أخبارنا المغربية - وكالات
ابتكر السوريون لغة مشفرة للتواصل، تعتمد على الرموز والإشارات، نتيجة عقود من القمع الذي فرضه نظام الأسد. وعانى السوريون من انعدام الثقة حتى بين أفراد الأسرة، حيث زرع النظام الخوف في جميع جوانب الحياة اليومية. ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، تناقل السوريون عبر الأجيال تحذيراً يقول: "الجدران لها آذان"، ما دفعهم لتطوير شفرة تتيح مناقشة المواضيع الحساسة دون الوقوع في قبضة المخابرات.
واستخدم السوريون تعابير مشفرة مثل "خط جميل" للإشارة إلى شخص يُشتبه بأنه مخبر، بينما استخدموا إشارات إلى "السقف" كناية عن الحكومة. وأوضح التقرير أن هذه اللغة لم تكن مقتصرة على المدنيين، بل استخدم النظام أيضاً تعابير خاصة به، مثل دعوة الشخص "لتناول كوب من الشاي" لاستجوابه، أو "فنجان من القهوة" للعقوبات الأشد قسوة.
مع مرور السنوات، دفع الخوف من الاعتقال السوريين إلى استخدام أسماء وهمية لتجنب الملاحقة. ووفقاً لعالم الكمبيوتر ثابت بيرو، كانت كلمة "دولار" تُستخدم في البداية للإشارة إلى العملة الأجنبية، قبل أن تتحول إلى تعابير أخرى مثل "البقدونس" و"النعناع"، لتجنب لفت انتباه السلطات التي جرّمت التداول بالعملة الأجنبية.
وعلى الرغم من خروج نظام الأسد من السلطة في بعض المناطق، لا تزال بصمات عقود من الخوف تسيطر على حياة السوريين. وأفاد بيرو، الذي يعيش في الخارج، أنه ما زال يعاني من كوابيس مفادها أن ما حدث مجرد حلم، وأن السلطات ستأتي لاعتقاله في النهاية.
ومع انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة، يعود آلاف السوريين من الخارج إلى وطنهم. ويأمل هؤلاء في طي صفحة الخوف والرقابة، لكن آثار القمع الطويلة الأمد تبقى حاضرة في نفوسهم، حيث ما زال البعض يجد صعوبة في الوثوق بالآخرين بعد عقود من المراقبة والترهيب.