أخبارنا المغربية ـ وكالات
لا تزال فضيحة "فالا فالا" المرتبطة بعملية سرقة أكثر من 580 ألف دولار بالعملة الأجنبية، مخبأة على أريكة في المزرعة الخاصة لرئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، تثير جدلا واسعا في جنوب إفريقيا، وهي الآن معروضة على أنظار المحكمة الدستورية.
وأدت هذه القضية إلى إحراج رئيس الدولة ورئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (الحزب الحاكم) الذي يرى الخناق يضيق حوله أكثر فأكثر، خاصة مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحزب لاختيار قيادتة الجديدة.
وعلى الرغم من أن البرلمان والمؤسسات الأخرى قد برأت رامافوزا من أي مخالفات في هذه الفضيحة المدوية، فإن أحزاب المعارضة، وخاصة المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية وحركة التحول الإفريقية، لا تنوي الاستسلام. وتقدمت بطعن أمام أعلى محكمة في البلاد احتجاجا على ما وصفته بـ"القرار السياسي" الصادر عن الجمعية الوطنية القاضي بعدم مواصلة التحقيق في إقالة رئيس الدولة.
وترتبط الفضيحة بشكوى جنائية قدمها رئيس المخابرات السابق آرثور فريزر في عام 2022، واتهم رئيس جنوب إفريقيا بعدم الإبلاغ عن سرقة وقعت سنة 2020 في مزرعته الخاصة "فالا فالا" في ليمبوبو، لما يزيد عن 580 ألف دولار بالعملة الأجنبية، وهو ما يتعارض مع قانون مكافحة الجريمة المنظمة.
وفي أعقاب هذه القضية، خلصت لجنة برلمانية شكلها رئيس البرلمان السابق، مابيسا نكاكولا، في تقرير إلى أنه يتعين محاسبة رامافوزا على الانتهاكات الجسيمة للدستور لأنه عرض نفسه لتضارب المصالح، بعد أن قام بعمل مدفوع الأجر بالخارج وانتهاك قانون مكافحة أنشطة الفساد.
ولذلك أوصت اللجنة بأن يبدأ البرلمان إجراءات إقالة رئيس الدولة. لكن نواب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذين يشكلون الأغلبية، رفضوا التقرير في تصويت مثير للجدل. ولم يكن رد فعل أحزاب المعارضة متأخرا، حيث استنكروا محاولة نواب الحزب الحاكم إقبار هذه القضية لحماية رئيس الحزب.
- إقالة الرئيس خيار سياسي بامتياز
لكن قضية عزل الرئيس عادت الآن إلى أعلى محكمة في البلاد، مع الطعن القضائي الذي تقدم به المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية، والذي قد يشكل سابقة مهمة.
وبعيدا عن التداعيات السياسية بالنسبة لرامافوزا، فإن هذه القضية قد تكون لها أهمية قانونية كبيرة على المدى الطويل، وخاصة فيما يتعلق بإجراءات إقالة رئيس الدولة، والتي لم تدرسها المحكمة الدستورية بعمق بعد.
وبالنسبة لأحزاب المعارضة، لا يمكن للبرلمان أن يرفض النتائج التي توصلت إليها لجنة مستقلة إلا لأسباب محددة ومقبولة قانونا، بمجرد أن تقرر اللجنة أن هناك أسبابا كافية للإقالة.
وفي حديثه أمام مجلس مقاطعة غوتنغ، اتهم زعيم حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية"، جوليوس ماليما، الرئيس رامافوزا بالفساد وحذر من المساس بمستقبل البلاد من خلال التسامح مع عدم مسؤولية رئيس الدولة.
ولزيادة الضغط، نظم أنصار المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية وحركة التحول الإفريقية مسيرة في شوارع المدينة الاقتصادية جوهانسبرغ.
ومع شعوره باقتراب الخطر، شدد المؤتمر الوطني الإفريقي أمام البرلمان على أنه لن يسمح بأن يكون رئيس الدولة هدفا للتحقيق في مسألة الإقالة لأنه، كما قال، "فكرة طوباوية" للأحزاب السياسية الأخرى.
علاوة على ذلك، اعترض حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بشدة على المزاعم المقدمة أمام المحكمة بأن نوابه أجبروا على رفض تقرير اللجنة المستقلة، المقدم إلى الجمعية الوطنية في سنة 2022.
أما رئيس الدولة الذي يبدو أنه في مأزق، فقال إن خيار المعارضة رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية بعد 14 شهرا من الحادث كانت مناورة سياسية محسوبة تهدف إلى التأثير على الانتخابات المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن سقف الرهانات مرتفع في محاولة المعارضة إرغام الجمعية الوطنية على إقالة رئيس جنوب إفريقيا بتهم تتعلق بسرقة العملات الأجنبية المخبأة في مزرعته. فالعزل هو حتما خيار سياسي.
ومع ذلك، هناك شيء مؤكد، حتى لو نجا الرئيس رامافوسا من هذه الفضيحة مرة أخرى، فلن يتمكن أبدا من الهروب من وصمة المال المخبأ على أريكته والجهود غير القانونية التي يبذلها جهازه الأمني لاستعادتها.