الرحيل والهجرة”.
على النحو ذاته، طالب حقوقيون من الواحة، عبر تصريحات إعلامية، بنقل المياه إلى واحتهم على غرار ما حدث بمناطق أخرى، فضلا عن إطلاق مشاريع لتنمية هذه الواحة بالنظر إلى إمكانياتها الكبيرة من الثروات المعدنية.
من جانبه، أكد المدير العام للوكالة المغربية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، مصطفى فوزي، أن سلطات البلاد تقوم بجهود كبيرة لحماية الواحات من مخاطر الجفاف، بما فيها واحة زيز.
وفي تصريح للأناضول، أضاف فوزي أن الوكالة تعمل على إنجاز مشاريع جديدة لحل المشاكل التي تواججها الواحات جراء الجفاف، في إطار توصيات سابقة لوزارة الزراعة.
ولفت في هذا الصدد إلى أنه “تمت المصادقة أخيرا على اتفاقية لتنمية الواحات بميزانية قدرها 545 مليون درهم، والتي تهدف إلى إعادة تأهيل الواحات، والحد من الحرائق بها، وتوفير احتياجاتها من المياه.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية تشمل أيضا إنشاء 50 كيلو مترا من السواقي (لنقل المياه) والخطارات (طريقة تقليدية لنقل المياه تحت الأرض) وتوزيع 1000 من فسائل النخيل.
وأشار إلى أن استراتيجية الوكالة بخصوص الواحات تشمل أيضا الحد من الحرائق بها، عبر إنشاء لجان إقليمية لتنسيق عمليات الإطفاء، وتحديد الواحات الأكثر عرضة للحرائق، مثل واحة زيز.
ولفت إلى أن ظاهرة الحرائق مرتبطة بالتغيرات المناخية، بالإضافة إلى تغير نمط حياة المواطنين أيضا.
وأوضح أن مواطني الواحات كانوا في السابق يعتمدون على حطب النخيل كوسيلة للطهي، مما كان يخلص الواحة من كميات كبيرة من جريد النخيل، إلا أنهم باتوا يعتمدون حاليا على أسطوانات الغاز ما أدى إلى الاستغناء عن هذا الحطب، الذي يُعد الشرارة الرئيسية للحرائق.
وأضاف أن الواحات مهددة أيضا بظاهرة التصحر والجفاف؛ مما أدى إلى تراجع مردودية هذه الواحات من الناتج الزراعي.
ووفق تقرير للمعهد المغربي لتحليل السياسات، فإن “الواحات تغطي 15 في المئة من مجموع مساحة البلاد، ويقدر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة”، أي ما يعادل 5 بالمئة من مجموع سكان المملكة.
وفي ظل ندرة المياه في البلاد، دعا العاهل المغربي، محمد السادس، في 29 يوليوز الماضي إلى تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، الذي يستهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب من المياه سنويا.
وأضاف في خطاب متلفز أن مشاريع هذه المحطات ستمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب، إضافة إلى سقي مساحات زراعية كبيرة، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
كما أقرت الحكومة في وقت سابق برنامجا وطنيا للتزود بالمياه لاستخدامها في الشرب والري للفترة الممتدة بين 2020 و2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم.
مصطفى
تقرير غير مدقق
ضيعات جد ضخمة بالقرب من بوذنيب بوعرفة تندرج أيضا من الأسباب الحقيقية لندرة مياه مسكي وواحة زيز عموما. ضيعات بين الراشيدية وكلميمة ... الاستعمال المفرط للفرشة المائية والتي للأسف لا تتجدد وازدياد عدد هته الضيعات ومنحها ترخيصات دون مراعاة هذا الجفاف.