أخبارنا المغربية- عبد المومن حاج علي
أكدت عدة تقارير سعي المغرب إلى لعب دور محوري في حل الأزمة السياسية في النيجر من خلال التوسط للإفراج عن الرئيس المخلوع محمد بازوم، وذلك بعد نجاح وساطة سابقة في بوركينا فاسو، تمكن خلالها المغرب من إطلاق سراح أربعة ضباط فرنسيين كانوا محتجزين بتهمة التجسس، في خطوة تعكس مكانة الدبلوماسية المغربية ومصداقيتها في القارة الإفريقية.
وقالت المصادر ذاتها، أن التوقيت الحالي قد يكون مناسبا لتسوية تفضي إلى إطلاق سراح بازوم مقابل التزامه بعدم ممارسة أي نشاط سياسي مستقبلا، ما قد يفتح المجال لخفض حدة التوترات في البلاد.
ويتمتع المغرب بعلاقات وطيدة مع دول الساحل الإفريقي، بما في ذلك النيجر، ويرتكز على سياسة متوازنة قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما عززت المملكة حضورها الإقليمي من خلال مشاريع اقتصادية وتنموية، شملت بناء محطات كهرباء وتحسين البنية التحتية في النيجر، مما أكسبها مصداقية وشعبية بين شعوب المنطقة.
واستفاد المغرب من خبرته الطويلة في حل النزاعات الإفريقية، حيث كان له دور فاعل في تسويات أزمات مثل الأزمة الليبية، ما يجعله شريكا موثوقا لدى المجتمع الدولي في مثل هذه المواقف.
ومع ذلك، تواجه الوساطة المغربية في النيجر تحديات جمة، أبرزها شكوك أعضاء المجلس العسكري الحاكم في التزام بازوم بالتخلي عن العمل السياسي، كما أن تمسك الرئيس المخلوع برغبته في العودة إلى السلطة ورفضه تقديم أي تنازلات يضع عراقيل أمام تحقيق أي تقدم ملموس، يضاف إلى ذلك مخاوف المجلس العسكري من التأثير السياسي الذي قد يمارسه بازوم في حال الإفراج عنه، مما يجعل العملية أكثر تعقيدا وحساسية.
ويقدم نجاح الوساطة المغربية في بوركينا فاسو نموذجا مشجعا يمكن الاستناد إليه في الأزمة الحالية، حيث تم إطلاق سراح الضباط الفرنسيين المحتجزين بفضل طلب مباشر من الملك محمد السادس، وهي خطوة لقيت تقديرا كبيرا من فرنسا واعتبرت نجاحا للدبلوماسية المغربية، ما يعزز الثقة في قدرة المغرب على تحقيق نجاح آخر في ملف النيجر، رغم الصعوبات التي تحيط بالموقف.
وتبرز الوساطة المغربية في ظل هذه المعطيات كجهد دبلوماسي جدير بالاهتمام، يعكس رؤية بعيدة المدى لدور المغرب في تعزيز الاستقرار الإقليمي، حيث ورغم أن الطريق نحو حل الأزمة ليس سهلا، إلا أن الخبرة المغربية، إلى جانب التوقيت الملائم والنهج المتوازن، قد يشكلان مفتاحا لتحقيق تسوية تضمن الإفراج عن بازوم وتهدئة الأوضاع في النيجر، وبالتالي تجنيب البلاد تطاحنات قد تعصف بالاستقرار.