أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية - محمد الحبشاوي
عرفت الحدود الفاصلة بين مدينة الفنيدق وسبتة المحتلة، خلال الأيام القليلة الماضية، استنفارًا أمنيًا غير عادي، بسبب توافد عدد كبير من الشباب والقاصرين الذين لا تتعدى أعمارهم 18 سنة، الراغبين في الوصول إلى الثغر المحتل عبر السباحة أو عن طريق اختراق حاجز معبر تراخال.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر إعلامية إسبانية أن المئات من المهاجرين السريين المنحدرين من أصول مغربية وجزائرية وجنوب الصحراء، وصلوا الأسبوع الماضي إلى مدينة سبتة المحتلة عبر تجاوز حاجز معبر "تاراخال"، مستغلين الضباب الكثيف الذي صعب الرؤية في المنطقة.
وحول هذه الأحداث التي شهدتها المنطقة الحدودية، سجل مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب في بلاغ له توصلت "أخبارنا" بنسخة منه، ارتفاع محاولات الهجرة غير النظامية خلال شهري مايو ويونيو بمعدل يفوق 300% مقارنة بشهري مايو وأبريل 2024.
وأوضح المرصد أنه في الفترة المذكورة نجح ما بين 1200 و1300 مهاجر غير نظامي، جلهم شباب من الفئة العمرية 15 و24 سنة، في الوصول إلى سبتة المحتلة. وأغلبهم مغاربة، حيث عبر 90% منهم الحدود البحرية مع الفنيدق، و5% عبر حدود المدينة البحرية مع بليونش، و5% عبر السياج الحدودي.
وتابع البلاغ نفسه أنه في حين تمكن حوالي 15 مهاجرًا مغربيًا من دخول مدينة مليلية المحتلة، سجل المرصد أيضًا هجرة غير نظامية لمنتخبين تابعين لجماعات ترابية بإقليم الناظور.
وكشفت الهيئة الحقوقية استمرار تفضيل أغلب المهاجرين غير النظاميين، بمن فيهم قاصرون غير مصحوبين، الوصول إلى مدينة سبتة سباحةً، مع تحول نوعي من الهجرة الفردية إلى الشكل الجماعي عبر استغلال نزول الضباب الذي يعوق المراقبة الأمنية عبر الحدود البحرية.
وسجل المرصد ارتفاع محاولات هجرة القاصرين غير المصحوبين نحو شواطئ سبتة المحتلة انطلاقًا من شواطئ الفنيدق بمعدل سباحة يصل إلى أزيد من 10 كيلومترات، تستغرق ما بين 10 إلى 15 ساعات بين المقطع البحري الفنيدق – سبتة، أو بليونش – سبتة الذي يستغرق ساعتين كمعدل ويعرف تيارات بحرية، وتزداد خطورة هذا المقطع بسبب الصخور التي توجد على شواطئه.
وأكد مرصد الشمال لحقوق الإنسان في ختام بلاغه أنه قام بتجميع البيانات والمعطيات بعد فحص وتدقيق بناءً على شبكة علاقات وتواصل مباشر مع أطراف متعددة، ورصد لما يُنشر على شبكات التواصل الاجتماعي بعد التأكد من صحة المعطيات الواردة فيها.
وتعليقا على الموضوع، يرى الخبير الدولي، وأستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي الدكتور أحمد الدرداري، أن تدفق المهاجرين سباحةً نحو المدينة المحتلة يثير قلقًا واسعًا بين السلطات المغربية والإسبانية، كما أنه يكلف مجهودات كبيرة، سواء بالنسبة للحرس المدني الإسباني ودوريات الإنقاذ البحري الإسباني، وذلك من حيث التعامل مع الظاهرة، أو بالنسبة للسلطات المحلية بعمالة المضيق الفنيدق بحكم اختلاط أجناس المهاجرين، لا سيما وأن الهجرة في طور المحاولة غير خاضعة للتجريم ويتم التعامل معها كظاهرة اجتماعية بتقديم المساعدة وإرجاع المهاجرين إلى بلدهم وأوطانهم طبقًا للاتفاقيات الدولية.
ويضيف الخبير الدولي في تصريحه لـ"أخبارنا"، أنه حسب تقارير عمل الدوريات المغربية ودوريات الإنقاذ الإسبانية، فإن العشرات من الأشخاص يركبون البحر سباحة، فمنهم من حاول الاستمرار في السباحة، ومنهم من غرق، ومنهم من حاول الهروب من قوارب الإنقاذ عبر العودة إلى البحر رغم الخطر القاتل الذي يحدق به.
