دويتشه فيله
رغم أن اختراعه بات في كل منزل بأنحاء العالم، لكنه لم ينل ذلك النصيب من الشهرة، كتوماس أديسون الذي له الفضل في العديد من المخترعات التي غيرت حياتنا أو العالم الإيطالي غوليلمو ماركوني الذي يصدح اختراعه في منازلنا وسياراتنا بالموسيقى والبرامج الإذاعية. وكذلك المهندس الأمريكي ويليس هافيلاند كارير، الذي حول اختراعه قيظ الصيف إلى نعيم بارد.
نحن نتحدث هنا عن راينر ماليبراين مخترع أول فأرة حاسوب ذات كرة دوارة، الذي سهل اختراعه من استخدام الحاسوب ليجعله في متناول الهواة أيضاً. ولم يتبق من أول فأرة ماوس صنعها ماليبراين سوى أربع قطع في العالم، وقام المخترع البالغ من العمر 85 عاماً بإهداء واحدة من تلك القطع النادرة للغاية لمتحف في ألمانيا.
ويقول المخترع الألماني: "هذه هي الفأرة الأصلية، لقد كنا متقدمين للغاية في عصرنا، طورناها خلال الفترة بين عامي 1965 و1968، عندما لم تكن هناك أجهزة كمبيوتر شخصية، حيث كانت كلمة "بي سي" (أي الكمبيوتر الشخصي) غير موجودة بعد".
وجاءت تصريحات المهندس المنحدر من المنطقة المحيطة بكونستانس في جنوب ألمانيا، بينما كان يقدم الفأرة كقرض دائم إلى "متحف ومنتدى هاينز نيكسدورف"، وهو أكبر متحف للكمبيوتر في العالم، ويقع في مدينة بادربورن.
وقد قام ماليبراين بتطوير الفأرة لصالح شركة "تيليفونكن" التي قامت منذ عام 1968 ببيعها مع أهم جهاز كمبيوتر في ذلك الوقت، وهو "تي. آر 440". ومع ذلك، فقد تم بيع 46 جهازاً فقط من هذا النوع، وذلك للجامعات بصورة خاصة، حيث كان باهظ الثمن، إذ وصل سعره إلى 20 مليون مارك ألماني (نحو 11.5 مليون دولار)، بحسب ما يقوله ماليبراين.
ولكن سرعان ما طوى النسيان الفأرة، التي تبلغ تكلفتها 1500 مارك ألماني. كما لم يكن هناك براءة اختراع. ويسترجع قائلاً: "لم يكن هناك في ذلك الوقت أي نقاش بشأن التطبيقات الممكنة، أي أن الفأرة كان يمكنها أن تدفع التفاعل بين الإنسان والآلة". ولم تكن شركة "تيليفونكن" مهتمة بها كثيراً، بينما كرس ماليبراين نفسه لاختراعات أخرى. ولم يبدأ الانتصار العالمي لفأرة الكمبيوتر- التي كانت ما تزال قائمة على نظام ماليبراين، بحسب ما يؤكده هو و"متحف ومنتدى هاينز نيكسدورف"- حتى ثمانينيات القرن الماضي.
ويعتبر تطوير الفأرة من جانب المخترع الأمريكي دوجلاس إنجيلبارت أمراً أساسياً. وفي أواخر عام 1968 - وبعد مرور شهرين على تقديم الاختراع الألماني - قدم إنجيلبارت أيضاً فأرة كمبيوتر شخصي في الولايات المتحدة. ولكن الإصدار الأمريكي لم يكن مجهزاً بكرة دوارة، ولكن بعجلتين. وقد تم الاحتفاء بهذه الفأرة، ولكن بقيت الفأرة الألمانية غير معروفة.
ولم يكن هناك اتصال بين المخترعين الاثنين الموجودين في سان فرانسيسكو وكونستانس، بحسب ماليبراين. وقد تم إعطاء اختراع إنجيلبارت اسم جذاب، وهو "ماوس" أي (الفأرة). وأفاد الموقع الالكتروني الخاص بمتحف تاريخ الكمبيوتر، الذي يتخذ من كاليفورنيا مقرا له، بأن إنجيلبارت لم يستطع أن يتذكر كيف جاء هو والآخرون بالاسم: "مجرد أنها بدت كفأر له ذيل فحسب، وقد أطلقنا عليها جميعا ذلك الاسم".
ولكن، ماذا أطلق المخترعون الألمان على اختراعهم؟ يتذكر قائلاً: "لقد كنا شبه محرجين... وأطلقنا على الشيء كله اسم (التحكم في كرة التعقب)". إلا أن ماليبراين مقتنع بأن جهازه كان "أعلى بكثير في التصميم" بالمقارنة مع النسخة الأمريكية، وتوجد اليوم القطع الثلاث الأخرى في شتوتغارت بالقرب من ميونخ، وفي الولايات المتحدة فقط. وهناك قصة أيضاً حول كيفية عودة الفأرة الرابعة الخاصة بماليبراين إلى مخترعها، ومن ثم إلى المتحف: قبل عشر سنوات، صادف مؤرخ التكنولوجيا، رالف بيلو، تقريراً حول الاختراع في مجلة "تيليفونكن"، تعود إلى تشرين أول/ أكتوبر من عام 1968، بحسب ما يوضح. وقد نشره للجمهور. ثم قام زميل سابق بعد ذلك بتهنئة ماليبراين على "إنجاز الفأرة"، ثم تتبع في وقت لاحق عينة كانت تعمل بصورة ممتازة، بحسب ما يقوله المخترع المتقاعد. ومن الممكن حالياً مشاهدة ذلك بشكل دائم في متحف بادربورن.