وتابع المتحدث أنه بعد المجهودات التي قامت بها السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية، تم إنقاذ العشرات من الأشخاص من الموت المحقق، من بينهم القاصرين الذين وصلوا إلى سبتة ويحملون الجنسية المغربية. الشيء الذي يقتضي إرجاعهم إلى وطنهم لكونهم أطفالًا غير راشدين.
ومعلوم أن السلطات الأمنية المغربية والوقاية المدنية، تمكنت من إيقاف المئات من المهاجرين وانتشالهم من الغرق بشاطئ مدينة الفنيدق القريب من سبتة المحتلة، وذلك أثناء محاولتهم التسلل سباحة إلى سواحل سبتة بأعداد كبيرة، مشيرًا إلى أن عملية التسلل الجديدة أبانت عن وجود أيادٍ خفية تقف وراء هذه الأفعال الإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
وأردف أستاذ القانون أن المغرب قد أبرم في وقت سابق اتفاقية مع إسبانيا، تتعلق بعمليات استقبال المهاجرين القاصرين والبالغين من الجزائر وجنوب الصحراء الكبرى بعد وصولهم لسبتة المحتلة، فيما تم الاتفاق على إرجاع المغاربة البالغين إلى نقطة انطلاقهم بالفنيدق.
وفي معرض تصريحه، قال الدكتور الدرداري إن سبتة ومليلية تعتبرهما السلطات الإسبانية جزءًا من الاتحاد الأوروبي، بينما يعتبرهما المغرب مدينتين محتلتين من طرف إسبانيا، ويقتضي الأمر اتخاذ تدابير مشتركة إلى حين تسليمهما للمغرب دون تصعيد بحكم أن الموضوع يتعلق بسيادة المغرب الترابية، وأن الوضع السياسي للمدينتين يجب أن يُدبر مرحليًا بشكل تشاركي أو عبر تجربة للحكم الذاتي.
وأوضح الخبير أنه مع وجود ضغوط كبيرة على البحرية المغربية والإسبانية التي تتعامل يوميًا مع إنذارات بوجود تدفق للمهاجرين وتعرضهم للغرق، يجب الإسراع في البحث عن الحلول الحقيقية وتقوية التزامات المغرب تجاه دول الاتحاد الأوروبي بالحوار والنقاش حول تكلفة الهجرة السرية التي تهدد الأشخاص، وخلق مدن لاستقرار المهاجرين تتوفر على كل وسائل العيش الكريم لتخفيف الضغط على الاتحاد الأوروبي إلى حين تسليم سبتة ومليلية للمغرب وغلق الحدود طبقًا للقانون الدولي، ومن ثم التحكم في الهجرة بالوسائل البديلة والحد من المآسي والكوارث التي تخلفها هذه الظاهرة الخطيرة في الأرواح.
وختم أحمد الدرداري رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات تصريحه بالقول إن الوضع الأمني الصعب يعبر عنه العدد الإجمالي للمهاجرين الذين سبحوا إلى سبتة هذا العام، وحسب المنظمات والجمعيات والمراكز الحقوقية، فإن استمرار محاولات الهجرة قد يخلف مستقبلاً كارثة إنسانية يتحمل فيها الاتحاد الأوروبي مسؤولية المرونة والأنسنة في التعامل مع الهجرة كحق طبيعي، سياسي واجتماعي. لذا يجب الانكباب على دراسة الأسباب وليس فقط واقع الحال، وإنشاء منشآت مخصصة للقاصرين لتجنب ترك هذه الفئة دون استقبال ملائم وتعرضهم للخطر النفسي والجسدي، في انتظار حل أزمة المدينتين سياسيًا بين المغرب وإسبانيا، ومن ثم تخفيف نقل المسؤولية كاملة للمغرب لمراقبة حدوده، وهو قادر على إنهاء الهجرة غير النظامية إذا حصن حدوده واسترجع المدينتين خلال السنوات المقبلة.
حسن
الحلّ الجدري
الحل الجدري هو ترحيل كلّ من هاجر سرياً في الحين وعودته من حيث اتى. بهذه الطريقة تفقد منطقة لفنيدق جاذبيتها بالنسبة للحرّاكة. بهذه الطريقة سيبحث الحراكة وعلى الخصوص الأفارقة جنوب الصحراء عن مناطق أخرى ولما لا الجزائر أو أو